الجمعة 3 مايو / مايو 2024

"حرق ضوء الشمس أعيننا".. شهادات مدنيين تمّ اجلاؤهم من آزوفستال

"حرق ضوء الشمس أعيننا".. شهادات مدنيين تمّ اجلاؤهم من آزوفستال

Changed

نافذة إخبارية ترصد تجدد القتال في مصنع آزوفستال" بين القوات الأوكرانية والروسية (الصورة: غيتي)
عندما خرجت الراكبة الأولى، وهي امرأة مسنة، بدت ضائعة للحظة، قبل أن يتجعّد وجهها من النشوة. بينما كانت فتاة صغيرة ذات ضفائر شقراء مصدومة.

بعد عملية إجلاء معقّدة استمرت ثلاثة أيام من مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة، وصل أول 100 مدني إلى زابوريجيا الآمنة نسبيًا، وبدأوا يروون قصصهم المأسوية.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن النساء وكبار السن عاشوا لأكثر من شهر من دون أن يروا ضوء الشمس، حيث ساد الخوف وتضاءل مخزون الطعام لديهم، وسط القصف الروسي على المصنع المترامي الأطراف بقوة لدرجة أن الغبار يتطاير من سقف القبو.

ومع خروج المدنيين لنقلهم في حافلات تابعة للأمم المتحدة، كان ضوء النهار الأول منذ أسابيع يحرق أعينهم، مما تسبّب في صدمة للبعض.

وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أوكرانيا أوسنات لوبراني: "كانت أعينهم تحرقهم من ناحية، لرؤية السماء لأول مرة، ومن ناحية أخرى، لرؤية المدينة المدمرة".

وبعد وصول القافلة إلى زابوريجيا، سأل الصحافيون امرأة ذات شعر أحمر، طلبت عدم تحديد هويتها خوفًا على أسرتها، عن استيعابها لفكرة نجاتها من ماريوبول، ففتحت فمها كأنها تتكلم، لكنها لم تنطق ببنت شفه.

وساد الصمت لحظة، وامتلأت عيناها بالدموع، فهزّت رأسها، ثم قالت أخيرًا: "لا إجابة لدي على هذا السؤال. لا شيء حقيقيًا بعد الآن".

واستغرق الإجلاء المدعوم من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر أسابيع للتفاوض، حيث ناشد المقاتلون الأوكرانيون داخل المنشأة المجتمع الدولي للمساعدة في إجلاء المدنيين الذين يحتمون بالداخل. ووصف المسؤولون المشاركون في العملية المهمة بأنها "محفوفة بالمخاطر".

محنة الساعات الـ36 

والجمعة، غادر عمال الإغاثة زابوريجيا إلى ماريوبول، لكنهم لم يتمكنوا من البدء في إجلاء المدنيين حتى بعد ظهر يوم السبت. في البداية كان عليهم التفاوض مع الروس، ثم انتظروا خروج المدنيين.

كانت حافلة صغيرة متهالكة تنقل لهم مجموعات من ستة أو سبعة أشخاص في وقت واحد، غالبًا مع انتظار 40 دقيقة بين المجموعات، تزامنًا مع سقوط قذائف هاون على المنطقة، من دون أن يتّضح من أطلقها.

في مرحلة ما، تمّ تغيير مسارات الإخلاء بعد أن اكتشفوا ذخائر غير منفجرة في الطرق، بما في ذلك الألغام الأرضية.

وعادة ما تستغرق الرحلة أقل من أربع ساعات بين المدينتين، ولكن بسبب القصف النشط وإطلاق النار ووجود من نقاط التفتيش الروسية على طول الطريق، تحولت العملية إلى "محنة طاحنة" استمرت 36 ساعة.

وعندما وصلت الحافلات إلى زابوريجيا، بدا الركاب مرهقين. وعندما خرجت الراكبة الأولى، وهي امرأة مسنة، بدت ضائعة للحظة، قبل أن يتجعّد وجهها من النشوة. بينما كانت فتاة صغيرة ذات ضفائر شقراء مصدومة.

وضمّت جهود الإخلاء النساء والأطفال فقط، حيث لم يسمح الروس للشباب في سن القتال بالمغادرة. وقالت ثلاث أمهات على الأقل قابلهن مراسلو "واشنطن بوست" إنهن اضطررن في النهاية إلى الاختيار بين البقاء مع أزواجهن أو إنقاذ أطفالهن.

وكانت أوكسانا، وهي أم لطفلين، واحدة من المدنيين الذين تمّ اجلاؤهم، إذ حوصرت بالداخل مع زوجها وأولادها الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، وشاهدت أبناءها يتأقلمون بطريقة ما مع الحياة الجديدة التي يُسمع فيها أصوات القنابل باستمرار مع وجود كميات قليلة من الطعام، وهي عبارة عن حزم من المساعدات الإنسانية التي سمح الروس بإدخالها.

وقالت: "خلال الشهر الأول، كان أبنائي يبكون ويرتجفون، لكن فيما بعد التزموا الهدوء".

وعندما استقلت أوكسانا حافلة الإجلاء يوم الأحد على أمل نقل الأولاد إلى بر الأمان، بقي زوجها في المصنع.

من جهته، قال قائد قوة الشرطة الإقليمية للصحيفة الأميركية إن المقاتلين الروس قصفوا المنشأة مرارًا، وكانوا يحاولون اقتحام محيط المصنع، مضيفًا أن الهجمات الأخيرة قتلت مدنيين اثنين على الأقل، وما زال حوالي 200 آخرين يختبئون أسفل المنشأة، وهم بأمس الحاجة للإجلاء.

وقال مسؤول في منظمة الصليب الأحمر إنه "قلق للغاية" بشأن المدنيين الذين ظلّوا محاصرين في المصنع، مضيفًا: "كنا نأمل بأن يتمكن المزيد من الناس من الانضمام إلى القافلة والخروج من الجحيم".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close