الخميس 16 مايو / مايو 2024

أفغانستان هي السبب.. "خيبة أمل" أوروبية جديدة من الولايات المتحدة

أفغانستان هي السبب.. "خيبة أمل" أوروبية جديدة من الولايات المتحدة

Changed

الصين وروسيا وإيران هي تحديات مثيرة للقلق الأميركي. أما الأوروبيون فليس واضحًا ما إذا كانوا سيوافقون واشنطن على إيقاع ما يقلقها بعد أفغانستان.

لم تمضِ سوى أشهر على بداية عهد الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض حتى عادت ملامح الخيبة إلى المشهد مع واشنطن.

فقد انتقد الاتحاد الأوروبي طريقة الولايات المتحدة في التعاطي مع ملفّ أفغانستان، حيث قال وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل إنّ الاتحاد لم يُستشَر بشأن ما جرى في كابل.

من جهته، هاجم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قرار الغرب سحب قواته كونه سيضرّ بمصالحه ومصلحة أفغانستان ويفرح من وصفهم بالجهاديين.

إزاء ذلك، تُطرَح سلسلة من علامات الاستفهام، فأي انعكاسات لانسحاب واشنطن من أفغانستان على العلاقة مع حلفائها الأوروبيين؟

هل تستغل روسيا والصين الفراغ الذي تتركه واشنطن للعب دور جديد في المنطقة والعالم؟ وما مدى قدرة الأوروبيين على الاستغناء عن الحليف الأميركي عسكريًا ولوجستيًا في التعاطي مع هكذا أزمات؟

بهجة وخيبة.. هل يوافق الأوروبيون على إيقاع واشنطن؟

هي خيبة أمل أوروبية جديدة إذًا من الولايات المتحدة، بعدما جاء بايدن بوعد تسوية الخلافات مع الأوروبيين بعد أربعة أعوام من الإرباك في العلاقة والثقة في زمن الرئيس السابق دونالد ترمب.

لكن، على وقع التطورات في أفغانستان، بدأت معالم هذه "الخيبة" ترتسم بوضوح، حيث عاد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى نبرة مطالبة القارة العجوز بأن تعتمد على نفسها عسكريًا.

ومثله فعل شريك حرب أفغانستان الأساسي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الذي شنّ هجومًا على الغرب، معتبرًا أنه تخلى عن تلك البلاد، وأنّ انسحاب القوات الدولية من هناك سيبهج كل جماعة جهادية في العالم، على حدّ وصفه.

وبمعزل عن البهجة هنا والخيبة هناك، كشفت الإدارة الأميركية مرارًا أنّ أفغانستان لم تعد تشكّل خطرًا بعد 20 عامًا من غزوها وأنّ هناك استحقاقات أخرى.

باختصار، الصين وروسيا وإيران هي تحديات مثيرة للقلق الأميركي. أما الأوروبيون فليس واضحًا ما إذا كانوا سيوافقون واشنطن على إيقاع ما يقلقها بعد أفغانستان.

"تصريح للاستهلاك المحلي والإعلامي"

بحسب الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي الخليفة العلي، فهذه ليست المرة الأولى التي لا تستشير فيها الولايات المتحدة الأميركية حلفاءها الأميركيين في قرارات استراتيجية كبرى.

ويذكّر الخليفة العلي، في حديث إلى "العربي"، من باريس، بأن الولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر كانت قد فاوضت الجانب الإيراني في عُمان وتمّ التوصل إلى الاتفاق النووي بغض النظر عن مواقف الدول الأوروبية الأخرى، حتى إنّ فرنسا عارضت ذلك بشدّة في البداية ثمّ انصاعت إلى القرار الأميركي.

ويشير كذلك إلى قرار الانسحاب من شمال سوريا الذي اتخذته الولايات المتحدة أيضًا بمعزل عن حلفائها، إضافة إلى عدم توجيه الضربة بعد استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوي.

ويلفت الخليفة العلي إلى أنّ تصريحات جوزيب بوريل ليست الأولى ولن تكون الأخيرة حول ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بالاعتماد على نفسه في مواجهة التحديات التي تعترض القارة.

لكنّه يشير إلى وجود خلافات كبيرة ما بين دول الاتحاد الأوروبي، موضحًا أنّ الاتحاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية معتاد على التغطية الاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة تحت مظلة الناتو.

ويعتبر انطلاقًا من ذلك أنّ تصريح بوريل قد يكون للاستهلاك المحلي والإعلامي وهو لا يعني أن هناك تغييرات على المستوى الأوروبي.

ويخلص إلى أنّه لا يوجد ابتعاد في التحالف الأوروبي الأميركي بل بالعكس سوف نشهد هذا التحالف أقوى في الفترات القادمة لأن التحديات الاستراتيجية أكبر وخصوصًا التمدد الصيني الذي يقلق الولايات المتحدة بشكل أساسي ولكن أيضًا يقلق الدول الأوروبية.

ما هو الخطأ الذي ارتكبه بايدن؟

في المقابل، يؤكد الباحث في معهد كاتو دوغ باندو أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل واضح مؤيد للاتحاد الأوروبي وللناتو أكثر ممّا كان عليه الرئيس ترمب.

ويوضح باندو، في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، أنّ الرئيس بايدن عليه أن يتعامل مع السياسات في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنّ الرأي الغالب لمعظم الأميركيين هو أنه حان وقت مغادرة الولايات المتحدة لأفغانستان وهذا ما قرر بايدن تنفيذه.

لكنّه رغم ذلك، يلفت إلى أنّ بايدن ارتكب خطأ بأنه لم يستشر البلدان الأوروبية بشكل أكثر قربًا لا سيما بعد 20 عامًا من الانخراط في أفغانستان.

ويقول: "هو للأسف لم يحسن التعامل جيّدًا مع الأوروبيين مثلما فعل دونالد ترمب لا سيما بترك الكثير من الناس معرّضين للخطر هناك".

ويعتبر أنّ الصين وروسيا وكذلك إيران والهند وباكستان ستكون هي البلدان التي ينتابها القلق إزاء الوضع في أفغانستان.

ويوضح أنّ آسيا الوسطى ليست قريبة جدًا من الولايات المتحدة وكان الأمر يعنيها قبل 20 عامًا نتيجة التهديد الذي شكلته القاعدة هناك.

هل تدخل روسيا عسكريًا إلى أفغانستان؟

أما الباحث السياسي الروسي رولاند بيجاموف فيعتبر أنّ التفكير بطريقة أنّ الانسحاب الأميركي من أفغانستان سيخلص فرصة لروسيا لدخول البلاد أو لاستخدام هذا الوضع الجديد لتحقيق مصالحها هو "تبسيط خطير جدًا".

ويوضح بيجاموف، في حديث إلى "العربي"، من موسكو، أنّ روسيا يساورها القلق أيضًا من التطورات في أفغانستان شأنها شأن الصين وإيران وباكستان وجميع دول الجوار.

ويلفت على أنّ هناك بعض التفاهمات بين حركة طالبان وروسيا تمّ الاتفاق عليها في شهر يوليو، كما يشير إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي أكد فيها أن الشأن الأفغاني له علاقة مباشرة بالأمن الروسي.

ويتحدّث عن جملة تهديدات جديدة تنبثق مباشرة عن التطورات في أفغانستان، من بينها التهديدات الأمنية المتعلقة بالإرهاب وإمكانية تسلل تكفيريين إلى دول آسيا الوسطى، إضافة إلى الهجرة غير الشرعية وغير ذلك.

ويلفت الباحث الروسي إلى وجود "رضا" من حركة طالبان حتى الآن، "لأنها تنفّذ ما وعدت به في الشهر الماضي"، ولكنّه يضيف: "لسنا واثقين إذا كان هذا الأمر سيستمرّ في المستقبل".

ويشدّد على أنّه في مطلق الأحوال، لن يكون هناك أي تدخل روسي عسكري، لافتًا إلى أنّ موسكو أعلنت مرارًا وتكرارًا أنها لا تتدخل في الشأن الأفغاني. ويخلص إلى أنّ روسيا ستحاول أن تلعب دور الوسيط كما تعلبه الآن وهي تتعامل مع جميع الأطراف خصوصًا في إطار الترويكا الموسّعة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close