الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

موجة إضرابات تهز القارة العجوز.. ما دلالات هذه التحركات؟

موجة إضرابات تهز القارة العجوز.. ما دلالات هذه التحركات؟

Changed

برنامج "للخبر بقية" يناقش دلالات الإضرابات المتصاعدة التي تعيش على وقعها القارة الأوروبية وتداعياتها (الصورة: رويترز)
تشهد دول من القارة العجوز موجة إضرابات، بما في ذلك بريطانيا التي تهزّها أزمة اقتصادية يغذّيها ارتفاع معدل التضخم.

وجدت بريطانيا نفسها تحت ضغط إضرابات جديدة، هي الأوسع منذ 10 أعوام، في البلد الذي تهزّه أزمة اقتصادية يغذّيها ارتفاع معدل التضخم.

وشارك اليوم ما يصل إلى نصف مليون بريطاني من المعلمين والمحاضرين الجامعيين وموظفي القطاع العام وسائقي القطارات في إضراب ضخم، احتجاجًا على انخفاض الأجور وأزمة الأسعار.

وقد شهد التحرك إغلاق مدارس وتأهّب الجيش وتوقف خدمات سكك الحديد في معظم أنحاء البلاد.

في السياق نفسه، حذّر اتحاد الخدمات العامة والتجارية في بريطانيا من أن موجة الإضرابات قد تستمر 6 أشهر.

وأعلنت نقابة التمريض إضرابًا جديدًا يومَي 18 و19 من شهر فبراير/ شباط الجاري، بعد أيام على إنهائها تحركًا آخر.

موجة إضرابات في القارة العجوز

غير بعيد عن بريطانيا، يصطف الفرنسيون في موجة احتجاجات وإضرابات متواصلة، والأسباب التي أخرجتهم إلى الشوارع للتظاهر ليست بعيدة عما يثقل كاهل البريطانيين.

وأفادت الداخلية الفرنسية في بيان، بأن نحو 1.2 مليون شخص شاركوا في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أمس الثلاثاء، رفضًا لخطط إصلاح نظام التقاعد، وربطًا للوضع الاجتماعي بأزمة ارتفاع الأسعار والطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

جعل كل ذلك البلد يعيش شللًا في قطاعات عدة منها؛ النقل العمومي والمدارس وشركة الكهرباء والمصافي النفطية ووسائل إعلام حكومية، بعد إقرار يوم ثان من التعبئة الشعبية ضد مشروع إصلاح قانون التقاعد، الذي ينوي الرئيس إيمانويل ماكرون تمريره في البرلمان.

في غضون ذلك، تمتد موجة الإضرابات إلى بقية دول القارة العجوز. ففي بلجيكا، تظاهر أكثر من 12 ألف عامل في القطاع العام بالعاصمة بروكسل بسبب نقص الموظفين.

وفي إسبانيا، بدأ حوالي 160 مراقبًا للحركة الجوية إضرابًا لمطالبة الحكومة بزيادة مؤشر أسعار المستهلك، وإزالة نسبة تخفيضات الأجور.

ومن المُرتقب أن يبدأ عمال النقل العام في هولندا إضرابًا يوم الإثنين المقبل، احتجاجًا على انهيار المفاوضات مع الحكومة بشأن اتفاق جديد يضم 13 ألف موظف..

وقد عمّقت ما يراها المحتجون "سلبية الحكومات في إيجاد حلول لهذه الأوضاع"، الأزمة الاجتماعية والاقتصادية وجعلت مواطنيها في حالة سخط وغضب لا أحد يعلم متى تنتهي.

"الأسباب عميقة جدًا"

تعليقًا على المشهد، يرى الكاتب الصحافي البريطاني بيل لو، أن الأسباب عميقة جدًا ومرتبطة بالحكومة الحالية، مشيرًا إلى التخفيضات التي قام بها المحافظون منذ وصولهم إلى الحكم على رواتب القطاع العام، وفي عدة مجالات مثل المدارس والمستشفيات. 

ويقول في حديثه إلى "العربي" من لندن: إن البلاد بأكملها عانت في مواجهة وباء كورونا، لا سيما قطاع الأطباء والممرضين والممرضات، الذين تلقوا تحية كبيرة بسبب عملهم وجهودهم، ولكن الحكومة قالت إنها لن توافق على المطالب في ما يخص الرواتب.

وبينما يذكّر بارتفاع التضخم بنسبة 10%، يضيف أن عددًا كبيرًا من الأشخاص يدعمون هذه الإضرابات لأن الحكومة تبدو على غير صلة مع الشعب، مؤكدًا أن الإضراب سيستمر.

ويقول: "نطالب الحكومة بصفتنا مقترعين، باتخاذ الإجراءات اللازمة والنقاش بطريقة واضحة وصريحة مع النقابات لحل هذه المشاكل".

"حالة لها خصوصيتها"

بدورها، توضح الأكاديمية والباحثة في الشؤون الاقتصادية والأوروبية نجاة عبد الحق أن الحالة البريطانية لها خصوصيتها.

وتتوقف في حديثها إلى "العربي" من برلين، عند الإحصائيات الاقتصادية التي تشير إلى أن "الاقتصاد البريطاني انكمش بقيمية 4% على الأقل" مقارنة مع الحال قبل البركسيت.

وتؤكد أن ما يحصل في بريطانيا هو نتيجة تراكمية للبركسيت وأزمة كوفيد وسياسات الحكومة وارتفاع الأسعار السريع، أي التضخم، لافتة إلى أن هناك 4 عوامل على الأقل تؤثر على الوضع في بريطانيا.

وفي ما يخص الدول الأوروبية الأخرى، ترى عبد الحق أن هناك أزمة عامة، مذكرة بما قيل منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، من حيث أن الاقتصاديات لم تتعاف بعد من أزمة كوفيد، ثم جاءت الحرب ومن بعدها التضخم. 

وتشير في موضوع التضخم إلى أثر الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، والذي بات يضرب جميع قطاعات الإنتاج، ما أدى إلى ارتفاع سريع جدًا في الأسعار. 

"الشارع دائم في فرنسا"

من جانبه، يشير الكاتب والمحلل السياسي طارق وهبي، إلى وجود مسارَين، داخلي وخارجي، إضافة إلى ما يسمى بالتفاعل بين هذين المسارين.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من باريس، في ما يخص فرنسا على وجه التحديد: إن المسار الداخلي هو الأكبر، ويعطي الطابع الأقوى لما يحصل الآن في البلاد؛ وهو مشروع الحكومة في موضوع التقاعد.

وفيما يرى أن تحركات الشارع دائمة في فرنسا، يستطرد بالإشارة إلى أنها "رياضة وطنية بأن يكون هناك دائمًا ما يسمى بإضرابات في البلاد".

لكنه يوضح أن لهذا الإضراب طعم آخر، عازيًا ذلك إلى وجود اتحاد مهم داخل النقابات الفرنسية، ومعارضة يسارية قوية داخل مجلس النواب تنزل إلى الشارع خلال التحركات العمالية.

ويلفت بشأن المسار الخارجي إلى أنه يتعلق بما يسمى الحياة اليومية للفرنسي، وأهمها موضوع الطاقة، والتي باتت غالية الثمن، متحدثًا عن محاولات الحكومة للمساعدة في هذا الخصوص.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close