الخميس 2 مايو / مايو 2024

نتائج المعارضة التركية والرئاسيات.. أيّ تأثيرات على جولة الإعادة؟

نتائج المعارضة التركية والرئاسيات.. أيّ تأثيرات على جولة الإعادة؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تسلط الضوء على تأثيرات نتائج المعارضة في البرلمان على جولة الإعادة للرئاسيات في تركيا (الصورة: غيتي)
يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو أمام امتحان صعب في حشد الأنصار وكسب الأصوات المتأرجحة لصالحه.

يسعى مرشحا الانتخابات الرئاسية في تركيا إلى الظفر بالرئاسة في الدور الثاني الذي سيجري في 28 من مايو/ أيار الجاري، وسط احتدام المنافسة بينهما.

وأظهرت نتائج تلك الانتخابات في الدور الأول عدم حصول أي من المرشحين على نسبة خمسين زائد واحد المطلوبة للحسم ما حتم اللجوء إلى جولة إعادة.

مفاجآت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

برلمانيًا، أظهرت النتائج صعوبة تطبيق مرشح "تحالف الشعب" كمال كليتشدار أوغلو ما وعد الناخبين به وخاصة ما يتعلق بالعودة إلى النظام البرلماني، فقد حل تحالفه ثانيًا أمام "تحالف الجمهور" بقيادة العدالة والتنمية.

وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية مفاجآت وتناقضات عدة تؤشر على تغير مزاج الناخب التركي ونجاح المعارضة ولو نسبيًا في انتزاع مناطق كانت تصوت تقليديًا للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.

ففي اسطنبول العاصمة الاقتصادية للبلاد حافظ تحالف الجمهور بقيادة العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في عدد مقاعد المدينة في البرلمان رغم خسارة أردوغان لها في التصويت الرئاسي، وهي التي ولد في إحدى مناطقها وانطلق منها سياسيًا حين انتخب رئيسًا لبلدية اسطنبول الكبرى عام 1994.

أمّا في أنقرة العاصمة السياسية والإدارية فرغم حلول مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو في المرتبة الأولى من ناحية عدد الأصوات في الرئاسيات فإن تحالفه حل ثانيًا أمام "تحالف الجمهور" في نتائج الانتخابات البرلمانية.

نتائج الانتخابات العامة في تركيا رسمت مفاجآت كبيرة - الأناضول
نتائج الانتخابات العامة في تركيا رسمت مفاجآت كبيرة - الأناضول

خارطة الفوز في مناطق الزلزال

وشهدت ولايات تركية أخرى نفس الدينامية تقريبًا فقد حصل فيها حزب العدالة والتنمية و"تحالف الجمهور" على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية رغم حصول المعارضة أو مرشحها على المرتبة الأولى رئاسيًا.

أمّا في محافظة تونجلي مسقط رأس كمال كليتشدار أوغلو فقد صوتت رئاسيًا له، لكنها منحت أكثرية المقاعد في الولاية لحزب اليسار الأخضر الذي أسسه الأكراد بديلًا لحزب الشعوب الديمقراطي.

أمّا الوضع في الولايات التركية الإحدى عشرة التي ضربها الزلزال فلم يكن مغايرًا لعموم البلاد. فرغم حلول أوغلو أولًا في انتخابات الرئاسة في ولايتي هاتاي وأضنة إلا أنه فشل في انتزاع الولايتين برلمانيًا من العدالة والتنمية.

 نجح العدالة والتنمية في الاحتفاظ بريادته في الولايات الـ11 التي ضربها الزلزال باستثناء محافظة ديار بكر ذات الغالبية الكردية التي اعتادت التصويت للحزب الممثل للأكراد.

من يكسب أصوات اليمين؟

سيناريوهات الجولة الثانية وإن بدت أقرب إلى فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بعد تحقيق الأغلبية في البرلمان التركي إلا أنها ومع بروز اسم المرشح الثالث سنان أوغان فقد أصبح لاعبًا في رجحان الكفة لصالح أحد المرشحين.

أوغان في برنامجه السياسي قد يبدو أقرب لدعم برنامج كمال كليتشدار أوغلو إلا أن خطابه التصعيدي ضد حزب الشعوب الديمقراطي قد يشوش على الأصوات الكردية التي دعمت مرشح "تحالف الأمة" في الجولة الأولى.

وبذلك يبقى ملف اللاجئين من أكثر الملفات التي تجمع بينهما رغم حديث سابق لأوغان عن أن كليتشدار أوغلو أخطأ بتجاهل القوة الحقيقية لتيار اليمين في تركيا.

يبدو أن كلا المرشحين أمام امتحان صعب في حشد الأنصار وكسب الأصوات المتأرجحة لصالحه. ويبدو أن كليتشدار أوغلو أكثر استعدادًا لتقديم التنازلات لكسب الأصوات اليمينية. وبالتالي نكون أمام مرشح رئاسي تحت مظلة متباينة الولاءات وتحت شروط حلفاء مختلفين حد التناقض في مطالبهم وبرامجهم السياسية.

وهنا يبرز السؤال بشأن شكل وأدوات حكم زعيم "تحالف الأمة" إن فاز بجولة الإعادة وأصبح رئيسًا لتركيا؟ وهل ستبقى التفاهمات قائمة بين أطراف الطاولة السداسية مع غياب الأغلبية البرلمانية؟ وكيف سيفي بالوعود الانتخابية التي ائتلف حلفاؤه حولها.

صلاحيات الرئيس التركي

لعل أول عقبة ستواجه كليتشدار أوغلو هي إنهاء النظام الرئاسي الذي أرسي بعد دستور عام 2017، وبالتالي لن يتمكن من العودة إلى النظام البرلماني كما هو الاتفاق بين أطراف الأحزاب الستة المعارضة التي يمثلها لفقدانه الأغلبية اللازمة للسير بهذه الخطوة.

هذا فضلًا عن احتمالية معاندة البرلمان الأغلبية المؤيدة للرئيس أردوغان في تمرير العديد من مشاريع القوانين والتشريعات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمصادقة على الاتفاقات الدولية ما قد يفتح الباب للاصطدام الدائم مع البرلمان.

مع ذلك فإن الصلاحيات الممنوحة للرئيس التركي بموجب الدستور تترك له هامشًا كبيرًا من الحرية للتحرك على مستوى السياسات الداخلية والخارجية وهو غير ملزم بالعودة إلى البرلمان للمصادقة على أعضاء حكومته.

وبإمكانه كذلك رسم سياسته الخارجية دون العودة إلى البرلمان باستثناء المصادقة على الاتفاقات الدولية والعمليات والعسكرية خارج البلاد، فالرئيس وإن كان يحظى بسلطة إصدار المراسيم بشأن كل المسائل المتعلقة بسلطاته التنفيذية إلا أنها مقيدة بنصوص الدستور.

يبدو أن المشرّع التركي بعد دستور عام 2017 قد ضبط اللعبة الديمقراطية للنظام التركي لتكون متوافقة مع وجود رئيس في أغلبية برلمانية تدعمه في برنامجه السياسي، من دونها لن يكون قادرًا على إحكام قبضته على مقود السلطة.

نجح العدالة والتنمية في الاحتفاظ برياداته في الولايات الـ11 التي ضربها الزلزال - الأناضول
نجح العدالة والتنمية في الاحتفاظ برياداته في الولايات الـ11 التي ضربها الزلزال - الأناضول

"مراجعات" داخل المعارضة

وتعليقًا على نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما آلت إليه بالنسبة لاختلافها عن استطلاعات الرأي، يرى الكاتب السياسي إسلام أوزكان أن من بين أسباب تلك النتائج هو صعود أصوات العدالة والتنمية بشكل مفاجئ جدًا خلال الأسبوع الذي سبق تنظيم الانتخابات.

ويشير في حديث لـ "العربي" من اسطنبول، إلى أن القائمين على مؤسسات استطلاعات الرأي قد تفاجؤوا من نتائج الانتخابات، حيث لم يكن الرئيس أردوغان يتقدم على منافسه كليتشدار أوغلو طوال الفترة السابقة.

ويلفت أوزكان إلى أن هناك نقدا ذاتيا كبيرا جدًا ومراجعات داخل أوساط المعارضة التركية استعدادًا للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، حيث "ستعتمد على إستراتيجية تصعيد الخطاب القومي" في محاولة إقناع الجمهور التركي ببرنامجها الانتخابي.

ويوضح أن موضوع اللاجئين السوريين من ضمن تلك القضايا التي تعمل عليها أحزاب المعارضة لكسب أصوات اليمين القومي في تركيا، معتبرًا أن هذا الموضوع تمت تغذيته في البلاد على خلفية الأزمة الاقتصادية.


المزيد من تفاصيل برنامج "قضايا" حول تأثيرات نتائج الانتخابات البرلمانية على جولة الإعادة بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو في الحلقة المرفقة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close