أسدل حفل توزيع جوائز الأوسكار بنسخته الـ96، أمس الأحد، الستار على الحدث السنوي الأبرز في عالم صناعة السينما، حيث فاز فيلم "أوبنهايمر" بسبع جوائز من أصل 13 تم ترشيحه لها.
وجمع الفيلم الفائز إيرادات بقيمة 954 مليون دولار في دور العرض في جميع أنحاء العالم، وهو يروي السيرة الذاتية عن عالم الفيزياء جيه. روبرت أوبنهايمر، الذي وقف خلف اختراع القنبلة النووية.
لكن الفيلم لم يُعرض بعد في اليابان، الدولة الوحيدة التي عانت من آثار القنبلة الذرية نتيجة الضربات الأميركية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي حصدت أرواح أكثر من 200 ألف شخص، ودمرت المدينتين الرئيسيتين عام 1945.
ضحايا بلا اعتذار
واتهم بعض النقاد بينهم يابانيون مخرج الفيلم كريستوفر نولان، الذي انتزع جائزة أفضل إخراج يوم أمس، بمحاولة إثارة التعاطف بشكل لا إرادي مع البطل، الذي صوّر على أنه يعيش صراعًا داخليًا مليئًا بالتناقضات.
كما أن الفيلم لم يقدم اعتذارًا عن القنبلة النووية التي طورتها أميركا، ولم يعرض ولو مشهدًا واحدًا لضحايا انفجاري هيروشيما وناغازاكي في اليابان.
ومن المقرر عرض (أوبنهايمر) في اليابان يوم 29 مارس/ آذار الجاري، أي بعد نحو ثمانية أشهر من ظهوره في دور العرض. وطُرح الفيلم الصيف الماضي قبل أسابيع فقط من ذكرى الهجوم النووي الأضخم في التاريخ.
خسارات سكورسيزي
إلى جانب ضحايا القنبلة، الذين غابوا عن الفيلم، خرج الفيلم التشويقي التاريخي "كيلرز أوف ذي فلاور مون" للمخرج مارتن سكورسيزي خالي الوفاض من المنافسة في حفل أمس، مع أن هذا العمل الذي يتناول المذبحة الصامتة لقبيلة في عشرينيات القرن الفائت، كان مرشحًا في عشر فئات.
وأصبح الأمر مألوفًا لدى المخرج البالغ 81 عامًا، والذي لم يعد لديه ما يثبته. وقد سبق له أن عاش هذا السيناريو مع فيلمي "ذي آيريشمان" The Irishman و"غانغز أوف نيويورك" Gangs of New York.
واستحق الفيلم على الأقل نكتة من مقدّم الحفلة الفكاهي جيمي كيميل الذي قال مازحًا عن طول العمل، الذي يتجاوز ثلاث ساعات و20 دقيقة: "بحلول الوقت الذي تشاهد فيه الفيلم، يمكنك القيادة إلى أوكلاهوما وحل جرائم القتل بنفسك".
باربي وأغنية فائزة
أما فيلم باربي الذي نافس "أوبنهايمر"، وتفوق عليه في الإيرادات، فقد اكتفى بجائزة أفضل أغنية أصيلة، التي كانت من نصيب "وات واز آي مايد فور؟" للمغنية بيلي إيليش وشقيقها فينياس أوكونيل، ومع هذه المقطوعة الغنائية على البيانو، التي أدتها بيلي إيليش الأحد بصوت هش متعمد، أشبه بالهمس، فاز الأخوان بالفعل بجائزة "غرامي" لأفضل أغنية لهذا العام.
وهذه هي جائزة الأوسكار الثانية لهما بعد أغنية "نو تايم تو داي" من الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه ضمن سلسلة جيمس بوند (2022).
وفيما احتشد جمع كبير من نجوم الحفل، لإبداء تضامنهم ورفضهم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من خلال تصريحاتهم التي أدلوا بها كالممثل رامي يوسف، والمخرج الفائز بجائزة أفضل فيلم دولي جوناثان غلايزر الذي أدان الاحتلال، كانت اللجنة المسؤولة عن توزيع الجوائز تبدي أولوية لحرب أوكرانيا.
بين أوكرانيا وغزة
ومُنح فيلم "20 دايز إن ماريوبول" الذي يتناول حصار مدينة ماريوبول الأوكرانية، جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي.
وقال الصحافي في وكالة "أسوشيتد برس" مستيسلاف تشيرنوف: "ربما أكون أول مخرج على هذا المسرح يقول إنه كان يفضّل ألا يُخرج هذا الفيلم أبدًا، لو أن روسيا في المقابل لم تهاجم أوكرانيا أو تحتل مدننا".
أما التكريم التقليدي للنجوم المتوفين، فقد بدأ مع المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي توفي في 16 فبراير/ شباط في سجنه في سيبيريا، وشكّل الخصم الأبرز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين محور فيلم "نافالني" الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي لعام 2023.
خاسر آخر في ليلة أمس، وهو فيلم "بنات ألفة" للتونسية كوثر بن هنية، حيث كان الفيلم قد حصد سلسلة جوائز في "كان" و"سيزار" , وجائزة "لوميير" الفرنسية، وجائزة الشرق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ودخل القائمة الأخيرة للأوسكار، لكن الفوز كان من نصيب الفيلم الأوكراني.
يذكر أن اللحظة الفارقة التي شهدها حفل أمس، كان بطلها المخرج الإنكليزي اليهودي غلايزر، حيث اتخذ الاحتفال طابعًا أكثر جدية عندما أدلى غلايزر الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلم "ذي زون أوف إنترست" الذي يتناول الهولوكوست، بكلمة مقتضبة انتقد فيها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وقال غلايز: "نحن نرفض السماح بإساءة استخدام يهوديتنا والمحرقة من أجل احتلال تسبب في الكثير من المعاناة للعديد من الأبرياء"، فيما وضع عدد من النجوم، بينهم مارك روفالو وبيلي ايليش ورامي يوسف والممثل الفرنسي سوان أرلو، شعارًا على ملابسهم يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.