الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

دعا لاستفتاء على الدستور.. المشري لـ"العربي": مفوضية الانتخابات عاجزة

دعا لاستفتاء على الدستور.. المشري لـ"العربي": مفوضية الانتخابات عاجزة

Changed

دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة الأطراف الليبية إلى الحوار المباشر من دون وسطاء، وحمّل مفوضية الانتخابات المسؤولية الأكبر عن "فشل" الانتخابات.

اتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري عددًا من العاملين في البعثة الدولية بمحاولة إطالة الأزمة السياسية.

وفي تصريحات خاصة لـ"العربي"، دعا المشري الأطراف الليبية إلى الحوار المباشر من دون وسطاء، مشدّدًا على وجوب تنظيم استفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات بعد ذلك.

وحمّل المشري مفوضية الانتخابات المسؤولية الأكبر عن خيبة الأمل التي أصابت الشعب الليبي نتيجة إخفاق تنظيم العملية الانتخابية.

ورأى أنّ إدارة المفوضية أصبحت عاجزة عن إدارة أي عملية انتخابية أو استفتاء، "والأجدى لها الاستقالة".

واعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة أنّ الانتخابات فشلت لعدم توافر الحدّ الأدنى من العوامل اللازمة لنجاحها، مشيرًا إلى أنّه "لا توجد حتى الآن خطة عملية لمعالجة أسباب فشل" هذه الانتخابات.

وإذ نفى القيام بأيّ خطوة لعرقلة الانتخابات، كشف عن تواصل يحصل مع كل الأطراف السياسية لإيجاد قاعدة دستورية وتعديل قوانين الانتخابات.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ تعديل قوانين الانتخابات سيؤثر على القوائم والمرشحين بشكل كبير.

لماذا فشلت الانتخابات؟

واعتبر المشري في مستهل حديثه لـ"العربي"، أنّ الانتخابات فشلت لأنّها لم تكن تحمل في طيّاتها أي عامل من عوامل النجاح.

وأوضح أنّ الانتخابات هي عملية متكاملة، وليست محصورة فقط بجانب التصويت، حيث تبدأ بالأساس الدستوري مرورًا بالقوانين وتهيئة المناخ للانتخابات، وصولًا إلى إيجاد جسم قادر على إجراء الانتخابات وتوفير بعض المستحقات الأساسية، إضافة إلى سائر الإجراءات.

ولفت إلى أنّ عملية التصويت جزء واحد من العملية الانتخابية، ملاحظًا أنّ المشكلة أنّه لم يتم التركيز إلا على عملية التصويت.

"العبثية" مستمرة في إدارة الانتخابات

وانتقد المشري كيف تمّ التركيز على يوم محدّد لإجراء الانتخابات بطريقة عبثية وليس بطريقة علمية مدروسة، في إشارة إلى تاريخ 24 ديسمبر/ كانون الأول، الذي كان محدَّدًا للانتخابات، والذي عُلّقت كلّ آمال الليبيين عليه، على حدّ تعبيره.

وأضاف: "نحن قلنا منذ البداية إنه إذا لم تكن الأسس موجودة فإن العملية برمتها ستُنسَف وهذا ما حصل". ورأى أنّ ما حصل ولّد شعور غضب لدى الناس التي كانت تعلّق آمالًا على العملية الانتخابية، وهو ما يظهر بعدد المرشحين المرتفع.

واعتبر المشري أنّه "لا توجد حتى الآن خطة عملية لمعالجة أسباب فشل العملية الانتخابية"، مشيرًا إلى أنّ ما وصفها بـ"العبثية" مستمرّة في التعاطي مع الاستحقاق المنتظر. وحذر من أنّ "تكرار العملية مع وجود أسباب الفشل نفسها ستؤدي إلى النتيجة نفسها".

عماد السائح يتحمل المسؤولية الأولى

ورأى رئيس المجلس الأعلى للدولة أن رئيس مفوضية الانتخابات هو من يتحمّل مسؤولية التأجيل بالدرجة الأولى، وبالتالي مسؤولية "خيبة الأمل" التي أصابت الليبيين جراء ذلك.

وقال: "رئيس مفوضية الانتخابات يحاول أن يعبث من جديد بإرادة الليبيين عبر تحديد يوم عبثي آخر هو 24 يناير/ كانون الثاني"، مضيفًا: "ما لم تعالَج الأسباب الحقيقية وهي وجود حد أدنى من التوافق ووجود قاعدة دستورية ووجود قوانين قابلة للتطبيق واستقلالية حقيقية للقضاء فإن العملية الانتخابية ستفشل من جديد".

واعتبر أنّ عماد السائح يتحمّل المسؤولية بالدرجة الأولى "لأنه صمّ آذانه وأغمض أعينه عن الحقيقة"، مشيرًا إلى أنّ الأخير كان يعلم أنّ القوانين الانتخابية معيبة، "لكنه كان مدفوعًا بدعم قوي جدًا من السفراء، حيث كان يوميًا يلتقي بسفير أو اثنين ويلتقي دوريًا سفراء الدول العظمى".

وأشار إلى أنّ السائح كان يظن أن دعم السفراء كاف لإجبار السلطات المحلية على الخضوع لإرادة هذه الدول وإجراء انتخابات معيبة بالشكل المعيب، واصفًا ذلك بأنّه "سوء تقدير"، لأنّ "الدول الأجنبية لا تستطيع التحكم بالأمر في النهاية لهذه الدرجة"، على حدّ قوله.

مقاطعة الانتخابات "أمر ديمقراطي"

وفيما رأى أنّ "العبثية مستمرة للأسف"، شدّد على أنّ من شارك في هذه العملية "العبثية" يتحمل المسؤولية أيضًا بشكل أو بآخر، لكنّه نفى أن يكون قد قام بأي خطوة لعرقلة الانتخابات.

وأوضح أنّ معارضة الانتخابات ومقاطعتها "أمر ديمقراطي" في كلّ دول العالم، لكنّ عرقلتها في المقابل، هي الأمر المرفوض.

وكشف أنّه امتنع حتى عن عملية التصويت، عبر رفض استلام البطاقة الانتخابية، لأنه اعتبر أنّ الانتخابات بهذا الشكل "عملية باطلة وفاشلة"، مشدّدًا على أنّ هذا السلوك هو "حق"، باعتبار أنّ "التصويت حق وليس واجبًا، وأنا مارست حقي في عدم التصويت".

ولفت إلى أنّ نسبة استلام البطاقات ليست معيارًا لحجم المشاركة في الانتخابات، موضحًا أنّه "لو تمّت الجولة الأولى من الانتخابات لبانت حقيقة الأمر".

الوضع الحالي لا يقبله كل ليبي لديه ضمير

من جهة ثانية، اعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أنّ الوضع الحالي في البلاد لا يقبله كل ليبي لديه ضمير.

وانتقد طريقة إدارة مفوضية الانتخابات للعملية بحد ذاتها، كاشفًا أنّه طلب على سبيل المثال أن تكون هناك كاميرات في مراكز الاقتراع، "لكنها اعترضت من دون مبرر"، معتبرًا أنّ هذا الأمر "يدل على أنه كانت هناك رغبة مسبقة في توجيه الانتخابات بشكل معيّن".

ورأى أن تعديل القوانين الانتخابية "واجب" وليس فقط "ممكنًا" بعد تأجيل الانتخابات، مجدّدًا التأكيد على وجوب معالجة الأسباب التي أدّت إلى فشل الانتخابات "لنصل إلى نتائج مرضية وحقيقية".

الأجدى بمفوضية الانتخابات الاستقالة

وفي سياق متصل، كشف المشري أنّه يتواصل مع كل الأطراف السياسية لإيجاد قاعدة دستورية وتعديل قوانين الانتخابات.

ورأى أنّ إدارة المفوضية أصبحت عاجزة عن إدارة أي عملية انتخابية أو استفتاء، "والأجدى لها الاستقالة".

واعتبر أنّ "الأساس الدستوري يجب أن يكون واضحًا"، مضيفًا: "بعد ذلك نتحدث عن القوانين وبعد ذلك نتحدث عن إمكانيات المفوضية البشرية والمادية". وشكّك في "قدرة المفوضية وفي جاهزيتها وفي حياديتها وفي صدقها".

"لقاء قريب" مع عقيلة صالح

وأكد المشري أنّ تعديل قوانين الانتخابات سيؤثر على القوائم والمرشحين بشكل كبير.

ولفت إلى ما حدث حتّى في القضاء، مذكّرًا بحادثة محاصرة المحكمة في سبها، حيث لم يستطع القضاة الدخول وتم تهديدهم، مشيرًا إلى أنّه "عندما عقدت جلسة عقدت في ظروف استثنائية"، ولافتًا إلى أنّ "كل هذه الأمور تضع علامات استفهام على النتائج التي تأتي تاليًا".

ورأى أنّ أهم الأسباب الرئيسة للأزمة هو عدم توافق مجلسي الدولة والنواب، موضحًا أنّ مجلسي الدولة والنواب لا يمثلان نفسيهما بل يمثلان في حقيقة الأمر التيارات السياسية الرئيسية في ليبيا. وذكّر بأنّه وجّه في أول كلمة وجّهها إلى الشعب الليبي بعد استلامه منصبه، طلبًا لزيارة مجلس النواب، "وما زلت أنتظر الجواب".

وكشف أنّه يدرس عقد لقاء مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في وقت قريب، نافيًا أن يكون المكان قد حُدّد، متحدّثًا عن "خيارات عدّة". وأشار إلى أنّ الهدف الرئيسي من اللقاء هو تعديل القوانين وإيجاد قاعدة دستورية ووضع خريطة طريق واضحة.

ستيفاني وليامز تعتبر مخرجات الحوار "مقدسة"

وانتقد المشري المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، معتبرًا أنّها "تعتبر مخرجات مؤتمر الحوار نصوصًا مقدسة مع الأسف".

وقال: "نحن لا نعتبرها كذلك، فمصلحة الشعب الليبي برأينا هي المقدّسة". وأضاف: "هي تقول إنه يجب استكمال العملية طبقًا لخارطة الطريق التي وُضِعت والتي تجاوزتها الأمم المتحدة نفسها".

واتهم المشري عددًا من العاملين في البعثة الأممية بمحاولة إطالة الأزمة الليبية، مشدّدًا على أنّ "من يحل المشكلة هم الليبيون أنفسهم، ولذلك لا بد أن نجلس ونتحاور مباشرة بدون وسطاء".

وقال: "يجب أن تكون لدينا الشجاعة لنقاش الملفات الحساسة ووقف تجنبها، وإلا ستبقى معاناة المواطن تزيد مع هذا الترحيل المستمر". واعتبر أنّ "التوافق بيننا وبين البعثة الأممية يكمن في ضرورة إيجاد القاعدة الدستورية وتعديل القوانين".

دخول سيف الإسلام "أربك حسابات" دول الغرب

ورأى المشري أن المجتمع الدولي كان يراهن على خوض أسماء محدودة للسباق الانتخابي، "لكن دخول أحد المرشحين وتحديدًا سيف الإسلام على خط الترشح وقبوله بشكل نهائي أربك حسابات الدول الغربية".

وشدّد على أنّ مجلسي الدولة والنواب لن يسمحا بتكرار العبث الذي حدث خلال تنظيم الانتخابات، لكنّه اعتبر أنّ اللقاء الذي عقد بين عدد من المرشحين في بنغازي لم يتم بشكل صحيح، متحدّثًا عن رسائل سلبية خلفه أكثر من كونها رسائل إيجابية.

وشدّد على أنّ موضوع المصالحة وفتح الملفات المقفلة لا تكون بهذه الطريقة الأقرب إلى البروباغندا منها إلى طريقة حل عملي.

الليبيون اقتنعوا أن الحوار هو الحل

إلى ذلك، أعلن المشري تأييده لقاءات اللجنة العسكرية 5+5 مع روسيا وتركيا للوصول إلى حلول. وقال: "نؤيد أي حلحلة في الملف العسكري لأن هذا ملف شائك، وبدونه لن تحدث حلحلة في الملفات الأخرى السياسية".

وشدّد على أنّ "معظم المسؤولين الليبيين توصلوا إلى أن الحوار هو الطريق للحل"، معتبرًا أنّ "الجهد الدولي لا يسعى إلى إرساء استقرار في ليبيا وإنما لتحقيق مصالح".

وقال: "أنا متفائل بأن معظم المسؤولين الليبيين الذين كانوا يراهنون على قهر الخصم وصلوا إلى قناعة أن الحوار والنقاش والتنازل هو الذي يؤدي إلى حل وليس المقارعة أو الإقصاء".

الموقف المصري "تطوّر"

وعلى صعيد المواقف الدولية، رأى المشري أنّ "رهان" دولة الإمارات على اللواء المتقاعد خليفة خفتر "خفّ".

واعتبر أنّ الموقف المصري تطور، حيث أصبح هناك تواصل أكثر مع المنطقة الغربية. وقال: "نقدّر دوافع الدولة المصرية في بعض التدخلات ولهذا تواصلنا الجيد أوضح الصورة بشكل أفضل".

وشدّد ختامًا على وجوب تنظيم استفتاء على الدستور وإجراء انتخابات بعد ذلك، مشبّهًا إجراء انتخابات بدون الاستفتاء على الدستور "مثل الذي يبني مبنى دون قواعد"، وهو ما سيؤدي إلى تدميره عند أول ريح.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close