الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

الأزمة اللبنانية الخليجية.. هل يتخطى التصعيد حدود القطيعة الدبلوماسية؟

الأزمة اللبنانية الخليجية.. هل يتخطى التصعيد حدود القطيعة الدبلوماسية؟

Changed

لا يزال قرداحي الذي أشعل فتيل التوتر من خلال تصريحاته يرفض الاستقالة أقله حتى اللحظة، متذرعًا بأن كلامه صدر قبل توليه منصبه الرسمي.

تتدحرج الأزمة السياسية في لبنان، حيث تحولت تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي قبل توزيره حول الحرب في اليمن إلى قضية خلاف مع السعودية، التي سارعت إلى قطع العلاقات مع بيروت، لتتبعها كل من الإمارات والبحرين والكويت.

وتضاف هذه الأزمة السياسية إلى أزمات لبنان المتلاحقة، وسط اشتباك بين الفرقاء اللبنانيين على ملفات داخلية تتصل بمحيط إقليمي ملتهب.

فقرداحي الذي أشعل فتيل التوتر من خلال تصريحاته، لا يزال يرفض الاستقالة أقله حتى اللحظة، متذرعًا بأن كلامه صدر قبل توليه منصبه الرسمي.

وسرعان ما تحولت تصريحات قرداحي إلى مادة خلاف للانقسام بين اللبنانيين. وفي مقابل التشرذم اللبناني، يبدو الموقف السعودي واضحًا، بأن لا تسوية ممكنة مع لبنان في ظل استمرار سيطرة حزب الله على مفاصل وسياسات الدولة.

هذا التصعيد قد لا يتوقف عند حدود القطيعة الدبلوماسية التي أعلنتها عدة دول خليجية، فالسعودية تمتلك عددًا من أوراق القوة في مواجهة لبنان المنهار اقتصاديًا والمتشرذم سياسيًا، وقد اتخذت فعليًا خطوة تمثلت بوقف التبادل التجاري معه.

وستؤدي هذه الخطوة إن استمرت إلى خسارة لبنان ملايين الدولارات في وقت يعيش فيه أزمة اقتصادية أدرجته ضمن أسواء ثلاث أزمات اقتصادية في العالم، وفقًا للبنك الدولي.

ولعل الخوف الأكبر لدى اللبنانيين هو أن يتوسع الخطر الاقتصادي، ليطال دولًا خليجية أخرى، لا سيما أن أغلب الصادرات اللبنانية تذهب إلى دول الخليج، وتوقفها سيشكل انتكاسة قوية للاقتصاد في البلاد.

وفي ظل الخطر الحقيقي الذي يواجهه لبنان من جرّاء القطيعة مع السعودية، بات من الواضح أن قرداحي القادم من خارج البيئة السياسية تحول إلى واجهة سجال بين معسكرين داخل لبنان وخارجه، وأن استقالة وزير الإعلام من عدمها ليست أكثر من رأس جبل جليد في هذا الصراع.

هل تفتح استقالة قرداحي الحوار مع السعودية؟

وفي هذا الصدد، يشير أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود سعيد الغامدي إلى أن تصريحات قرداحي لم تكن السبب الحقيقي وراء الموقف السعودي تجاه لبنان، لافتًا إلى أن ردة الفعل جاءت أيضًا على خلفية قضايا سابقة تتعلق بتهريب المخدرات، وعدم تسليم عدد من المطلوبين إلى المملكة في جرائم معينة.

ويلفت الغامدي في حديث إلى "العربي" من الرياض إلى أن بعض التصريحات السياسية في لبنان عجلت باتخاذ المملكة لهذا القرار، وكذلك نتيجة لعدم اتخاذ الحكومة اللبنانية أي إجراءات لمنع تهريب المخدرات إلى السعودية.

ويشير إلى أن اجتماعًا عقد مع الحكومة السعودية بعد استقالة وزير الخارجية شربل وهبة في 19 مايو/ أيار على خلفية تصريحات صحافية اعتبرتها الرياض "مشينة"، وتم خلاله الاتفاق على العديد من القضايا الأمنية، لكن اللبنانيين لم يوفوا بوعودهم.

ويتهم الغامدي إيران وخبراء حزب الله اللبناني بإطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة باتجاه المملكة وبدعم الحوثيين.

ويشدد على ضرورة وجود حكومة نافذة في لبنان تستطيع أن تخرج من سيطرة حزب الله عليها، مشيرًا إلى أن الحزب يسيطر على المشهد الأمني والسياسي والاقتصادي في لبنان.

وينفي تدخل السعودية في شؤون لبنان الخاصة، لافتًا إلى أن المملكة تدعو لبنان لإيقاف الحزب عند حده.

ويرى الغامدي أن "استقالة قرداحي ستفتح الحوار والنقاش وحسن النوايا".

إصرار فرنسي - أميركي على إبقاء الحكومة

من جهته، يسأل الكاتب والباحث السياسي حسن شقير: "إذا كانت السعودية قد قطعت علاقتها مع لبنان على خلفية تهريب المخدرات، فلماذا لا تقطعها مع الأردن وماليزيا والإمارات واليمن وغيرها من الدول؟"

ويلفت في حديث إلى "العربي" من بيروت إلى أن القضية أعمق من ذلك، معتبرًا أنها لا تتعلق بتصريحات قرداحي فقط.

ويقول شقير: إن "السعودية كانت تريد من أي حكومة في لبنان ألا تضم حزب الله لا بشكل مباشر أو غير مباشر، مشيرًا إلى أن المصالح الفرنسية والأميركية تقدمت على المصالح السعودية، ووجدت المملكة أن الحكومة تشكلت رغمًا عنها".

ويرى أن على حزب الله من الناحية الأخلاقية أن يتضامن مع حلفائه، مشيرًا في هذا الإطار إلى أن الحزب لا يرضى باستقالة قرداحي.

ويؤكد أن الحكومة اللبنانية تشكلت وفقًا للمبادرة الفرنسية، ولا تتمثل فيها الأحزاب بشكل مباشر، مشيرًا إلى مشكلة كانت لدى سعد الحريري عندما كانت تطلب منه السعودية تشكيل حكومة، بدون تدخل الأحزاب لا بالتسمية ولا بغيرها.

ويستبعد شقير أن تذهب السعودية إلى مقاطعة قد تؤدي إلى انفجار لبنان، وذلك بعد إصرار فرنسا وأميركا على الحفاظ على الحكومة من خلال إرسال رسالة إلى رئيس الحكومة اللبنانية بألا يفكر بالاستقالة.

"رسائل سياسية عدائية"

أمين سر تكتل القوات اللبنانية فادي كرم يرى أن السعودية حريصة على العودة إلى لبنان، إلا أنه يلفت إلى أن هناك وزراء في السلطة الحاكمة في لبنان لديهم رسائل سياسية عدائية ضد دول الخليج.

ويشير في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى أن "المسألة ليست متعلقة فقط بتصريحات قرداحي"، معتبرًا أن كلامه يشكل مؤشرًا على السياسة المتبعة من قبل الحكومة تجاه السعودية.

ويلفت كرم إلى أن ما يحفظ العلاقات السعودية اللبنانية هو حياد لبنان من الصراعات الإقليمية، مشددًا على أن المطلوب منه احترام الحياد.

ويرى أن الحكومة في لبنان والسلطة من خلفها لا تتعاطى مع الأمور من منظار مصلحة الشعب اللبناني، مشددًا على أن العودة للعلاقات ضرورية ولها شروطها، ليس فقط باعتذار الوزير عن تصريحاته، بل عبر مسار كامل من خلال الابتعاد عن الإساءة للدول الصديقة للبنان وخاصة دول الخليج.

ويشدد على أن حل الأزمة وعودة العلاقات لطبيعتها تبدأ من استقالة وزير الإعلام اللبناني، والتزام السلطة اللبنانية بعدم التدخل بسيادة الدول الخليجية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close