اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، أن الدبلوماسيين الغربيين يعملون من أجل تحقيق أوكرانيا النصر في ساحة المعركة، وتقسيم المجتمع الروسي، وذلك بعد دخول العملية العسكرية التي أطلقها ضد الجارة أوكرانيا شهرها الثالث.
وجاءت كلمة بوتين عقب إعلان روسيا، الإثنين، طرد 40 دبلوماسيًا ألمانيًا ردّا على تدبير مماثل اتخذته ألمانيا قبل فترة قصيرة إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وأفاد بوتين في كلمة ألقاها خلال اجتماع موسع للمدعين العامين في روسيا، بأن الدبلوماسيين رفيعي المستوى في أوروبا والولايات المتحدة حثوا أوكرانيا على استخدام جميع مواردها للانتصار في ساحة المعركة.
"دبلوماسية غريبة للغاية"
إضافة إلى ذلك، قال بوتين الذي يرفض كل الدعوات لوقف الهجوم على أوكرانيا رغم العقوبات الثقيلة التي تعرضت لها بلاده وأثرت مباشرة على اقتصادها، إنه "لدى الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين دبلوماسية غريبة للغاية".
وأضاف: "حتى الدبلوماسيون يحثون على هذا الأمر؛ تشجيع أوكرانيا على حشد مواردها ضد روسيا، وعندما يدركون أنه مستحيل، تبرز مهمة أخرى".
وأشار الرئيس الروسي -الذي اتهمه نظيره الأميركي بايدن بأنه "مجرم حرب ووحشي" بعد فظائع مجزرة مدينة "بوتشا" الأوكرانية قبل شهر- إلى أن المهمة المذكورة تتمثل في "تقسيم المجتمع الروسي وتدمير روسيا من الداخل، ولكنه لا ينجح أيضًا، فمجتمعنا يبدي نضجًا وتضامنا ويدعم جيشنا"، حسب قوله.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت روسيا هجومًا على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية مشددة على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد، وهو ما تعتبره هذه الأخيرة "تدخلًا في سيادتها".
ولا تزال روسيا تواصل عمليتها العسكرية وتركز جهودها حاليًا على الجنوب والشرق الأوكراني، بعد الانكسار في كييف ومحيطها، دون أي التفاف لدعوات وقف الحرب رغم العقوبات الغربية على اقتصادها وتكبدها خسائر في ترسانتها العسكرية.
في المقابل، يجتهد الغرب في دعم أوكرانيا في تصديها لروسيا، إذ عُقد اجتماع مساء أمس الأحد، بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزيرَي الخارجية والدفاع الأميركيَين أنتوني بلينكن ولويد أوستن في كييف.
روسيا تطرد 40 دبلوماسيًا ألمانيًا
وفي سياق متصل، نقلت وكالة الإعلام الروسية اليوم الإثنين عن وزارة الخارجية الروسية قولها إن الأعمال غير الودية ضد الروس لن تمر دون عقاب، وإن موسكو قد تصادر أصولًا في روسيا ردًا على ذلك.
كما أعلنت موسكو عن طرد 40 دبلوماسيًا ألمانيًا ردًّا على تدبير مماثل اتخذته ألمانيا قبل فترة قصيرة.
وقالت الخارجية الروسية في بيان إنّ سفير ألمانيا في موسكو استدعي إلى وزارة الخارجية الروسية، اليوم الإثنين، وسلم مذكرة تفيد بأن "40 موظفًا في البعثات الدبلوماسية الألمانية في روسيا اعتبروا أشخاصًا غبر مرغوب فيهم".
وأوضح البيان: "هذا ردّ متوازن" مع قرار مماثل "غير ودّي" اتخذته الحكومة الألمانية في الرابع من أبريل/ نيسان.
وفي برلين، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيرببوك: "كنا نتوقع الإجراء المتخذ اليوم، لكنه غير مبرر بتاتًا".
وأوضحت في بيان: "الموظفون الأربعون في البعثات الروسية في ألمانيا الذين طردناهم قبل ثلاثة أسابيع لم يعملوا يومًا في خدمة الدبلوماسية خلال إقامتهم في ألمانيا، بل تصرفوا بطريقة منهجية ضد حريتنا وتماسك مجتمعنا".
وأضافت: "عملهم كان يهدد كذلك الذين كانوا يسعون إلى الحماية عندنا"، مؤكدة أن الدبلوماسيين الألمان الذين طردوا "لا غبار عليهم بتاتًا".
ومنذ بدء الهجوم، حاول الغرب إقناع موسكو بوقف عمليتها العسكرية على أوكرانيا، ما اضطر كثيرًا من الدول للتضييق على روسيا عبر طرد سفرائها كخطوة ملازمة للعقوبات الاقتصادية الثقيلة التي فرضت عليها وأحدثت شرخًا كبيرًا في اقتصاد موسكو.
وقبل عشرة أيام طردت جمهورية مقدونيا الشمالية ستة دبلوماسيين "كانوا يقومون بنشاطات تتناقض مع معاهدة فيينا"، في إشارة إلى المعاهدة الدولية التي تشمل اتفاقات مرتبطة ببروتوكولات دبلوماسية.
من جهتها، لجأت موسكو في منتصف أبريل الجاري، إلى اعتبار 18 عضوًا في بعثة الاتحاد الأوروبي في روسيا "أشخاصًا غير مرغوب فيهم" وعليهم مغادرة البلاد، فيما ندد التكتّل بالقرار الذي اعتبره "غير مبرر".
وفي الأسابيع الأخيرة طردت الكثير من الدول الأوروبية من بينها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، عشرات الدبلوماسيين الروس.
وفي بعض الحالات، أعلن رسميًا أن الطرد أتى ردًا على الهجوم الروسي على أوكرانيا، أو الممارسات التي نسبتها الدول الغربية إلى قوات موسكو.
وبررت بعض عمليات الطرد بأنها ردّ على بدء القوات الروسية النزاع في أوكرانيا والانتهاكات التي اتهمها الغربيون بارتكابها. وفي حالات أخرى، أرفقت عمليات الطرد باتهامات بالتجسس.
وتوعدت موسكو بالرد على كل هذه التدابير، وسبق أن طرد عشرات الدبلوماسيين الغربيين من روسيا.