الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

استقالة أكثر من مئة قيادي في "النهضة".. ما أسباب الأزمة داخل الحركة؟

استقالة أكثر من مئة قيادي في "النهضة".. ما أسباب الأزمة داخل الحركة؟

Changed

قدّم أكثر من مئة قيادي من حركة النهضة استقالاتهم، بسبب ما وصفوه "فشلًا في إصلاح الحركة من الداخل"، ورغبة في الالتحاق بصفوف القوى الوطنية الساعية لحماية التجربة التونسية.

في هذه اللحظة من تاريخ تونس، لم تلتهم النيران دستور الثورة فقط، ولم يكن بضع عشرات من مناصري الرئيس قيس سعيد يعبثون بمرجع عطّل أغلب فصوله. 

لكنها أيضًا في تونس اللحظة المشحونة التي بدأت تهتز فيها الكثير من توازنات الأحزاب السياسية في البلاد.  

ففيما كانت عشر سنوات في السلطة كافية لتغيير صورة حركة النهضة في مخيال التونسيين، يبدو الآن أن صف الحركة الداخلي من يتغيّر.

فقد قدّم أكثر من مئة قيادي من الحركة استقالاتهم، بسبب ما وصفوه "فشلًا في إصلاح الحركة من الداخل"، ورغبة في الالتحاق بصفوف القوى الوطنية الساعية لحماية التجربة التونسية.

خلاف لا يوارى

ولا تبدو الخطوة في تقدير البعض مفاجئة، لكنها مؤشّر على انفجار خلافات كثيرة داخل الحركة بشأن اختياراتها السياسية ونهجها ومسؤولياتها عمّا وصلت إليه البلاد من أفق مسدود.

وكان الانقسام في صفوف النهضة قبل سنتين واضحًا ولا يوارى، وأشهر في وجه زعيم الحركة مئة قيادي أيضًا لائحة مشابهة ورفضوا التمديد للغنوشي لولاية جديدة.

وفي وجه الرافضين قال الغنوشي حينها كلامًا يوحي بأن زعامته عابرة لكل الزمن السياسي؛ في لحظة التأسيس، وحين التدافع لأجل السلطة، وحين تتعثر الحركة أو تلحّ عليها سنة التغيير.

هكذا بدا أن الحزب يتنازعه منذ وقت ليس بالقصير رأيان: أحدهما يصرّ على أن إصلاح شأن تونس من إصلاح شأن النهضة وحماية ثورة البلاد من حماية قانون التداول داخل الحركة نفسها، بينما يلحّ الرأي الآخر داخل النهضة أيضًا أن الآخر من يستهدفنا ويريد شقّ صفنا. 

وتتزامن استقالة القياديين اليوم في النهضة مع اتساع دائرة معارضي الرئيس قيس سعيد ودعوات للتظاهر ضد قراراته. فما أسباب الأزمة داخل النهضة؟

"إصلاح الحركة لم يعد يعنينا"

يوضح الوزير السابق والقيادي المستقيل من حركة "النهضة" محمد بن سالم، أن هذه اللحظة لم تكن سهلة بالنسبة لمناضلين نشطوا لعشرات السنين في صفوف الحركة.

ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: إن الخروج من حركة ناضلنا فيها لسنوات عديدة وما زلنا نكنّ كثيرًا من الودّ لكثير من مناضليها اضطررنا إليه اضطرارًا".

ويردف: "قرّرنا أن ما خرجنا من أجله هو الدفاع عن الديموقراطية والدفاع عن الحريات في تونس المهدّدة تهديدًا حقيقيًا"، مشيرًا إلى أن الاصلاح داخل النهضة الآن لم يعد يعنينا. ويؤكد أنه على عاتق الناس الذين بقوا فيها. 

ويردف: "نحن أعلنا أننا فشلنا في الوصول إلى الاصلاح واعتبرنا أنه بعد الزلزال الذي حدث في تونس جرّاء الانقلاب، كان على قيادة النهضة أن تتحمل مسؤوليتها وتتراجع خطوة للوراء وتتيح للوجوه التي تتمتع بقبول لدى المنتظم السياسي التونسي أن تحاول المساهمة في حل الأزمة في البلاد".

ويأسف لأن قيادة الحركة الحالية غير قادرة على الجلوس مع أي سياسي تونسي على الإطلاق. 

"استقالة الغنوشي لا تحظى بالاجماع"

من ناحيته، يشير عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة العجمي الوريمي، إلى أنه عندما اتخذ سعيد التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو/ تموز تعالت الأصوات داخل الحركة تطالب بما أسموه حل أو علاج الصدمة الإيجابية. 

ويلفت في حديث إلى "العربي" من سوسة، إلى أن هناك من رأى أن الصدمة تكون باستقالة القيادة، ومن رأى أنها تكون بسحب الثقة من القيادة، وآخرون اعتبروها في تأخر بعض الوجوه وتقدم أخرى.

ويوضح أن "ما بادر به رئيس الحركة راشد الغنوشي نظرًا للتطورات التي عاشتها البلاد بعد 24 يوليو جاء تنفيذًا لقرار مجلس الشورى تكوين لجنة لإدارة الأزمة".

ويردف بأن هذه اللجنة شقت طريقها وطرقت الأبواب وقامت بدورها، وأعتقد أن حصيلتها بالعموم تعتبر إيجابية.

وإذ يشير إلى استقالة رئيس اللجنة وهو عضو في المكتب التنفيذي، يوضح أن لا علاقة لها بالاستقالات صبيحة اليوم، لافتًا إلى أن رئيس اللجنة يعتبر أنها استوفت أغراضها.

ويلفت إلى أن الرأي الداعي لاستقالة الغنوشي لا يحظى بالاجماع داخل حركة النهضة.

وفيما يشير إلى تأييد إجراء وقفة للتأمل ومراجعات وإصلاحات عميقة وجذرية وكذلك تطوير الحركة على مستوى خطابها وبرنامجها وخطها السياسي وتموقعها في المشهد السياسي، يوضح أن هذا الموضوع يناقش داخل المؤسسات. 

"أخطاء استراتيجية داخل النهضة"

بدوره، يعتبر مدير موقع "الرأي الجديد" صالح العطية، أن حركة النهضة بدأت تدخل نفق النهاية منذ "25 يوليو" وطريقة تعاطيها معه. 

ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: إنه "يأسف لأن حركة النهضة التي تُعد أحد أكبر الأحزاب في تونس والتي قادت مرحلة عشر سنوات بعد الثورة التونسية، عند انقلاب 25 يوليو كانت مصدومة وظلت مصدومة إلى حد هذا اليوم".

ويردف بأن الحديث عن تغيير المكتب التنفيذي وعن تشكيل لجنة لإدارة الأزمة كان كله نوع من المناورة داخل النهضة.

ويعتبر أن الغنوشي هو من يمنع استقالة قيادات بارزة، لافتًا إلى أن الرجل لا يريد أن يستقيل وأن يبتعد عن حركة النهضة.

وإذ يعرب عن اعتقاده بأن هناك بعض القيادات السياسية في الأحزاب العربية تتحول إلى "ملتهمة" للرجال داخل هذه الأحزاب، يرى أن الحالة في حركة النهضة لا تبتعد عن هذا المثال كثيرًا.

ويتحدث عن أخطاء استراتيجية داخل النهضة منذ الثورة وحتى الآن؛ أحد أهمها العلاقة بالمنظومة القديمة وما يسمى في تونس بالدستوريين.

ويشير إلى أن جزءًا كبيرًا ممن يناصرون الرئيس قيس سعيد اليوم هم من المنظومة القديمة". 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close