الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

البابا يبعث رسالة أمل من أربيل: العراق سيبقى في قلبي

البابا يبعث رسالة أمل من أربيل: العراق سيبقى في قلبي

Changed

البابا يترأس القداس في اربيل.
البابا يترأس القُدّاس في أربيل (غيتي)
باللغة العربية، توجّه البابا للمؤمنين، الذين حضروا القدّاس في ملعب " فرانسو حريري" في أربيل: قائلًا: "سلام، سلام، سلام. بارك الله العراق. الله معكم".

في اليوم الثالث والأخير من زيارته التاريخية إلى العراق، قرّر البابا فرنسيس أن يختتم قداسه الاحتفالي في أربيل برسالة أمل، متحدثًا عن "أصوات الرجاء والعزاء التي سمعها من الشعب العراقي، في مقابل أصوات الألم والشدّة التي رافقتهم خلال الفترة الأخيرة".

ووجّه البابا تحية إلى العراق،  قائلًا: "الآن، اقتربت لحظة العودة إلى روما، لكنّ العراق سيبقى دائمًا معي وفي قلبي"، مضيفًا: "في هذه الأيام التي أمضيتها بينكم، سمعت أصوات ألمٍ وشدّة، ولكن سمعت أيضًا أصواتًا فيها رجاء وعزاء".

وباللغة العربية، توجّه للمؤمنين، الذين حضروا القدّاس في ملعب " فرانسو حريري" في أربيل: قائلًا: "سلام، سلام، سلام. بارك الله العراق. الله معكم".

وبعد ثلاثة أيام حافلة بالتنقلات بالطائرة والمروحية وسيارة مصفحة في بلد طوى صفحة تنظيم "الدولة الاسلامية" الدامية قبل ثلاث سنوات فقط ولا يزال يشهد توترات أمنية ناتجة عن وجود فصائل مسلحة خارجة عن السيطرة، وصل البابا بمواكبة أمنية كبيرة إلى ملعب "فرانسو حريري" في أربيل في سيارة "باباموبيلي" الشهيرة التي ألقى منها التحية على الجماهير.

وكان زار في وقت سابق مدينة الموصل، حيث صلّى على أرواح "ضحايا الحرب". كما زار قرقوش، البلدة المسيحية التي نزح كل أهلها خلال سيطرة "تنظيم الدولة" بين 2014 و2017، وعاد جزء منهم خلال السنوات الماضية. 

ويتسع ملعب "فرانسو حريري"، الذي يحمل اسم سياسي أشوري عراقي اغتيل قبل 20 عامًا في أربيل، لعشرين ألف شخص، لكن عدد الحاضرين كان أقل من ذلك بكثير؛ إذ فُرِض على المشاركين الحصول مسبقًا على بطاقات خاصة، وتمّ تحديد العدد، وذلك في إطار تدابير الوقاية من وباء كوفيد-19.

وفي المدينة التي تعرّض مطارها أواخر فبراير/ شباط لهجوم صاروخي استهدف الوجود الأميركي، لاقى المئات البابا رافعين أعلام الفاتيكان وكردستان وأغصان الزيتون.

"السلام أقوى من الحرب" 

وكان البابا قد أسف في الموصل لـ"التناقص المأساوي بأعداد تلاميذ المسيح" في الشرق الأوسط. وقال، أمام أنقاض كنيسة الطاهرة السريانية الكاثوليكية القديمة والمدمّرة: إن هذا "ضرر جسيم لا يمكن تقديره، ليس فقط للأشخاص والجماعات المعنية، بل للمجتمع نفسه الذي تركوه وراءهم".

ومن الموقع الأثري الشاهد على انتهاكات تنظيم الدولة، صلّى البابا "من أجل ضحايا الحرب والنزاعات المسلحة"، مؤكدًا أن "الرجاء أقوى من الموت، والسلام أقوى من الحرب".

ثم توجّه إلى قرقوش، حيث أدى صلاةً في كنيسة الطاهرة الكبرى التي تشهد أيضًا على الانتهاكات العديدة لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شمال البلاد.

وفي مشهد لا يُمكن تصوّره قبل أربع سنوات فقط، اعتلى البابا خشبة مسرح في ساحة المدينة محاطة ببقايا الكنائس المدمرة بشدة والتي تنتمي لعدة طوائف مسيحية في العراق.

وأطلق البابا حمامة بيضاء في علامة على السلام، وقام بجولة في المدينة، وسط حشد صغير رافقه بالزغاريد والتحيات. وقالت هلا رعد بعد أن مرّ البابا من أمامها: "هذا أجمل يوم!".

وأضافت المرأة المسيحية التي فرت من الموصل عند سيطرة تنظيم الدولة عليها: "نأمل الآن أن نعيش بأمان، هذا هو الأهم".

وأُرغم العديد من مسيحيي العراق، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية، على الهجرة. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي من سكانه البالغ عددهم 40 مليونًا بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الاجتياح الأميركي للعراق.

واكتست هذه المحطة أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، وقد تعرّضت كنائسها وأديرتها التراثية العريقة لدمار كبير على يد التنظيم المتطرف.

وقال البابا في كلمته الأحد من الموصل: إنها "لقسوة شديدة أن تكون هذه البلاد، مهد الحضارات قد تعرّضت لمثل هذه العاصفة غير الإنسانية التي دمّرت دور العبادة القديمة".

وأضاف: "اليوم وعلى الرغم من كل شيء، نحن نؤكد من جديد قناعتنا بأن الأخوّة أقوى من قتل الإخوة، وأن الرجاء أقوى من الموت، وأن السلام أقوى من الحرب. تنطق هذه القناعة بصوت أكثر بلاغة من صوت الكراهية والعنف، ولا يمكن أن يُخنق وسط الدماء التي تسبب في إراقتها هؤلاء الذين يشوهون اسم الله ويسيرون في طرق الدمار".

"لا تيأسوا" 

لكن، بعيدًا عن تراجع الأوضاع في البلاد وهاجس الرحيل، يرى المسيحيون الذين يدأبون منذ أسابيع على ترميم وتنظيف كنائسهم المدمرة والمحروقة، في هذه الزيارة البابوية الأولى في تاريخ العراق، رسالة أمل.

وقال منير جبرائيل، الذي شارك في استقبال البابا في قرقوش: "ربما تساعد زيارة البابا في إعادة بناء البلاد، وإحضار السلام والحب أخيرًا؛ شكرًا له".

واستقبل سكان البلدة البابا بسعف النخيل، قبل أن يدخل الكنيسة على وقع الألحان السريانية ويؤدي فيها صلاةً أشار فيها إلى ضرورة إعادة بناء ما دمّرته سنوات من "العنف والكراهية".

وقال البابا: "ننظر حولنا ونرى علامات أخرى، آثار القوة المدمّرة بسبب العنف والكراهية والحرب. كم من الأشياء أصابها الدمار! وكم من الأشياء يجب إعادة بنائها!".

 

وأحرق تنظيم "الدولة الإسلامية" هذه الكنيسة في قرقوش الواقعة على بعد نحو 30 كلم إلى جنوب مدينة الموصل، قبل أن يُعاد ترميمها.

ولحق دمار كبير ببلدة قرقوش على يد التنظيم، ولا يزال الوضع الأمني متوترًا مع انتشار مجموعات مسلحة بأعداد كبيرة في السهول المحيطة.

وقال البابا في كلمته :"قد يكون الطريق إلى الشفاء الكامل ما زال طويلًا، لكني أطلب منكم، من فضلكم، ألا تيأسوا". وتعرّض عشرات الآلاف من مسيحيي نينوى للتهجير في العام 2014 بسبب سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ويثق قلّة منهم حاليًا بالقوات الأمنية التي يقولون إنها تخلّت عنهم، ويخشى العديد منهم حتى الآن العودة إلى بيوتهم.

وبالإضافة إلى التحديات الأمنية، تأتي الزيارة وسط تحدٍّ صحي أيضًا مع زيادة بأعداد الإصابات بكوفيد-19 حرمت الحشود من ملاقاة البابا وإلقاء التحية عليه.

وقال المتحدث بإسم الفاتيكان أتيو بروني السبت: "هذه رحلة لها طابع خاص نظرًا للظروف" الصحية والأمنية. وأضاف: "لكنها مبادرة حبّ وسلام لهذه الأرض وهذا الشعب".

وفي اليوم الثاني من زيارته التاريخية، التقى البابا، السبت، في النجف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي أعلن اهتمامه بـ"أمن وسلام" المسيحيين العراقيين.

كما زار مسقط رأس النبي إبراهيم في أور، وأدان أعمال العنف باسم الدين، والتي وصفها بأنها "أكبر إساءة وتجديف".

المصادر:
العربي، وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close