Skip to main content

"فرصة أخيرة".. هل تُفلح الجهود الأوروبية لإنقاذ اتفاق إيران النووي؟

السبت 7 مايو 2022

وصفت صحيفة "الفاينانشال تايمز" الجهود الأوروبية المستجدة لإنقاذ اتفاق إيران النووي بـ"المحاولة الأخيرة"، حيث يقول مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل للصحيفة إنه يسعى إلى "حل وسط" ترفع واشنطن بموجبه الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، على أن تظلّ كيانات تابعة له في القائمة.

ولا تخفي كل الأطراف أنّ وضع الحرس الثوري الإيراني يمثل "حجر الأساس" في ما تبقى من خلافات على الطاولة، ولذلك سيطير كبير المفاوضين الأوروبيين إنريكي مورا بالمقترح الجديد إلى طهران، الثلاثاء القادم، في محاولة لكسر حالة الجمود التي تسيطر على المفاوضات شبه المتوقفة منذ مارس/ آذار الماضي.

وقد استبق وزير الخارجية الإيراني التصريحات الأوروبية، من خلال تجديد إلقاء اللوم على ما وصفها بـ"السياسة الخاطئة" لواشنطن بممارسة سياسة الضغوط القصوى، كما انتقد الكونغرس وشدد على أنّ التوصل لاتفاق دائم وعادل يتطلب التعويض عن النهج الخاطئ الماضي تجاه طهران من الحكومة الأميركية.

وقبل ذلك بأيام، كُشف عن محادثات أميركية إسرائيلية للتحضير لما بعد "فشل" المفاوضات النووية، تشمل زيادة الضغط على إيران، في إشارة إضافية على استعداد إدارة الرئيس جو بايدن لكل الاحتمالات.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فهل ينجح الأوروبي في تحقيق انفراجة ما تكسر حالة الجمود؟ وهل يقبل الإيرانيون والأميركيون بتجاوز خطوط حمراء سبق أن أعلنوا عنها؟

أوراق أميركا المتبقية

وفي هذا الإطار، يرى مدير قسم الدراسات والإستراتيجية في المجلس الأطلسي ماثيو كرونيغ أنّ التهديد النووي الإيراني خطير جدًا والكل مجمع على ذلك، معتبرًا أن الولايات المتحدة لا بد أن تجبر إيران على عدم امتلاك هذا السلاح الفتاك.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إلى أن أفضل طريق أمام الولايات المتحدة للتوصل إلى ذلك هو عبر اتفاق، لكن السؤال هو: كيف نصل إليه؟.

ويلفت كرونيغ إلى أنه في عام 2015 "كان هناك جدل داخل أميركا نفسها وفي أماكن عدة أخرى والآن موقفهم في المفاوضات أضعف وقد يقدمون تنازلات أكثر"، مضيفًا: "أعتقد أن إدارة بايدن تريد التوصل إلى اتفاق وربما يتنازلون ولكن الأمر سيكون أكثر جدليًا عن السابق".

ولذلك يرى مدير قسم الدراسات والإستراتيجية في المجلس الأطلسي أن الموضوع لم يعد متوقفًا على الحرس الثوري، إذ إن مخاوف البيت الأبيض بشكل عام من برامج طهران لم تتبدد، رغم الحديث عن اتفاق تقريبي على بنود إحياء الاتفاق من جديد.

ويقول: "لن تقبل الولايات المتحدة بأي نوع من الاتفاق والسلام، وإذا لم تستطع الحصول على اتفاق جيد ستنظر في الاختيارات الأخرى، وقد كان بايدن صريحًا في هذا الخصوص بأن هناك خيارات مثل الخيار العسكري".

المخاوف الإيرانية لم تتبدد

من جهته، يرى أستاذ دراسات الشرق الأوسط حسن أحمديان أن المخاوف الإيرانية لم تتبدد من الأساس لكي تعود اليوم، إذ إن إيران على حد تعبيره ما زالت متخوفة من واقع التنصل المستقبلي لأميركا من أي التزام قد تقطعه في اتفاق قد تصل إليه الأطراف.

ويقول أحمديان لـ"العربي"، من طهران، إن إيران تحاول من خلال التفاوض "التوصل إلى شيء من الضمانات لمستقبل هذا الاتفاق لكن من الواضح أن ضمانه أصبح غير ممكن ولذلك تبقى المخاوف قائمة".

لكنّ أستاذ دراسات الشرق الأوسط لا يستبعد في المقابل، محاولات إعادة إحياء الاتفاق على الأقل لفترة، يعاد النظر خلالها في بعض من أجزائه مستقبلًا كي يتمكن هذا الاتفاق من البقاء قائمًا.

إلا أن الملف برمته يرتبط بحسب أحمديان، بعدم الاستقرار السياسي في واشنطن بين الجمهوريين المعارضين بشكل كامل للاتفاق، وبين الديمقراطيين الذين يريدون إحياءه وهذا يؤثر بشكل مباشر على مخاوف طهران.

أهداف الاتحاد الأوروبي من الملف النووي

بدوره، يتطرق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "ليل" الفرنسية يونس بلفلاح، إلى مكانة الاتحاد الأوروبي وقدرته على لعب دور الوسيط القوي، وسط الظروف الراهنة لا سيما بعد شهرين على انشغاله بالحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على اقتصاد الاتحاد.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من باريس، إن الاتحاد الأوروبي يمكن وصفه في هذا الملف بأنه "وسيط محايد"، لكنه فعليًا محايد بشكل إيجابي إذ كان له دور كبير في محاولة إحياء الاتفاق النووي، وخلق آلية للتعامل المالي والمصرفي مع إيران، رغم عدم نجاح كل محاولاته.

ويلاحظ في هذا الصدد أن طرفي الصراع الرئيسيين هما إيران وأميركا، مضيفًا أن أسباب تعطل المفاوضات سابقًا تدل على أنها بدأت تندثر وأن "هناك سياقًا جديدًا يميزه وجود الإرادة السياسية لدى الجانبين حاليًا للخروج من الاتفاق".

ويعرب بلفلاح عن اعتقاده أن إيران تريد اتفاقًا يضمن لها العودة إلى الساحة الاقتصادية وفك العقوبات، بينما الولايات المتحدة تريد إغلاق هذا الملف.

ولا ينفي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "ليل" الفرنسية وجود تحركات في الفترة الأخيرة يمكن أن تقرأ بشكل جيد، منها الخروج الأميركي من الشرق الأوسط، وتوتر العلاقات الأميركية مع دول الخليج، بالإضافة إلى لجوء بعض دول الخليج إلى مفاوضات سرية مع الجانب الإيراني.

ويرى بلفلاح أن هذه التطورات "تعطي انطباعًا إيجابيًا في هذا الملف.. حتى أن الاتحاد الأوروبي يدرك أن النفط الإيراني والفنزويلي والروسي الخاضع للعقوبات يمثل 33% من النفط العالمي، وإن أتيحت الفرصة لإيران للولوج إلى الأسواق الأوروبية فمن الطبيعي أن تتغير أسعار النفط".

من جهة ثانية، يشدّد بلفلاح على أن لدى إيران التزامات مهمة بالأطراف الأخرى مثل روسيا التي تجمعها معها شراكة إستراتيجية وتعاون عسكري واستخباراتي، إلى جانب الصين التي تجمعها بها استثمارات بمليارات الدولارات، على حد قوله.

أما في الشق الأوروبي، فيلمح أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الاتحاد يحاول أن يقدم تسهيلات من بينها تصريح بوريل الذي تحدث عن مؤسسة مهمة جدًا في إيران وهي الحرس الثوري، والذي هو ليس فقط مهمًا عسكريًا بل كونه الذراع الرئيسي والمسيطر على الاقتصاد الإيراني.

ويضيف: "الشركات الغربية سواء الأميركية أو الأوروبية تدرك أنها إذا أرادت الدخول إلى السوق الإيراني، سوف تمر عن طريق التفاوض مع هذه المؤسسة لذلك بدأ الحديث عن احتمال سحب الحرس الثوري من لائحة الإرهاب والالتزام فقط بفيلق القدس".

المصادر:
العربي
شارك القصة