الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

انتخابات ليبيا المؤجَّلة.. مشهد متأزم ومسار متعثر وآمال معلّقة

انتخابات ليبيا المؤجَّلة.. مشهد متأزم ومسار متعثر وآمال معلّقة

Changed

مع تأجيل الموعد الانتخابي، تزداد مخاوف الليبيين من عودة الخلافات العميقة إلى مربعها الأول وعودة الاعتبارات المناطقية والقبلية لتؤثر في المسار السياسي.

لم يُنجَز الاستحقاق الانتخابي الليبي في موعده، وعُلّقت الآمال الشعبية بطيّ صفحة الخلافات، بعدما أصبحت الانتخابات الرئاسية "في حكم المجهول"، بعدما مرّ اليوم الموعود، أي 24 ديسمبر/ كانون الأول، كغيره من الأيام.

وطُرحت علامات استفهام كثيرة حول المشهد الليبي المتأزّم بعدما تعثّر المسار الانتخابي الذي راهن عليه الليبيون قبل المجتمع الدوليّ، وسط تجاذبات كبيرة على مسرحه السياسي في ظلّ وضع أمني مثير للقلق يقوّض الاستقرار ويثير المخاوف من عودة ليبيا إلى المربع الأول.

باختصار، تداخلت الأوراق الليبية لتضع المعادلة السياسية في مفترق طرق، فما هي الإشكالات السياسية والقانونية التي أعاقت إجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها؟ وكيف هي خريطة صراع النفوذ؟ وما هي حظوظ إنقاذ العملية السياسية؟

هل تعود الخلافات العميقة بين الليبيين؟

فصلت ساعات قليلة بين إعلان لجنة متابعة الانتخابات في مجلس النواب استحالة إجراء الانتخابات في موعدها، واقتراح مفوضية الانتخابات تأجيل الموعد، لينتهي الوضع بإعلان السلطات تأجيل الاستحقاق المنتظر.

غير أنّ تأجيل الانتخابات يطرح إشكالًا قانونيًا وجدلًا سياسيًا حول تمديد عمل حكومة الوحدة الوطنية التي تنتهي مهامها عمليًا بعد إجراء الانتخابات، ليصبح المشهد السياسيّ محكومًا بين المعطيات السياسية والإجراءات القانونية.

ومع تأجيل الموعد الانتخابي، تزداد مخاوف الليبيين من عودة الخلافات العميقة بين الأطراف السياسية إلى مربعها الأول وعودة الاعتبارات المناطقية والقبلية لتؤثر في المسار السياسي الفاقد للتقاليد الانتخابية.

وتبدو هذه المخاوف مشروعة في ظلّ التشكيك بإمكانية تحديد موعد انتخابي جديد قابل للتنفيذ مع غياب خارطة طريق واضحة لإزالة الأسباب التي حالت دون إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده.

"تجاوزات" داخلية وخارجية

تتحدث عضو ملتقى الحوار والباحثة في الدراسات الإستراتيجية والدولية ماجدة الفلاح أسباب داخلية وخارجية أدّت إلى تأجيل الانتخابات، مشيرة إلى وجود بنود كثيرة في خارطة الطريق لم تطبَّق.

وتلفت الفلاح في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أنّ هذه الخارطة جاءت لتمهّد للوصول إلى مرحلة الاستقرار وتعزيز الشرعية، ووضعت نقاطًا مهمّة للوصول إلى نهاية المرحلة الانتقالية، من خلال إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول.

وفيما تؤكد وجود عوامل داخلية بأيدي الليبيين أنفسهم خلف تأجيل الانتخابات، تلفت إلى عوامل كانت البعثة الأممية جزءًا أساسيًا فيها، خصوصًا في ضوء تغيير إدارتها في منتصف الطريق، "حيث حصل إهمال في تطبيق خارطة الطريق".

وتخلص إلى أنّ الجانب الداخلي لا يقلّ أهمية عن الجانب الخارجي، مشيرة إلى عدم تضمين خارطة الطريق في الاتفاق السياسي، وكان هذا التجاوز الأول، كما أنّ قوانين الانتخابات صدرت من دون أيّ قاعدة دستورية.

إشكالية دستورية "قديمة العهد"

من جهته، يرى الأكاديمي والخبير القانوني صالح الزحاف أنّ الإشكالية الدستورية في الحياة السياسية الليبية ليست حديثة، وإنما قديمة ناشئة عن غياب المؤسسات السياسية منذ نهاية العهد الملكي، حيث مُنِعت الأحزاب السياسية وتمّ الحدّ من الحركة النقابية.

ويشير الزحاف في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أن الفراغ المؤسساتي في المجتمع الليبي هو الذي أدى إلى ولادة حالة من الفراغ الدستوري وصعوبة ولادة قواعد دستورية مستقرة وثابتة تحكم الحياة السياسية في ليبيا.

ويلفت إلى أنّ الأطراف الخارجية التي جاءت إلى ليبيا لم تأتِ بنوايا سليمة، وإنما جاءت بأجندات ليبيا هي إحدى محطاتها، ليتوقف المشروع بعد ذلك في سوريا نتيجة التدخل الحاد من طرف روسيا وإيران، حيث بقيت الحالة الليبية معلّقة.

ويشدّد على أنّه كان من الممكن السير بالمشروع السياسي الليبي على قواعد الإعلان الدستوري الصادر سنة 2011 والتعديلات التي تلته، ولا سيما وثيقة فبراير، ولكنه يرى أنّ البرلمان الليبي "شبه مختطف" حيث يتحكم به شخص أو مجموعة أشخاص، بالتعاون مع جهات خارجية، وهو ما أدّى إلى تشوّه في العمل التشريعي الليبي الذي يتعلق بالعملية الانتخابية.

"ضغوط" على المؤسسة القضائية

أما المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة أشرف الشح فيعتبر أنّ الضغط باتجاه إجراء انتخابات رئاسية دون وجود دستور دائم للدولة الليبية ودون وجود أسُس تحدّد حدود الصلاحيات والاختصاصات بين المؤسسات، كان من العوامل الرئيسية التي أدّت إلى فشل العملية برمّتها.

ويشير الشح في حديث إلى "العربي"، من روما، إلى تصميم قانون الانتخابات الذي أصدره رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بمفرده، دون الإجراءات المعتادة في البرلمانات، مع الشروط التي وُضِعت، والتي حاول فيها إبعاد بعض الشخصيات التي لها حيثية وحضور.

ويلفت إلى أن المؤسسة القضائية في ليبيا واقعة تحت ضغوط من الصعب تحمّلها أو مقاومتها، مع محاولتها الاحتفاظ بحيادها وقدرتها على التعاطي بحذر مع مختلف المسائل التي تُعرَض عليها، مشدّدًا على أنّ إقحامها في الصراع السياسي سبّب نوعًا من الصدمة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close