الإثنين 6 مايو / مايو 2024

الغنوشي أمام القضاء.. هل يتعمد قيس سعيّد تعكير الأجواء قبل الاستفتاء؟

الغنوشي أمام القضاء.. هل يتعمد قيس سعيّد تعكير الأجواء قبل الاستفتاء؟

Changed

يسلط "العربي" الضوء على خلفيات وتوقيت مثول الغنوشي أمام المحكمة (الصورة: غيتي)
بعد مثول راشد الغنوشي أمام قاضي التحقيق بتهمة "تبييض أموال"، برزت اتهامات لسعيّد بتوظيف القضاء لتصفية الخصوم السياسيين مع اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور.

أكّد رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي المنحل راشد الغنوشي، أنه منذ الانقلاب في يوليو/ تموز من العام الماضي يجري العمل على تشويه صورته وتلفيق التهم له.

وأثناء مثول الغنوشي أمام القضاء التونسي، اليوم الثلاثاء، بتهمٍ تتعلق بغسل الأموال، ذكر أن هذه التهم الموجهة إليه "تندرج في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق، وضرب قيم الجمهورية ومكاسبها".

كما عدّ رئيس حركة النهضة مثوله أمام القضاء انتصارًا لنضال القضاة من أجل استقلال قطاعهم واحترام هياكله ورفض مساعي الضغط عليه وتوظيفه ومعاقبة بعزلهم أو تشويه صورتهم، على حدّ قوله.

تزامنًا، شهدت محاكمة الغنوشي تجمعًا لنحو 200 محتج أمام مقر الجلسة وسط انتشار أمني كثيف، لتأمين إدلائه بشهادته في جلسة تمهيدية أمام قاضي التحقيقات.

في السياق، كان قاضي التحقيق في تونس قد أمر هذا الشهر بتجميد حسابات الغنوشي البنكية وكذلك حسابات رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي وآخرين من حركة النهضة.

ويأتي استجواب الغنوشي، قبل أسبوع من إجراء الرئيس قيس سعيد استفتاءً على دستور جديد للبلاد يوم 25 يوليو/ تموز الجاري.

هل يتعمد سعيد تعكير الأجواء؟

ومن تونس، يعقّب بلحسن اليحياوي الكاتب والباحث السياسي على تصريحات الغنوشي قائلًا إن ما يمكن فهمه مما يحدث هو أن القضاء التونسي تمكّن أخيرًا من كسر الأغلال التي كانت تكبّله والسيطرة التي مارستها عليه بعض القطاعات الحزبية، معارضًا كلام رئيس البرلمان عن توظيف سعيد للقضاء.

وبالتالي، لا يرى أن للرئيس مصلحة بتعكير الأجواء قبيل موعد الاستفتاء، نافيًا الاتهامات بأن يكون سعيد يستخدم القضاء من أجل إقصاء خصومه السياسيين عن المشهد السياسي.

وتابع: "جميع المواطنين بمن فيهم نائب في البرلمان أو رئيسه يقفون أمام القضاء التونسي على حد سواء، بغض النظر إذا كان مدانًا أم لا.. فهذا الأمر هو من صلب عمل القضاء".

ومن وجهة نظره، يرى اليحياوي أن راشد الغنوشي تمتع في السابق بحصانة برلمانية بعد انتخابات 2019، إلى جانب حصانة "بوصفه الحزب الأكبر في تونس.. ولم يتم استدعاؤه في السابق لأنه كان ينظر إليه على أنه رجل فوق القانون ويد العدالة"، حسب قوله.

ويمضي الباحث السياسي بالقول: "النظر إلى هذا الملف على أنه يأتي في سياق سياسي هو أمر طبيعي، كون البلاد تعيش حالة سياسية متوترة وتنازع بين مختلف الآراء".

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أثناء توجهه للمثول أمام قاضي التحقيق - غيتي
رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أثناء توجهه للمثول أمام قاضي التحقيق - غيتي

"صراع محتدم بين الانقلاب والديمقراطية"

في المقابل، يعتقد زهير إسماعيل القيادي في حركة مواطنون ضد الانقلاب لـ"العربي"، أن الكلام عن أن لا مصلحة لسعيد من محاكمة الغنوشي هو نوع من التبرير، فمحاكمة الغنوشي تأتي ضمن الصراع المحتدم بين الانقلاب والديمقراطية.

وشددّ إسماعيل على أن ما حدث في تونس هو انقلاب على الدستور وعلى الديمقراطية، بحيث "تم هدم كل المؤسسات التي تم بناؤها في سنوات الانتقال الـ10 وتحديدًا القضاء عبر حل سعيد المجلس الأعلى في أول كلمة لسعيد يوم 25 يوليو 2021، منصبًا نفسه ناطقًا باسم النيابة العمومية قبل أن يتراجع عن ذلك".

ومع ذلك، يلفت القيادي في حركة مواطنون ضد الانقلاب إلى أنه رغم الإجراءات الأحادية من طرف سعيد، هناك مقاومة حقيقية من قبل الجسم القضائي تجسدت بالإضراب وتعليق العمل منذ حوالي الشهر، إلى جانب إضراب الجوع الذي بدأه عدد من القضاة المعزولين.

وأضاف إسماعيل: "نحن إذًا أمام مرحلة انتقالية فهناك مقاومة من القضاء وهناك من يحاول أن يطوع هذا القطاع.. وتأتي إحالة الغنوشي ضمن سياق اختبار تطويع القضاء".

تخوف على مصير المعارضة

أما حول التخوف من أن يكون مصير الحركات السياسية المعارضة بعد الاستفتاء على دستور سعيّد خارج الحياة السياسية، فيقول القيادي في حركة النهضة التونسية بلقاسم حسن إنّ هذا هو التهديد الأكبر، ففي هذا الوضع هناك تهديد للديمقراطية وللشرعية في تونس بشكل عام.

وصرح القيادي من تونس: "الضحية هنا ليست حركة النهضة بل تونس والشعب التونسي الذي يعاني الأمرين بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية.. ونحن اليوم مستهدفون كحزب وأعضاء لأننا ضد الانقلاب وليس بسبب رغبة سعيد بإصلاح الأوضاع".

وباعتقاد حسن أن سبب رغبة سعيّد الشديدة في اعتقال الغنوشي تعود إلى إصراره على تصفية الخصوم، ولا سيما مع قرار محكمة المحاسبات الذي أسقط حكم الابتدائي ومنح حركة النهضة 5 سنوات من الترشح.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close