الأحد 28 أبريل / أبريل 2024

مهلة الـ30 يومًا الاستثنائية في تونس تمضي.. هواجس من "سيناريو" التمديد

مهلة الـ30 يومًا الاستثنائية في تونس تمضي.. هواجس من "سيناريو" التمديد

Changed

لم يتبق من مهلة الرئيس التونسي قيس سعيد للتصرف في حالة استثنائية أدخل فيها البلاد سوى 25 يومًا، وسط اعتراض داخلي ومراقبة خارجية.

لم تكن سنوات تونس الأخيرة سهلة، فقد انكمش نمو اقتصادها بنسبة 3% في الربع الأول من العام الماضي، ووصلت البطالة إلى أكثر من 17% وفق إحصاءات رسمية.

ويثقل موازينها التجارية ارتفاع المديونية خلال العام الجاري إلى نحو 35 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 85% من الناتج المحلي، وفق تقديرات رسمية.

وفق منتقديه، كان ينبغي على الرئيس التونسي أولًا التفكير بحال الاقتصاد، في دخوله المنازلة السياسية الوعرة. 

فلا يفهم ارتكازه على الوضع المتدهور للبلاد لإعلان الحالة الاستثنائية كيف سيساهم في حل أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية. 

والأيام المنسابة من رزنامة الفترة لم يعلن فيها حتى الآن إلا عن إجراءات مشكوك في دستوريتها، وتعيينات ليس من بينها رئيس حكومة وقرارات تغيب عنها الانتخابات المبكرة. 

وإن جرى اتخاذ كل تلك الإجراءات، فإن عبء الاقتصاد أثقل من أن يُرفع بقرارات وأطول مدًا من أن يتغيّر في غضون أيام. 

ويشكل إيقاف قوات الأمن التونسية النائب في البرلمان ياسين العياري من دون إظهار إذن قضائي سؤالًا إضافيًا لتخوفات متشعبة في سماء الحريات. 

الوقت يمضي

إلى ذلك، لم يتبق من مهلة الرئيس التونسي قيس سعيد للتصرف في حالة استثنائية أدخل فيها البلاد سوى خمسة وعشرون يومًا. 

هذه الحالة تمضي سريعًا وسط اعتراض داخلي عليها، ومراقبة خارجية لما يحدث في تونس، ما يطرح الكثير من الأسئلة من بينها: ما الذي يمكن أن يجيزه الرئيس في فترة ثلاثين يومًا؟ هل سيقدم على تشكيل حكومة جديدة؟ وهل سيكون الوقت متاحًا أيضًا للإعلان عن انتخابات مبكرة؟ 

وأبعد من ذلك، هل يمكن أن يعاد عمل البرلمان؟ وكيف سيجري الخروج من هذه الحالة في ظل غياب محكمة دستورية يعود لها قرار تمديد الحالة الاستثنائية من عدمها في ظل برلمان مجمد؟

"التونسي فقد الأمل بغد أفضل"

تعليقًا على التطورات، يأمل النائب عن حزب التيار الديموقراطي هشام العجبوني ألا يتم تمديد فترة الثلاثين يومًا في غياب المحكمة الدستورية، المخوّلة قرار التمديد من عدمه بطلب من رئيس البرلمان أو ثلث أعضائه، مشيرًا إلى أن البرلمان مجمّد وتم تعليق كل اختصاصاته.  

ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: "سنبقى حذرين ويقظين"، لافتًا إلى أن الرئيس استعمل حقه في تفعيل الفصل 80 من الدستور، وهو توسع في التأويل، فليس هناك تجميد للبرلمان".

ويردف بالقول: "للواقعية، لم يكن من الممكن تفعيل الفصل 80 في الوقت نفسه الذي يكون في البرلمان منعقدًا، لأنه من الواضح أنه سيكون هناك صراع آخر ومحاولة لسحب الثقة منه، ما سيعكر الوضع في تونس".

ويرى أنه "لم يكن من الممكن ان يكون هنالك رأسان للسلطة التنفيذية في الوقت نفسه، وربما يُحدث ذلك صراعًا بين رئيس الحكومة الذي لديه صلاحية الأمن الداخلي ورئيس الجمهورية الذي لديه صلاحية الجيش".

ويخلص إلى الحديث عن "قرار الضرورة، لأن الوضع تعفّن بطريقة غير مسبوقة"، لافتًا إلى أن هنالك أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية وأخلاقية في البلاد في الفترة الأخيرة.

ويوضح أن "التونسي فقد الأمل بغد أفضل، ولم ينتفع بمسار الانتقال الديمقراطي طيلة عشر سنوات، والأحزاب التي حكمت فشلت في تغيير واقع تونس والتونسيين، وهمها الوحيد كان منطق الغنيمة والتمكين". 

ويضيف أن "التونسي كان بنهاية الأمر في نفق مظلم ويحتاج إلى بريق ربما من الأمل، لننتظر ونرى ما القرارات التي سيتخذها رئيس الجمهورية".

"النهضة حريصة على إنجاح المسار الديمقراطي"

بدوره، يعتبر عضو مجلس شورى حركة "النهضة" جلال ورغي أن ما حصل من حيث القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية "فيه توسّع بدا أحيانًا متعسفًا، لا سيما في العلاقة بمجلس نواب الشعب وتجميد نشاطه".

ويقول في حديثه إلى "العربي" من لندن: "مجلس نواب الشعب مؤسسة منتخبة دستوريًا، عبر انتخابات حرة ونزيهة، وطالها إجراء استثنائي كان فيه توسع، واعتبره جميع خبراء القانون الدستوري تقريبًا خرقًا واضحًا وجسيمًا للدستور".

ويلفت إلى أن البرلمان المجمد نشاطه، صوتت غالبية الأحزاب الممثلة فيه، لسعيد في الدور الثاني من الانتخابات، ورئيس الحكومة عيّنه سعيد، وبالتالي يفترض أن يتفاعل رئيس الجمهورية مع هذه الأصوات إلى جانب أصوات خبراء القانون الدستوري الذين اعتبروا أن الاستمرار في هذه الاجراءات، والتمديد لها، هو مس بمسار ديمقراطي تفتخر به تونس والعرب".

ويشدد على أن القرارات وعملية التمديد تشكل خطرًا كبيرًا جدًا على الديمقراطية في البلاد، لافتًا إلى أنه في غياب أي مؤسسة رقابة على أعمال السلطة التنفيذية لا نتوقع إلا أن يحصل انزلاق وانحراف وتعسف في استعمال السلطة وتوسع فيه، قد يكون من باب الاجتهاد إلا أنه سيكون غير مبرر.

وإذ يذكر بأن الاجراءات اتخذت ضد مسار يشمل جميع الأطراف وضد مؤسسات دستورية، يلفت إلى أن حركة النهضة معنية كغيرها من القوى السياسية، وهي كانت باستمرار حريصة على إنجاح المسار الديمقراطي وترسيخه.

ويشدد على أن الحركة ستتفاعل إيجابًا مع كل ما من شأنه أن يعيد الأمور إلى طبيعتها، وكذلك المسار الديمقراطي الذي على أساسه نستطيع أن نبني اقتصادًا منتعشًا وثقة المؤسسات الدولية والمالية بالاستقرار التونسي".

 "نحن بحاجة اليوم إلى حوار واقعي" 

من ناحيته، يرى المدير التنفيذي لمركز "شاهد" ناصر الهرابي أن ما تشهده تونس الآن مسألة خطيرة بالنسبة للدولة التونسية ولمسار الانتقال الديمقراطي الذي ما زال هشًا، ويستحق دعم جميع الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة. 

ويلفت في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن المرصد كغيره من الجمعيات التي تعمل في الشأن الانتخابي، وكانت شاهدًا على الانتخابات منذ 2011، عبّر عن أسفه وتخوّفه من انحرافات قد تحصل في الظروف الاستثنائية.

ويضيف: "إلى جانب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يعاني منها الشعب التونسي، تضاف الظروف الاستثنائية"، متحدثًا عن تخوف على الحريات والحقوق، التي ضمنها دستور 27 يناير/ كانون الثاني 2014. 

ويردف: "عبرنا كذلك عن تخوفنا من تعليق عمل مجلس نواب الشعب وحل الحكومة، لأن الفصل 80 تم التوسع فيه، فيما تبقى السلطة الأصلية المجلس التشريعي فهو الضامن لاستمرار الدولة إلى جانب رئيسها، والضامن للحقوق والحريات، وكذلك للجانب الرقابي".

ويؤكد أن تخوفنا من الإجراءات الاستثنائية هو في أن تمس مبادئ ديمقراطيتنا الناشئة، والحقوق والحريات. وفيما يشدد على أن "لا سبيل غير الحوار"، يقول: "نحن بحاجة اليوم إلى حوار واقعي وبتروّ".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close