ربط بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين "جدري القرود" و"الهربس النطاقي" أو ما يُعرف بـ"الحزام الناري"، زاعمين بأن الإصابات الحالية من جدري القرود هي أثر جانبي للقاح المضاد لفيروس "كوفيد-19".
وبعد طرح اللقاحات المضادة لكورونا على نطاق واسع عام 2021، وثّقت دراسات ومقالات إخبارية، تقارير نادرة عن نوبات "الهربس النطاقي" بعد اللقاح، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان التلقيح مرتبطًا بالإصابة بهذا المرض.
ما هو "الهربس النطاقي"؟
وشرحت د. عنود العيسى، الاختصاصية في الأمراض الجلدية والعلاج بالليزر، أن الحزام الناري أو الهربس النطاقي هو عدوى فيروسية شائعة تظهر بشكل طفح الجلدي، ويمكن أن يحدث في أي مكان في الجسم.
وأوضحت العيسى، في حديث إلى "العربي" من عمّان، أن "الهربس النطاقي" أو "القوباء المنطقية"، ينتج عن إعادة تنشيط فيروس الحماق النطاقي الخامل، الذي يسبّب جدري الماء.
وأكدت أنه مثل جميع فيروسات الهربس، يبقى فيروس الحماق النطاقي في الجسم بعد الإصابة، والتي عادة ما تكون نوبة من جدري الماء أثناء الطفولة. ويظهر الهربس النطاقي عادةً خلال منتصف العمر وكبار السن، عندما يُعتقد أن جهاز المناعة يضعف ولم يعد قادرًا على إبقاء الفيروس النطاقي في حالة سكون.
هل يرتبط جدري القرود بالهربس النطاقي؟
نفى خبراء لوكالة "رويترز" أي ارتباط بين مرض "الهربس النطاقي" و"جدري القرود". كما أكدت الوكالة أن لا علاقة بين أي مرض واللقاحات المخصّصة لمكافحة فيروس كوفيد-19.
وأوضح الخبراء أن المرضين سببهما فيروسات من عائلات مختلفة، ويختلفان في جوانب عديدة، بما في ذلك عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بهما، وكيفية ظهور الطفح الجلدي المصاحب لهما.
وأكد الخبراء لـ"رويترز" أن الحماق النطاقي هو أحد أفراد عائلة فيروس الهربس؛ على عكس جدري القرود الذي يعتبر مرضًا معديًا قائمًا بذاته، ومن أفراد عائلة فيروسات الجدري.
وقال الأستاذ المساعد في قسم الطب التجريبي في جامعة مكغيل في كندا، دون فينه: إنّ "هناك اختلافات كبيرة بين جدري القردة والهربس النطاقي. وعلى الرغم من أن كلاهما فيروسات، إلا أنهما ينتميان إلى عائلات فيروسية مختلفة".
من جانبه، قال بوغوما كابيسن تيتانجي، زميل الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة إيموري، في ولاية جورجيا الأميركية: إنّ "القوباء المنطقية يسببها نفس الفيروس الذي يسبب جدري الماء المسمى Varicella Zoster Virus VZV"، مضيفًا أن هذا الفيروس ليس من عائلة الفيروس نفسها الذي يسبب جدري القرود.
وأوضح أن جدري القرود ينتمي إلى فصيلة فيروس "الأورثوبوكس" من عائلة "Poxviridae"، مضيفًا أنه "مرض حيواني المنشأ ينتقل بشكل أساسي إلى الإنسان من الحيوانات".
اختلاف في طريقة الانتقال
بدوره، قال سيث بلمبرغ، أستاذ الطب المساعد في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو: "إنّ القوباء المنطقية هي إعادة تنشيط للفيروس الذي يسبب جدري الماء، في حين أن جدري القرود هو عدوى أولية تنتج عن ملامسة شخص أو حيوان مصاب بمرض نشط".
وأضاف بلمبرغ: "ترتبط عوامل الخطر المعروفة لجدري القرود في الغالب بالتعرض للأشخاص أو الحيوانات المصابة، في حين أن عوامل الخطر للهربس النطاقي هي الشيخوخة والتثبيط المناعي".
اختلاف في نوع الطفح وتوزيعها على الجلد
وعلى الرغم من أن كلا المرضين يسببان طفحًا جلديًا مصحوبًا ببثور صغيرة، إلا أن هناك اختلافات في نوع الطفح الجلدي وتوزيع البثور على الجلد.
وقال بلمبرغ: "تميل القوباء المنطقية إلى التأثير على شريط واحد ضيق من الجلد على جانب واحد فقط من الجسم، في حين أن جدري القرود يمكن أن يؤثر على الجسم بأكمله".
وعادة ما يسبّب الهربس النطاقي الألم، أو الوخز، أو الانزعاج قبل ظهور البقع الجلدية التي تسمى "الحويصلات"، وهي عبارة عن بثور صغيرة من السوائل.
من جهته، شرح فينه أن البقع التي تخلّفها القوباء المنطقية تكون عادة موضعية، على الرغم من أنه في بعض الحالات النادرة، يمكن أن تشمل أكثر من مكان واحد على الجلد أو حتى الجسم بأكمله في حالات نادرة".
وأوضح أن البقع الجلدية التي يسببها جدري القرود والقوباء المنطقية تبدو مختلفة جدًا أيضًا، حيث يرتبط جدري القرود عادةً بالعقد الليمفاوية المتضخّمة.
ويُمكن أن تميّز الاختبارات بين المرضين، حيث قال تيتانجي إنه يمكن استخدام تقنيات تضخيم الحمض النووي مثل اختبار PCR للتمييز بين الفيروسين.