تعتبر السكتة القلبية على رأس أولويات اهتمامات السلطات الصحية في العالم، بعدما ارتفعت أعداد الوفيات بها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا بين لاعبي كرة القدم.
وتحدث السكتة القلبية عندما يتوقّف القلب عن ضخّ الدم فجأة، بسبب مجموعة متنوّعة من مشاكل القلب، ولكنها ناتجة بشكل رئيسي عن اختلال وظيفي كهربائي.
وأفاد المعهد القومي للرئة والدم في الولايات المتحدة بأن حوالي 50% من الأشخاص الذين يعانون من السكتة القلبية، لم يكونوا على دراية بمشكلة قلبية أو عامل خطر.
وفي هذا الإطار، قدّمت مجلة "فوربس" توضيحات حول أسباب السكتة القلبية، والعلامات التي يجب مراقبتها، وكيفية الحصول على المساعدة الفورية.
ما هي السكتة القلبية؟
السكتة القلبية هي الفقدان المفاجئ وغير المتوقّع لوظيفة القلب، حيث يتوقف عن النبض بشكل مفاجئ، وبالتالي لا يمكن للدم أن يتدفّق إلى الأعضاء الحيوية مثل الدماغ، الأمر الذي يعرض حياة الإنسان للخطر، رغم التدخل الطبي الفوري.
وبينما تحدث السكتة القلبية غالبًا من دون سابق إنذار، فإن وجود علامات وأعراض وحالات أخرى يمكن أن يشير إلى احتمالية حدوث السكتة القلبية.
ما هو الفرق بين السكتة القلبية والنوبة القلبية؟
رغم أن النوبة القلبية يمكن أن تسبّب السكتة القلبية، إلا أن هناك اختلافًا بين الحالتين.
فالنوبة القلبية، والمعروفة طبيًا بـ"احتشاء عضلة القلب"، هي مشكلة في الدورة الدموية ناتجة عن عدم تدفّق الدم إلى القلب، بسبب انسداد الشرايين.
وفي الوقت نفسه، تحدث السكتة القلبية عندما يتوقف القلب عن النبض تمامًا بسبب مشاكل كهربائية في القلب نفسه.
وفي هذا السياق، يوضح إيهاب جرجس، الدكتور في الطب والمدير الطبي لمختبر الفيزيولوجيا الكهربية للقلب في مستشفى جامعة هاكنساك ميريديان جيرسي شور، للمجلة أنّ "السكتة القلبية هي مشكلة كهربائية، بينما النوبة القلبية هي مشكلة في تدفّق الدم".
ما هي أسباب السكتة القلبية؟
تحدث معظم حالات السكتة القلبية بسبب عدم انتظام ضربات القلب. ويمكن أن تشمل أسبابًا أخرى على غرار:
- أنسجة القلب الإقفاري: يمكن أن تتسبّب النوبة القلبية في نقص التروية، ونقص تدفّق الدم إلى القلب، ويمكن أن تؤدي النوبة القلبية السابقة إلى ندوب في أنسجة القلب و/أو تؤدي إلى تضخّم القلب.
- تضخّم عضلة القلب (اعتلال عضلة القلب): ارتفاع ضغط الدم وأمراض صمّام القلب هما حالتان يمكن أن تتلفا عضلة القلب وتتسببا في زيادة سمكها، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكتة القلبية.
- تشوّهات كهربائية: تعتبر حالات طبية مثل متلازمات "وولف باركنسون وايت"، و"لونغ كيو تي" و"بروغادا" من أسباب السكتة القلبية لدى الأطفال والشباب.
- تشوهات الأوعية الدموية، حيث يؤدي إفراز الأدرينالين أثناء نوبات النشاط البدني الشديدة إلى السكتة القلبية.
- الأدوية: في ظل ظروف معينة، يمكن أن تسبّب الأدوية عدم انتظام ضربات القلب، بما في ذلك أدوية القلب وإن بشكل نادر.
- تعاطي المخدرات.
ما هي عوامل الخطر للإصابة بالسكتة القلبية؟
بينما يمكن أن تحدث السكتة القلبية أحيانًا بدون سبب أساسي واضح، تشمل عوامل الخطر المعروفة ما يلي:
- أمراض القلب الأخرى: يزيد مرض الشريان التاجي، وعدم انتظام ضربات القلب، والتهاب القلب، وقصور القلب، من خطر إصابة الشخص بالسكتة القلبية. العمر: السكتة القلبية نادرة لدى الأفراد الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا، بينما تزداد المخاطر مع التقدّم في العمر. جنس الإنسان: يعاني الرجال من السكتة القلبية بمعدلات أعلى من النساء.
- العرق: الأفراد ذوي البشرة السمراء ولا سيما النساء منهم، أكثر عرضة للإصابة بالسكتة القلبية من الأفراد البيض والآسيويين واللاتينيين.
- عوامل وراثية: قد تكون بعض الحالات التي يمكن أن تؤدي إلى السكتة القلبية متوارثة في العائلات. ولذلك على الشخص مناقشة تاريخ العائلة الصحي مع مقدم الرعاية الصحية.
لماذا يُصاب الشباب بالسكتة القلبية؟
ويوضح الدكتور جرجس أن "أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للسكتة القلبية المفاجئة لدى الشباب، هو اعتلال عضلة القلب التضخّمي، وهو سماكة البطين الأيسر، إضافة إلى خلل تنسّج البطين الأيمن الناتج عن عدم انتظام ضربات القلب"، والذي يحدث عندما يتم استبدال النسيج العضلي في البطين الأيمن بنسيج ندبي، مما يجعله عرضة لإيقاعات غير طبيعية.
وفي بعض الأحيان، يتمّ فحص الرياضيين الشباب لتحديد ما إذا كانوا مصابين بهذه الأمراض القلبية وغيرها. لكن الدكتور جرجس يلفت إلى أنّ مثل هذه الفحوصات ليست إلزامية، ولذلك يمكن أن تمر أسباب السكتة القلبية المفاجئة من دون أن يلاحظها أحد حتى لحظة حدوث السكتة القلبية.
وسبب آخر محتمل للسكتة القلبية لدى الرياضيين الشباب الأصحاء يسمى "commotio cordis"، والذي يحدث عندما يتوقف القلب عن ضخّ الدماء بسبب تأثير منخفض أو خفيف على جدار الصدر.
ما هي عوارض الإصابة بالسكتة القلبية؟
بالنسبة للعديد من الأشخاص، قد تحدث السكتة القلبية من دون علامات تحذيرية. ومع ذلك، قد يعاني البعض من ألم في الصدر، وضيق في التنفّس، وغثيان أو قيء لمدة ساعة قبل الإصابة بالسكتة القلبية.
وعادةً ما يكون فقدان الوعي (الإغماء) هو العارض الأكثر شيوعًا على إصابة الشخص بالسكتة القلبية المفاجئة. كما قد يشعر بالدوار أو الدوخة أو تسارع في ضربات القلب قبل أن يفقد وعيه.
كيف نساعد شخصًا يعاني من سكتة قلبية؟
السكتة القلبية هي حالة خطيرة تتطلب عناية طبية فورية. ومع ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن القيام بها لمساعدة شخص ما حتى وصول المستجيبين الطبيين ذوي الخبرة، من بينها:
- اتصل بخدمة الطوارئ أو الإسعاف وطلب المساعدة الطبية الفورية.
- تحقّق من وجود نبض لدى الشخص المصاب. وإذا لم يكن لدى الشخص أي نبض، فابدأ في الإنعاش القلبي الرئوي (CPR).
ولإجراء الإنعاش القلبي الرئوي عالي الجودة، اتبع الإرشادات التالية التي تنصح بها جمعية القلب الأميركية:
- اضغط بقوة وبسرعة على صدر الشخص المصاب، بمعدل يتراوح بين 100 و120 ضغطة في الدقيقة. واسمح للصدر بالعودة إلى وضعه الطبيعي بعد كل دفعة. وزوّد المصاب بالتنفّس الاصطناعي بعد كل 30 ضغطة.
- استخدم مزيل الرجفان الخارجي الآلي (AED) في أقرب وقت ممكن. وهذا الجهاز هو جهاز طبي يحلل إيقاع القلب ويصدر صدمة كهربائية، لمساعدة القلب على استئناف الضخّ بإيقاع طبيعي.
ويوضح الدكتور جرجس أن معظم أجهزة "AED" الحديثة هي سهلة الاستخدام للغاية، وتقدّم للمستخدم المعلومات حول ما يجب فعله بالضبط.
وفي حين أن السكتة القلبية هي مشكلة تُهدّد الحياة ويمكن أن تحدث لأي شخص، فإن التفكير السريع والعناية الطبية الفورية يمكن أن يزيدا بشكل كبير من احتمالية استعادة الفرد للوعي.