لا يبدو الطريق إلى "برّ الأمان" سهلًا للاجئين الفارين من الحرب في أوكرانيا إلى دول الجوار، في ظل الاكتظاظ الشديد والبرد القارس، وكذلك المعاملة "العنصرية" مع الفارّين من غير الأوكرانيين.
ويتواصل اليوم الإثنين توافد اللاجئين الأوكرانيين والمقيمين في أوكرانيا من جنسيات أجنبية إلى دول الجوار، لا سيما إلى بولندا.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت اليوم الإثنين أن أكثر من نصف مليون شخص قد فرّوا من أوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي قبل خمسة أيام، هرب أكثر من نصفهم إلى بولندا.
طابوران للحصول على تذاكر القطارات
وأكد مراسل "العربي" من بولندا معاذ حامد، استمرار توافد اللاجئين، متحدثًا عن أعداد كبيرة منهم ما زالت عالقة عند الحدود.
وأوضح أن محطة القطارات المركزية في شيهموشيل، تقوم بتوزيع اللاجئين على مختلف المناطق في بولندا، لا سيما إلى العاصمة وارسو.
وقال: إن اللاجئين يشكون من الاكتظاظ الكبير عند الحدود، ما يضطرهم إلى ترك سياراتهم على بعد 50 أو 60 كلم، وإكمال طريقهم سيرًا على الأقدام.
ممارسات تمييزية في #بولندا ضد اللاجئين الأجانب.. التفاصيل مع مراسلنا👇#روسيا_وأوكرانيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية تابعوا المزيد عبر البث المباشر للتلفزيون العربي على يوتيوبhttps://t.co/VLgRtlgjsi pic.twitter.com/TMWrKYXUjK
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 28, 2022
وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية التي تواجههم خلال هذه الأيام هي البرد القارس، الذي يضرب المنطقة، موضحًا أن عائلات بأكملها موجودة في الشارع وعليها الاصطفاف في طوابير طويلة وصولًا إلى الحدود.
وبينما لفت إلى أن من يجتازها من المواطنين الأوكرانيين يحصل على تذاكر مجانية للقطارات، أفاد بأن الأمر مختلف في ما يتعلق بالطلاب والأجانب المقيمين مؤقتًا في أوكرانيا.
وأشار إلى أن على هؤلاء الدفع مقابل الحصول على التذاكر في محطات القطارات، وقال: إن هناك طابورين؛ طابور للأوكرانيين لأخذ التذاكر المجانية، وآخر للأجانب الذين يدفعون ثمنها.
ولفت إلى أن هذا الأمر كان محط انتقادات كبيرة، ناقلًا عن مسؤول محلي قوله لـ "العربي" عن سبب إجبار الطلاب على دفع المال: إن "القرار جاء من وزارة المواصلات وليس منا".
موجة لجوء وتصريحات عنصرية
وكانت موجة اللجوء الكثيفة من أوكرانيا إلى جاراتها ومنها بولندا ورومانيا والمجر.. قد ترافقت مع تصريحات عنصرية لسياسيين وصحافيين غربيين.
وقال رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف للصحافيين عن الأوكرانيين: "هؤلاء ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم.. هؤلاء الأشخاص أوروبيون".
وأردف: "هؤلاء الناس أذكياء ومتعلمون. هذه ليست موجة اللاجئين التي اعتدنا عليها من أشخاص لم نكن متأكدين من هويتهم وماضيهم الغامض، إذ يحتمل أن يكونوا حتى إرهابيين".
وأضاف: "بعبارة أخرى لا توجد دولة أوروبية واحدة الآن تخشى الموجة الحالية من اللاجئين"، بحسب ما نقلت وكالة "الأسوشييتد برس".
وعلّق موفد شبكة الـ"سي. بي. إس" الأميركية إلى كييف تشارلي داغاتا خلال رسالة إخبارية بالقول: "مع كل الاحترام، هذا ليس مكانًا مثل العراق أو أفغانستان، حيث يدور صراع محتدم منذ عقود". "كما تعلمون هذه مدينة حضارية نسبيًا وأوروبية نسبيًا".
عنصرية ضد الأفارقة الفارّين
وحضّت نيجيريا اليوم الإثنين المسؤولين عن الحدود سواء في أوكرانيا أو الدول المجاورة لها على التعامل مع مواطنيها من دون تمييز، في ظل انتشار تقارير تُفيد عن عنصرية يتعرّض لها الأفارقة الفارّين من الهجوم الروسي.
وأشار موقع "بيزنس إنسايدر"، إلى مزاعم عن أن ذوي البشرة السمراء يُمنعون من ركوب القطارات والحافلات التي تنقل الأشخاص إلى الحدود، ولا يُسمح للبعض بالعبور إلى دول أخرى.
لحظات عبور عائلات عربية وأوكرانية إلى #بولندا #روسيا #أوكرانيا #الحرب_الروسية_الأوكرانية pic.twitter.com/tAYrij8bmt
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 28, 2022
وانضم نيجيريون وغانيون وغيرهم من الأفارقة، معظمهم من الطلاب، إلى مئات آلاف الأشخاص الذين يحاولون الفرار من أوكرانيا عبر الحدود إلى بولندا ودول أخرى.
وقال مستشار الرئاسة النيجيرية غاربا شيهو في بيان: "وردت تقارير مؤسفة عن رفض الشرطة وعناصر الأمن الأوكرانيين السماح لنيجيريين بالصعود على متن حافلات وقطارات متوجّهة إلى الحدود بين أوكرانيا وبولندا".
وأضاف: "في تسجيل تمّت مشاركته بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت أم نيجيرية برفقة طفلها الرضيع أثناء إجبارها بالقوة على التخلي عن مقعدها لصالح شخص آخر".
وأشار إلى وجود تقارير منفصلة عن مسؤولين بولنديين رفضوا السماح لمواطنين نيجيريين بدخول بولندا من أوكرانيا.
وقال: "يُعد التعامل مع الجميع بكرامة ومن دون تمييز أمرًا بالغ الأهمية".
من جهتها، نفت سفيرة بولندا لدى نيجيريا يوانا تارناوسكا الاتهامات بالتعامل مع الأفارقة بشكل غير منصف.
وقالت لوسائل إعلام محلية: "يحصل الجميع على معاملة متساوية. يمكنني أن أؤكد لكم أن بحوزتي تقارير تفيد بأن بعض المواطنين النيجيريين عبروا الحدود إلى بولندا".
وأضافت أن النيجيريين مُنحوا مهلة مدتها 15 يومًا لمغادرة البلاد أو إيجاد ترتيبات بديلة. وأوضحت أن حتى الوثائق غير الصالحة تُقبل لعبور الحدود، وتم رفع القيود المرتبطة بكوفيد.