بعد ثلاثة أشهر من الجمود، أحيت زيارة جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، محاولات التوصل إلى اتفاق نووي بخوض مباحثات أميركية إيرانية في الدوحة.
وستكون المباحثات المزمع عقدها غدًا غير مباشرة بوساطة الاتحاد الأوروبي وتعقد في قطر التي تعدها إيران بلدًا صديقًا.
وقالت وكالة تسنيم الإيرانية إن كبير المفاوضين علي باقري كني سيصل غدًا إلى الدوحة تزامنًا مع توجه روبرت مالي، المبعوث الأميركي الخاص بإيران، إلى قطر.
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة إن الكرة الآن في الملعب الأميركي، مؤكدًا عدم التفاوض على المسائل النووية التي نوقشت في فيينا.
وتصف واشنطن الملفات العالقة بأنها سياسية، في حين أن إيران تعتبرها قضايا حقوقية وفنية.
أمّا إسرائيل التي لا تخفي إحباطها من احتمالات تقدم المفاوضات النووية الإيرانية، فقد أكد وزير دفاعها بيني غانتس أنهم يتواصلون مع الدول الكبرى للتأثير على صياغة الاتفاق في حال حدوثه.
مسار تفاوضي واحد
في هذا السياق، ينفي محمد مرندي، مستشار الوفد الإيراني المفاوض، وجود مسارين من التفاوض في الملف النووي، ويشير إلى أن ما حصل في فيينا أن مجموعة 5+1 توافقت مع إيران على بنود مهمة بوجود أميركي غير مباشر، حيث تم حل الكثير من القضايا العالقية.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من طهران: "هناك بعض القضايا التي ما زالت عالقة، ولا سيما من ناحية الضمانات والعقوبات". ويؤكد مرندي أن هذه القضايا هي سياسية حيث لدى طهران وواشنطن خلافات كثيرة منذ عام 2015.
ويتحدث مرندي عن مسألة محورية وهي أن إيران والغرب يعترفان بأن طهران هي على حق. ويضيف: "كان هناك بعض الحكومات الغربية التي تم إضعافها في الفترة السابقة ولا سيما بعد بدء الحرب في أوكرانيا، وقد لفت بوريل إلى أن الدول الغربية تحتاج إلى اتفاقية مع إيران ولا سيما في ملف الطاقة".
ويلفت مرندي إلى أن إيران أرسلت رسالة إلى الأوروبيين والغرب ألا يصعّدوا لأنها ستصعد أيضًا، معتبرًا أن الغرب لا يستطيع التصعيد الآن بالنظر إلى الوضع في أوكرانيا.
عملية سياسية
من جهته، يعتبر أستاذ الدراسات الإستراتيجية ديفيد ديروش أن "المفاوضات هي عملية سياسية ولكنها رسالة جيدة ترينا أن القضايا العالقة يمكن حلها، وهي ثنائية حيث إن الحضور الروسي لن يجدي نفعًا".
وحول فكرة أن الحرب على أوكرانيا والحاجة إلى الغاز هي أحد الأسباب التي دفعت لاستئناف لمفاوضات مع إيران، يشدد ديروش من واشنطن على أن أسعار الغاز والطلب عليه كان لصالح إيران.
ويضيف: "لكن هناك دورًا كبيرًا تلعبه العقوبات المفروضة على إيران". ويشير إلى أن هناك رغبة من الرئيس الأميركي جو بايدن لإظهار أنه فعل ما في وسعه في هذا الملف.
دور وساطة قطر
بدوره، يلفت أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن المومني إلى أن استئناف المفاوضات حول الملف النووي له الكثير من المعاني والإشارات و"يعني أن كلا الطرفين ما زالا يرغبان بالعملية التفاوضية بصفته الخيار الإستراتيجي".
ويقول في حديثه إلى "العربي" من عمان: "إن المفاوضات هي واحدة، لكن في سياقات معينة قد تختلف الإجراءات الشكلية".
وحول اختيار دولة خليجية لإجراء المفاوضات، يرى المومني أن قطر يمكن أن تلعب دور المسهل في هذه المفاوضات، وأن علاقة الصداقة مع قطر يمكن أن تتطور مع دول خليجية أخرى.
كما يعتبر اختيار الطرفين، إيران والولايات المتحدة، لقطر يعبر عن أهميتها حيث تطورت سمعتها بأنها وسيط نزيه لديه المقدرة على مساعدة الأطراف، بالإضافة إلى الوساطة الأوروبية، مؤكدًا أنه في النزاعات يمكن أن تدخل أكثر من وساطة وأن قطر ليست بعيدة عن الملف النووي الإيراني الذي يهم الخليج.
كما يعتبر "أن إعطاء هذا الدور لقطر قد يكون نوعًا من المكافأة لها. وقد يجعل نجاح هذه المفاوضات من قناة قطر فاعلة في كثير من القضايا".