الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

الملف النووي.. طهران تهاجم الوكالة الذرية وتصف قراراتها بـ"المسيسة"

الملف النووي.. طهران تهاجم الوكالة الذرية وتصف قراراتها بـ"المسيسة"

Changed

نافذة إخبارية لمراسل "العربي" حول موقف طهران من وكالة الطاقة الذرية (الصورة: رويترز)
دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران إلى استئناف الحوار "على الفور" لتجنب أزمة كبيرة من شأنها أن تجعل إنقاذ الاتفاق بشأن برنامجها النووي "أكثر تعقيدًا".

اعتبرت إيران أن قرار مجلس محافظي الوكالة الذرية ضدها كان "قرارًا سياسيًا بحتًا ومخطط له مسبقًا"، لافتًا إلى أن إسرائيل تستغل الوكالة لتحقيق مصالحها بدعم من الولايات المتحدة.

وكانت الوكالة قد أصدرت مؤخرًا تقريرًا اعتبرت فيه أن طهران لم تقدم إيضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع غير مصرّح عنها.

والنص الذي قدمته الولايات المتحدة ومجموعة الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) هو أول انتقاد لطهران تصوّت عليه الوكالة التابعة للأمم المتحدة منذ يونيو/ حزيران 2020، على خلفية تسريع البرنامج النووي الإيراني وتوقف المفاوضات الرامية إلى إحياء اتفاق عام 2015.

ووافق 30 عضوًا على القرار الذي عارضته روسيا والصين، وفق دبلوماسيين، فيما امتنعت الهند وليبيا وباكستان عن التصويت.

"قرارات مسيسة"

وفي التفاصيل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده اليوم الإثنين في مؤتمره الأسبوعي: إنّ "مدير الوكالة الذرية الدولية وضع الوكالة رهن إشارة الكيان الصهيوني".

وأوضح خطيب زاده "أن قرارات الوكالة باتت صورية بسبب هذا الكيان الذي يستغل القوانين والأدوات الدولية لتحقيق مآربها بدعم من الولايات المتحدة، ونحن نواجه كيانًا محتلاً ظالمًا يتحلى بسلوك إجرامي ويحاول أن يستهزئ بالقوانين الدولية".

وأضاف أن الوكالة تخضع لسيطرة أميركا والترويكا الأوروبية واتخذت قراراتها طبقًا لإملاءات هذه الدول، مؤكدًا أنه كانت لدى إيران ردود صارمة تجاه تصرف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، وقرارات الوكالة المسيسة.

وأوضح أن الأجواء التي يثيرها غروسي نابعة من تأثره بالإعلام المغرض، مضيفًا أن ما تنفذه إيران يأتي طبقًا للالتزامات التي وقعت عليها.

وأكد خطيب زاده أن الخطوات التي قامت بها إيران ردًا على قرار مجلس محافظي الوكالة لا تنتهك اتفاق الضمانات الشاملة، داعيًا مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن يركز على الأطراف التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي.

"زيارة غروسي إلى إسرائيل"

وردًا على سؤال آخر حول زيارة غروسي إلى تل أبيب، قال خطيب زاده: "من المؤسف أن غروسي بصفته مديرًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، دفع الكيان الصهيوني إلى استغلال المنظمة".

واعتبر أن رسالة هذه الزيارة واضحة مثل أي عمل دبلوماسي آخر وهي لزوم سعي المدير العام للوكالة ملتزم إلى استقلالية هذه المنظمة وحيادها، لكن غروسي قام بزيارة شخصيات خاطئة في زمان ومكان خاطئين، وبذلك وجه ضربة سيئة لسمعة الوكالة، بينما لم يوقع الكيان الصهيوني حتى الآن على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: لم نتمكن من ترك العمل السياسي وغير الفني للوكالة من دون رد، لذلك اتخذنا إجراءات حاسمة ومتناسبة، مضيفًا: يقولون إن القرار صدر بهدف التوصية فقط، لكن لم يكن هناك حاجة لتقديم قرار.

وبخصوص تقليص التزامات إيران بموجب الاتفاق النووي الإيراني، قال: إنّ ما فعلته الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان ردًا على تصرفات الجانب الآخر، لافتًا إلى أنه في حال التوصل إلى اتفاق في فيينا مستقبلًا، ستكون جميع تصرفات إيران قابلة للتراجع، لكن الضغوط التي فرضت على الشعب الإيراني غير قابلة للتعويض.

وتابع: إذا التزم الأميركيون إلى تعهداتهم بموجب الاتفاق النووي يمكننا الذهاب إلى فيينا غدًا ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية، مؤكدًا أن الاتفاق في متناول اليد إذا تغلبت الولايات المتحدة على استخدام آليات الضغط ووهم النفوذ في عملية التفاوض.

الطاقة الذرية تدعو إيران إلى استئناف الحوار

وعلى المقلب الآخر، دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران إلى استئناف الحوار "على الفور" لتجنب أزمة كبيرة من شأنها أن تجعل إنقاذ الاتفاق بشأن برنامجها النووي "أكثر تعقيدًا".

وكانت طهران أعلنت هذا الأسبوع أنها "ستغلق 27 كاميرا"، كانت تسمح للمفتشين الدوليين بمراقبة أنشطتها النووية، بعد تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا ينتقد عدم تعاونها.

وقال المدير العام للوكالة رافايل غروسي في حديث لقناة "سي أن أن" الأميركية أمس الأحد: "في الوقت الذي أتحدث فيه معكم، تم الأمر، لقد أزيلت هذه الكاميرات"، "بالإضافة إلى أنظمة مراقبة أخرى عبر الإنترنت". وكرّر أن الأمر "خطير جدًا جدًا".

وحذر من أن "التاريخ الحديث يعلمنا أنه ليس جيدًا أبدًا أن نقول للمفتشين الدوليين: عودوا إلى منازلكم. عندما نسلك هذا المسار، تسوء الأمور عادة"، داعيًا القادة الإيرانيين إلى "العودة إلى طاولة المفاوضات على الفور".

وشدد على "وجوب معالجة الوضع، ويجب أن نواصل العمل معًا"، لأن "الطريقة الوحيدة لتكسب إيران الثقة التي تحتاج إليها بشدة لازدهار اقتصادها"، "هي السماح بوجود مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وأوضح غروسي أنه من دون هذه الكاميرات، لن تتمكن الوكالة في المستقبل القريب من تحديد ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني لا يزال "سلميًا"، وبمعنى آخر، لن يتمكن أحد أن يضمن أن إيران لا تصنع قنبلة ذرية. وحتى إذا أعاد الإيرانيون توصيل هذه الكاميرات في غضون بضعة أشهر، فإن ما فعلوه خلال هذا الوقت سيبقى سريًا، ما قد يجعل أي اتفاق حول أنشطتهم غير مجدٍ.

ويأتي تصاعد التوتر في وقت تحاول فيه القوى الكبرى إنقاذ اتفاق عام 2015 المبرم مع إيران بشأن برنامجها النووي، والذي أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.

وحذر غروسي من أنّه "باتخاذ هذه القرارات، يصبح إحياء الاتفاق أكثر صعوبة".

امتعاض إيران من غروسي

وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" حازم كلاس، بأن طهران ممتعضة جدًا من سلوك المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، سواء من خلال زيارته إلى تل أبيب وعقده اجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين قبيل اجتماع مجلس حكام الوكالة، أو من خلال التقرير الذي أعده ونفى فيه وجود تعاون إيراني فيما يتعلق بأسئلة طرحتها الوكالة على طهران، أو تسريبه لبعض محتويات هذا التقرير قبل عرضه على المجلس، أو من خلال التصريحات التي أدلى بها خلال الأيام الماضية والتي رأت الجمهورية الإسلامية بأنها تدخلًا في شؤونها الداخلية.

وأضاف كلاس أن هذا الامتعاض الإيراني تمثل بدعوات برلمانية في طهران بوضع قيود على سفر غروسي إليها، بخاصة وأن هذه التطورات جاءت بعد زيارات عدة قام بها إلى العاصمة الإيرانية تعهد قبلها بأن يتم التوصل إلى حلول تقنية فيما يتعلق بعقد كانت قائمة في مفاوضات فيينا، ورأت إيران أن جولاته لم تسفر عن أي نتائج إيجابية بل كانت نتائجها عكسية.

وفي سياق متصل، طلب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اليوم من الصحافيين عدم طرح المزيد من الأسئلة عن غروسي حول مستوى العلاقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرًا إلى أن العلاقة مع الوكالة تمضي ضمن البروتوكولات المحددة، حسب ما أفاد مراسل "العربي".

وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترمب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران. وردّت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أنه مستعد للعودة إلى الاتفاق شرط أن تعود إيران إلى التزاماتها. لكن المفاوضات متعثرة وتبدو أقرب من أي وقت إلى الفشل.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في اتصال مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان السبت، أنّ "الدبلوماسية يجب أن تسود من أجل العودة إلى التنفيذ الكامل" للاتفاق، وفق بيان صدر الأحد.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close