الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

فتح ملفات واعتقالات وملاحقات.. هل تعود تونس إلى "مرحلة بن علي"؟

فتح ملفات واعتقالات وملاحقات.. هل تعود تونس إلى "مرحلة بن علي"؟

Changed

يعبر تونسيون حاليًا عن خوفهم من عودة القمع بعد عشر سنوات من الثورة
يعبر تونسيون حاليًا عن تخوفهم من عودة القمع بعد عشر سنوات من الثورة (غيتي)
أعربت منظمات غير حكومية دولية عدة عن قلقها إزاء الوضع في تونس منذ أن تولى رئيس الدولة كامل السلطات الأحد، وبعد اعتقال النائب ياسين العياري.

أطلقت السلطات التونسية، السبت، سراح النائب البرلماني عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد، عقب يوم واحد على توقيفه، في وقت يحافظ المشهد العام على "ضبابيته" منذ "المحاولة الانقلابية" التي نفذها الرئيس قيس سعيّد، واستحوذ بموجبها على كلّ السلطات بين يديه.

ونشرت حنان الخميري، محامية النائب مقطعًا مصوَّرًا عبر حسابها بموقع فيسبوك، قالت فيه: "تم إطلاق سراح النائب ماهر زيد من قبل النيابة العامة، وهو الآن مواطن بريء".

من جهته، قال زيد في المقطع ذاته: "هناك أشخاص كانوا يرتدون الزي المدني أرادوا اختطافي من بين المحامين الذّين كانوا برفقتي بمحكمة منوبة غرب العاصمة تونس، وقالوا إنهم من فرقة مقاومة الإجرام".

وأضاف: "تم الاتصال بالوكيل الذي أطلق سراحي ليؤكد بأنه غير مسموح لهم (الأمنيين) بالدخول إلى المحكمة"، معربًا عن استغرابه من هذا التصرف.

والجمعة، أوقف زيد على خلفية قضية وقعت تسويتها منذ عام 2018؛ إذ حكم عليه غيابيًا بالسجن عامين بتهمة "إهانة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي".

وجاء توقيفه في وقت تشهد تونس سلسلة توقيفات لنواب وناشطين، حيث إنّه بموجب القرارات الرئاسية الاستثنائية الأخيرة، لم تعد للنواب حصانة برلمانية تحظر توقيفهم أو تفتيشهم في تونس.

حملة ملاحقات أمنية وقضائية

وقال مراسل "العربي" وسام الدعاسي إنّ التوقيف الأبرز طال أمس النائب ياسين العياري، حيث قالت عائلته إنه تم اقتياده من قبل رجال شرطة بالزي المدني دون إظهار إذن قضائي.

ويشير المراسل إلى إصدار القضاء العسكري بعد الاعتقال بيانًا قال فيه: إن القوات الأمنية نفذت بطاقة إيداع بالسجن بعد رفع الحصانة النيابية عن العياري، وتم حبسه لقضية تعود لعام 2018 على خلفية الإساءة والحد من معنويات الجيش.

كما نقل مراسلنا عن وسائل إعلام بأنه فُرضت الإقامة الجبرية عن القاضي بشير العكرمي الوكيل الأول للمحكمة الإدارية سابقًا، لافتًا إلى أن تونس الآن تشهد بعض الملاحقات الأمنية والقضائية تنفذ ضد نواب أو ناشطين.

ما موقف حركة النهضة؟

وأفاد مراسل "العربي" أن المكتب التنفيذي لحركة النهضة أصدر بيانًا حول الأحداث المتسارعة التي تشهدها تونسP إذ تضمن رسائل مهمة بأن الحركة لن تتراجع بوصفها ما حدث وما قام به الرئيس التونسي من قرارات، بأنها إجراءات فردية وانقلاب على الشرعية الدستورية، مشيرًا إلى أن البيان لم يتضمن أي دعوة للنزول إلى الشارع.

وأضاف أن البيان وصف الحلول التي طرحها رئيس الجمهورية بأنها محاولة لزج البلاد في مخاطر جديدة، لا سيما بعد إقحام مؤسسات الدولة في صراعات سياسية.

ولفت الدعاسي إلى أن هذا البيان يأتي بعد بيان آخر نشره أكثر من 130 عضوًا في حركة النهضة بينهم 5 نواب وأعضاء في مجلس شورى الحركة، يحملون فيه قيادة النهضة المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع، مطالبين بحل المكتب التنفيذي للحركة، وتكليف خلية أزمة تتضمن أشخاصًا مقبولين شعبيًا وسياسيًا للتفاعل بشكل إيجابي مع التطورات التي تشهدها البلاد.

"منظومة التشفي والديكتاتورية"

من جهتها، قالت حنان الخميري محامية النائب ماهر زيد من تونس إنه عندم تم إطلاق سراح موكلها، فوجئوا بمواكب كبيرة من السيارات الأمنية خارج المحكمة، حيث أرادوا اختطاف النائب، قائلين: إنّ هناك إذنًا بالاحتفاظ بالنائب لدى فرقة مكافحة الإجرام.

وأضافت أن هناك خرقًا كبيرًا في الإجراءات وأن البلاد دخلت في منظومة التشفي، والديكتاتورية، مشيرة إلى أنها و15 محاميًا آخرين محتجزون داخل المحكمة برفقة النائب.

وأوضحت الخميري أن حكمًا غيابيًا صدر بحق النائب ماهر زيد في قضية رأي من أجل تدوينها، مشيرة إلى أنها قامت باستئناف القضية، وحسب القانون فلا داعي لإيداعه في التفتيش، ومع ذلك تم إدراجه رغم الاستئناف، لافتة إلى إطلاق سراحه بعد ذلك بدون كفالة.

وأكدت خطورة هذه الخطوات على الحريات في تونس، من خلال الابتعاد عن القانون واللجوء لتصفية الحسابات.

منظمات غير حكومية قلقة إزاء الوضع في تونس

وفي سياق متصل، أعربت منظمات غير حكومية دولية عدة السبت عن قلقها إزاء الوضع في تونس منذ أن تولى رئيس الدولة كامل السلطات الأحد، وبعد اعتقال النائب المستقل ياسين العياري المعروف بانتقاده الجيش والرئيس التونسي قيس سعيِّد.

وقال مدير منظمة هيومن رايتس ووتش لشمال إفريقيا إريك غولدستين في بيان: إن هذا الاعتقال "يؤكد ما كان يُخشى منه أن الرئيس سعيد قد يستخدم سلطاته غير العادية ضد معارضيه".

والنائب والمدون السابق ياسين العياري الذي أعتُقل الجمعة حُكم عليه سابقًا عدة مرات بسبب خطابه الذي ينتقد الجيش بشدة وقد وصف هذا الأسبوع الصلاحيات الاستثنائية التي تولاها الرئيس بأنها "انقلاب عسكري".

وفي بيان، أكد القضاء العسكري التونسي توقيفه بناء على حكم صدر بحقه نهاية 2018 وقضى بسجنه شهرين بسبب منشور ينتقد الجيش على فيسبوك.

وكان العياري يتمتع في السابق بحصانته البرلمانية. لكن الرئيس التونسي عندما علق البرلمان لمدة 30 يومًا بموجب الدستور يوم الأحد، رفع أيضًا الحصانة عن النواب.

وأعرب الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية عن "قلقه" إثر اعتقال العياري. وأدان "بشدة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ومحاكمات الرأي أيًا كانت".

من جهتها، أعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها إزاء اعتقال "أربعة أعضاء من حركة النهضة" الشريكة في السلطة في تونس منذ عشر سنوات. وقالت المنظمة الأميركية غير الحكومية إنهم اتُهموا بالسعي إلى "ارتكاب أعمال عنف" أمام البرلمان.

وأكد مسؤول في حركة النهضة لوكالة فرانس برس هذه الاعتقالات التي حدثت في وقت سابق من الأسبوع الجاري. وأضاف أنه تم الإفراج عن الأشخاص الأربعة المعنيين الجمعة من دون ملاحقات قضائية.

ويعبر تونسيون حاليًا عن خوفهم من عودة القمع بعد عشر سنوات من الثورة التي أدت إلى سقوط الديكتاتور زين العابدين بن علي.

لكن الرئيس سعيِّد أكد الجمعة أنّ "لا خوف على حرية التعبير، ولا خوف على حرية التنظّم، وليس في هذه السنّ سأبدأ مرحلة جديدة تقوم على الديكتاتورية"، مضيفًا: "أنا أكره الديكتاتورية وأمقتها".

وشدّد سعيّد على أنّ أجهزة الأمن لم تعتقل أحدًا من دون وجه حق، وقال: "لم نعتقل أحدًا إلا إذا كانت عليه قضايا".

والسبت، نشرت جمعية "أنا يقظ" التونسية قائمة بأسماء 14 نائبًا يخضعون لملاحقات قضائية ومن ثم يواجهون خطر الاعتقال.

وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، اتهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الرئيس سعيّد مجددًا باتخاذ إجراءات تنتهك الدستور. وكتب رئيس البرلمان التونسي: "هذه القرارات تتبع تعليمات إقامة ديكتاتورية. الديكتاتورية تؤدي على الدوام إلى زيادة الفساد والمحسوبية وانتهاك الحريات الفردية وعدم المساواة".

المصادر:
العربي، أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close