الخميس 2 مايو / مايو 2024

سباق الفضاء.. "ناسا" تحذّر من "احتلال صيني" للقمر

سباق الفضاء.. "ناسا" تحذّر من "احتلال صيني" للقمر

Changed

نافذة إخبارية ترصد إطلاق "ناسا" صاروخها العملاق الجديد نحو القمر بعد محاولتين فاشلتين الصيف الماضي (الصورة: غيتي)
بات التنافس الصيني الأميركي يتخطى الاقتصاد إلى خارج الأرض في ظل سباق كبير لاستكشاف القمر وموارده.

حذّر مدير وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بيل نيلسون من أن الصين تُحاول السيطرة على أكثر المواقع الغنية بالموارد على سطح القمر، مشيرًا إلى أن السباق على القمر بين الولايات المتحدة والصين أصبح أكثر شدة، وأن العامين المقبلين سيُحدّدان من سيحظى بالسيطرة.

ورغم ذلك، أعرب نيلسون عن ثقته في أن الولايات المتحدة يمكن أن تفوز بالسباق على القمر.

وقال نيلسون، في مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، إننا "في سباق فضاء، وعلينا أن ننتبه ونَحذر بشكل أفضل حتى لا يصلوا تحت ستار البحث العلمي، إلى الاستيلاء على أراض على القمر ويطلبوا منّا الابتعاد عنها"، مستشهدًا بما حصل في بحر الصين الجنوبي، حيث شيد الجيش الصيني قواعد فوق جزر سبراتلي المتنازع عليها.

وأعلنت الصين، خلال افتتاحها الأخير لمحطة فضائية جديدة، هدفًا يتمثّل في إنزال رواد فضاء على سطح القمر بحلول نهاية العقد الحالي. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وضعت الحكومة الصينية رؤيتها للمساعي الأكثر طموحًا مثل بناء البنية التحتية في الفضاء، وإنشاء نظام إدارة الفضاء.

ولذلك، فإن أي تأخيرات أو حوادث مؤسفة كبيرة في برنامج الولايات المتحدة، الذي يعتمد على سلسلة من الأنظمة والمعدات الجديدة التي لا تزال قيد التطوير، يمكن أن يُخاطر بالتخلّف عن الصينيين.

مخاوف أميركية متزايدة

وبينما تأخّر الجدول الزمني للهبوط على سطح القمر التابع لناسا، لمدة عام خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، أطلقت بكين خلال السنوات القليلة الماضية، مجموعة من مركبات الإنزال لجمع عيّنات من القمر، بالإضافة إلى مركبة مدارية ومركبة هبوط، ومركبة وصلت إلى المريخ.

وكان الجيش الأميركي أعرب أيضًا عن مخاوفه المتزايدة بشأن تطوير بكين لأنظمة الفضاء التي يمكن أن تهدد الأقمار الصناعية الأميركية، ودقّ ناقوس الخطر بشأن التداعيات الأمنية للغزو الصيني للفضاء السحيق.

فبينما كانت الصين تطلق طاقمها العاشر إلى محطة شنتشو الفضائية الشهر الماضي، قالت اللفتنانت في القوة الفضائية الأميركية نينا أرماغنو: "من الممكن تمامًا أن يتمكّنوا من اللحاق بنا وتجاوزنا. التقدم الذي أحرزوه كان مذهلًا وسريعًا".

كما سلّط تقرير البنتاغون الأخير الذي أرسله للكونغرس، الضوء على سلسلة من القفزات الأخيرة لبرنامج الفضاء الصيني.

واستشهد التقرير بقدرة الصين الرائدة ليس فقط على الهبوط على الجانب البعيد من القمر، ولكن لإنشاء محرّك اتصالات باستخدام قمر صناعي تمّ إطلاقه في العام السابق بين الأرض والقمر.

ووجد التقرير أيضًا أن الصين تعمل على تحسين قدرتها على تصنيع أنظمة إطلاق فضائية لاستكشاف الفضاء.

كما يراقب بعض الخبراء السابقين في "ناسا" التقدّم الصيني بقلق متزايد.

تهديدات عملية

وقال تيري فيرتس، القائد السابق لمحطة الفضاء الدولية، إن المنافسة بين واشنطن وبكين لها عناصر سياسية وأمنية.

وقال إنها "منافسة سياسية لإظهار من يعمل بشكل أفضل، ما يريدونه حقًا هو الاحترام كأفضل دولة في العالم. يريدون أن يكونوا القوة المهيمنة على الأرض، لذا فإن الذهاب إلى القمر هو وسيلة لإظهار أن نظامهم يعمل. إذا تجاوزونا على القمر فهذا دليل على أنهم أفضل منا".

لكنه أضاف أن هناك تهديدات عملية يمكن أن يمثلها موطئ قدم صيني على سطح القمر. هناك ضرر محتمل يمكن أن تفعله الصين على سطح القمر. فإذا أقاموا البنية التحتية هناك، فمن المحتمل أن يرفضوا التواصل معنا".

في المقابل، تؤكد الحكومة الشيوعية الصينية أن مثل هذه المخاوف بشأن دوافعها لا أساس لها من الصحة.

وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، في بيان: "تحدّث بعض المسؤولين الأميركيين بشكل غير مسؤول لتحريف مساعي الصين الفضائية الطبيعية والشرعية؛ والصين ترفض بشدة مثل هذه التصريحات".

وأضاف: "الفضاء الخارجي ليس ساحة مصارعة، فاستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية هو مسعى مشترك للبشرية، وينبغي أن يفيد الجميع. تدعو الصين دائمًا إلى الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وتعارض تسليح الفضاء الخارجي وسباق التسلح فيه، وتعمل بنشاط نحو بناء مستقبل مشترك للبشرية في مجال الفضاء".

صراع على القمر؟

ورغم كل المخاوف الأميركية، أعرب نيلسون عن ثقته في أن جهود الولايات المتحدة للعودة إلى القمر تسير في الموعد المحدد، في إشارة إلى تمويل الكونغرس لبرنامج "أرتميس".

ووافق الكونغرس هذا الأسبوع على 24.5 مليار دولار لوكالة "ناسا" في السنة المالية 2023، أي أقلّ بنحو نصف مليار دولار مما طلبه الرئيس جو بايدن؛ لكن المبلغ لا يزال يمثل زيادة بأكثر من خمسة% عن العام الماضي.

وقال إن مهمة "ارتيميس 2" يمكن أن تتم "في غضون عامين، ونأمل أن نتمكن من تسريع ذلك". وتتمثّل هذه المهمة في إرسال طاقم إلى مدار القمر بحلول عام 2024. تليها مهمة "ارتيميس 3" والتي تهدف إلى هبوط رواد الفضاء على القمر بحلول نهاية عام 2025.

ومع ذلك، لا يعتقد الجميع أن واشنطن وبكين تتّجهان نحو صراع على القمر.

وفي هذا الإطار، قالت فيكتوريا سامسون، مديرة مؤسسة العالم الآمن في واشنطن، المتخصّصة في الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي: "الصين، مثل الولايات المتحدة، طرف في معاهدة الفضاء الخارجي التي تمنع الدول من تقديم مطالبات إقليمية على أي جرم سماوي، بما في ذلك القمر".

وأضافت أنه سيكون من الصعب أيضًا على أي دولة "الحفاظ على وجود بشري طويل الأمد في الفضاء السحيق. هذا يبدو غير واقعي وصعب للغاية".

لكنها، في الوقت نفسه، وافقت على احتمال وجود منافسة بين واشنطن وبكين على "مواقع وموارد هبوط محدودة" على سطح القمر.

وقالت سامسون: "هذا هو السبب الذي قدّمنا فيه الحجة القائلة إن هناك حاجة للتعامل مع الصين، بسبب احتمال الهبوط بالقرب من بعضنا البعض أو الاضطرار إلى تقديم خدمات الطوارئ لرواد الفضاء".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close