الخميس 2 مايو / مايو 2024

عام على "الورقة الكويتية".. ماذا حقق لبنان من مطالب المبادرة الخليجية؟

عام على "الورقة الكويتية".. ماذا حقق لبنان من مطالب المبادرة الخليجية؟

Changed

"العربي" يبحث في واقع المبادرة الخليجية بشأن لبنان (الصورة: غيتي)
يلقي برنامج "خليج العرب" الضوء على واقع العلاقات اللبنانية الخليجية، بعد مرور عام على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي.

مرّ عام على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي بشأن لبنان، أو ما يعرف إعلاميًا بـ"الورقة الكويتية"، وهي المطالب ذات الـ 12 بندًا التي حملها وزير الخارجية الكويتي السابق الشيخ أحمد ناصر الصباح إلى بيروت قبل سنة.

وعلى الرغم من أن الردّ اللبناني حينذاك رحّب بالمبادرة الخليجية، إلا أن الحكومة اللبنانية لم تقرّر بعد تنفيذ بعض بنود المبادرة التي جعلتها دول مجلس التعاون الخليجي شرطًا لإعادة المعونات الخليجية إلى لبنان.

كذلك، قامت بعض دول المجلس بإجراءات تشجّع بيروت على تنفيذ هذه البنود، ومنها عودة بعض السفراء الذين تمّ سحبهم في أعقاب أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، وتشديد الخارجية السعودية على أهمية عودة لبنان إلى عمقه العربي، إلا أن الوضع لا يزال جامدًا.

ومع تساؤلات طرحها مؤخرًا الأمين العام "لحزب الله" اللبناني حسن نصر الله في خطاب له حول الدعم الخليجي للبنان، يعود الحديث مجددًا حول هذه القضية.

بين الأزمات ورأب الصدع مع الخليج

هذا ويزداد المشهد السياسي تأزّمًا في لبنان، فيما مسارات رأب الصدع مع الدول الخليجية تتأرجح في ظلّ تمسك مجلس التعاون بشروطه لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية الخانقة، وفي مقدمتها إجراء سلسلة إصلاحات.

ويواجه لبنان أزمة حكم وأخرى اقتصادية غير مسبوقة، مع عدم وجود رئيسٍ للبلاد وفي ظل حكومة تصريف محدودة السلطات، وبرلمان منقسم في ظلّ تعليق رئيس مجلس النواب نبيه برّي جلسات المجلس إلى حين حصول خرقٍ رئاسي أو توافق سياسي.

هذا السيناريو يعدّ مستبعد التحقق قريبًا، لا سيما مع انهيار الاقتصاد اللبناني وعدم تجاوب لبنان مع 12 شرطًا خليجيًا من أجل مساعدة بيروت على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

ويرى مراقبون أن مسار إنقاذ لبنان وفق خارطة طريق دول مجلس التعاون الخليجي، متوقف على حدوث انفراجةٍ في الأزمة السياسية وتنفيذ لبنان لحزمة إصلاحات اقتصادية، بعد أن وصل الوضع لحافة الانهيار مع وصول حجم الدين العام في لبنان إلى أكثر من 150 % من الناتج الإجمالي.

كما شهدت الليرة اللبنانية انهيارًا مدويًا حيث فقدت أكثر من 90% من قيمتها.

المطالب الخليجية

وتضمنت المطالب الخليجية لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية، التزام لبنان بكافة قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية ووضع إطارٍ زمني لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي.

وأحد هذه القرارات، يدعو إلى نزع سلاح الفضائل المسلّحة في إشارة إلى سلاح "حزب الله"، مع وقف هذا الأخير تدخله في الشؤون الخليجية وبسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على كافة منافذ الدولة.

هذا فضلًا، عن القضاء على عمليات تهريب المخدرات من لبنان، والعمل مع البنك الدولي لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من استلام ودائعهم في البنوك اللبنانية.

وأمام تعطّل أي مبادرات خارجية تدفع بالأطراف اللبنانية، إلى خطوات تسهّل انتخاب رئيس في ظل استمرار الانقسام حول تحديد الجهة المقررة في انتخابه داخليةً كانت أم خارجية، تترقب العواصم الخليجية تجاوب فرقاء الأزمة اللبنانية مع "الورقة الكويتية" بعد عام على طرحها.

"حبر على ورق"

متابعةً لهذا الملف، يقول الكاتب الصحفي أسعد بشارة، إن الجميع يعلم كيف تتشكل الحكومات اللبنانية وقدرتها على العمل، والهوامش المفتوحة أمامها للتملص من النفوذ الإيراني في البلاد المتمثّل في "حزب الله"، والذي على حدّ قول بشارة هو من يشكّل الحكومات ومن يضع "الفيتو" على أي تشكيلة حكومية إلى حين تشكيلها وفق الطريقة التي يرتئيها.

ويضيف بشارة من بيروت: "من يختار رئيس الحكومة ويملي عليه دفتر الشروط، بما يتعلق بموضوع السلاح والحدود والقرارات الدولية، والسيادة، والعلاقات الدولية هو حزب الله".

وبالتالي، لا يمكن التحدث عن موقف واضح للحكومة اللبنانية بمعزل عما يريده "حزب الله"، إذ على حد قول الكاتب الصحفي "لا يوجد ما اسمه حكومة لبنانية في السياسة الخارجية، فهي تنصاع لتوجهات حزب الله وإن اختلفت هويات الأشخاص الذين يتولون هذه المهمة".

أما البيانات المرحبة بـ"الورقة الكويتية" الصادرة عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو وزارة الخارجية وغيرها فلا تعدو كونها "حبرًا على ورق وخطابا شكليا" لا ترجمة له على الأرض، لأن مضمون المبادرة الخليجية يتصّل مباشرة باستعادة سيادة لبنان، وتنفيذ القرارات الدولية والإصلاحات الاقتصادية، بحسب بشارة.

ويردف من بيروت: "تنفيذ هذه المبادرة يقضي على عمل المافيا السياسية في لبنان، وهي لن تسمح بذلك على الإطلاق".

الكرة في الملعب اللبناني

أما المحلل السياسي صالح السعيدي، فيعتقد أن المبادرة الخليجية عندما قدمت لم تكن وليدة لحظتها بل هي نتاج سلسلة من المواقف والأحداث التي أدّت إلى تبلور "الورقة الكويتية"، ومن بينها زيادة توغّل "حزب الله" داخل السلطة في لبنان وسيطرته على مفاصل الدولة.

فقد زاد انضواء لبنان نحو المعسكر السياسي الإيراني، حيث شهدت السنوات الماضية فرزًا للمواقف لا سيما بعد الثورة السورية التي انضم فيها "حزب الله" بقواته وعتاده لدعم نظام الأسد في قمع وقتل وتهجير المدن والقرى السورية، فضلًا عن تدخله في الأحداث باليمن والمنطقة، وفق السعيدي.

 ويتابع من الكويت: "لم يكن حزب الله طيلة السنوات السابقة مضطرًا لاتخاذ مواقف معادية لدول الخليج رغم علاقته الوثيقة مع إيران، ولكن الصدام الذي حصل في المنطقة وإعادة ترتيب الأحداث أدى إلى انكشاف حزب الله بأنه أداة بيد طهران".

وعليه، يلحظ السعيدي أتت المبادرة الخليجية في أعقاب تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق حول السعودية واليمن، والاستياء الخليجي المتعاظم، إذ كانت القشة التي قسمت ظهر البعير.

فجاءت الكويت بمبادرة لوضع خطوط للعلاقة بين دول الخليج ولبنان حتى لا يقال إن العواصم الخليجية تخلت تمامًا عن بيروت ورفضت الحوار معها، لتضع بالتالي الكرة في الملعب اللبناني، بحسب المحلل السياسي الكويتي.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close