قرّر مجلس النواب اللبناني، اليوم الثلاثاء، تأجيل الانتخابات البلدية التي كان من المزمع إجراؤها الشهر المقبل، وذلك للمرة الثانية خلال سنتين، على وقع شلل سياسي وانهيار اقتصادي يعصفان في بلد نادرًا ما تُحترم المهل الدستورية فيه.
وأقر مجلس النواب، وفق ما أعلن، "اقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى التمديد التقني للمجالس البلدية والاختيارية" على أن تنتهي ولايتها "كحد اقصى حتى تاريخ 31/5/2024".
يأتي ذلك رغم إعلان وزارة الداخلية جهوزيتها لهذا الاستحقاق، وفق ما صرح وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أول الشهر الجاري.
انقسامات وأزمة
وتجري الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان عادة كل ست سنوات. وجرت آخر مرة في العام 2016، وكان من المفترض إتمامها العام الماضي، إلا أن البرلمان أقرّ في مارس/ آذار 2022 التمديد للمجالس البلدية لمدة عام، بسبب الأزمة المالية المتواصلة منذ العام 2019.
وتحول عوامل عدة، لوجيستية ومالية، دون إجراء الانتخابات اليوم برغم دعوات من المجتمع الدولي لضرورة الالتزام بموعدها.
وكما عند كل استحقاق في لبنان، تنقسم القوى السياسية بين مؤيد ومعارض، وتتقاذف المسؤوليات، حتى أن بعض الكتل النيابية اعتبرت أن جلسة مجلس النواب الثلاثاء "غير دستورية"، إلا أن نوابًا أمنوا النصاب الكافي لعقدها، وقد انتهت سريعًا بعد اتخاذ قرار التمديد للمجالس البلدية.
وكانت منسقة الأمم المتحدة الخاصة للبنان جوانا ورونيكا، قد قالت بداية الشهر الحالي: "أشجع جميع الأطراف المعنية على دعم الجهود لإجراء الانتخابات في موعدها، وتمكين الشعب اللبناني من ممارسة حقوقه الديموقراطية".
"تسويات ومحاصصة"
لكن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قال الأسبوع الماضي إن "موضوع إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية موضوع أصبح شبه مستحيل"، متحدثًا عن أسئلة يجدر بوزير الداخلية الذي أعلن جهوزيته لإجراء الانتخابات في مايو/ أيار، الإجابة عليها وبينها التمويل.
وتأجيل الانتخابات البلدية ليس أمرًا جديدًا في الممارسة السياسية في لبنان. وغالبًا ما يؤخر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية، القرارات المهمة، وبينها تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس أو حتى الانتخابات البرلمانية.
وزاد الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ 2019 الوضع سوءًا مع الشح الكبير في السيولة وعجز السلطات عن احتوائه.
وقد فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس للجمهورية رغم شغور المنصب منذ أكثر من خمسة أشهر، جراء انقسامات سياسية عميقة.