الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

إسرائيل تفرض الأمر الواقع وتحرج لبنان الرسمي.. هل تشعل فتيل النار؟

إسرائيل تفرض الأمر الواقع وتحرج لبنان الرسمي.. هل تشعل فتيل النار؟

Changed

تناولت حلقة "تقدير موقف" أبعاد أزمة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ودلالات التوقيت (الصورة: رويترز)
أعاد وصول السفينة اليونانية إلى منطقة بحرية متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل ملف ترسيم الحدود إلى دائرة الصراع، في خطوة يبدو أنها أحرجت صُنّاع القرار في لبنان.

مع وصول سفينة يونانية لإنتاج الغاز الطبيعي إلى حقل كاريش تحت حماية الجيش الإسرائيلي وبطاريات القبة الحديدية بنسختها البحرية، بدا أنّ إسرائيل تفرض سياسة الأمر الواقع على لبنان الذي اعتبر الخطوة "سلوكًا عدوانيًا".

وأعاد وصول السفينة اليونانية إلى منطقة بحرية متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل ملف ترسيم الحدود إلى دائرة الصراع، في خطوة بدا واضحًا أيضًا أنّها أحرجت صُنّاع القرار في لبنان، الذي يعوّل على وساطة دولية لحلّ النزاع.

إزاء ذلك، تُطرح العديد من علامات الاستفهام، فأي حسابات سياسية واقتصادية في معادلة ترسيم الحدود؟ وهل لبنان قادر على تحمّل تداعيات قرار مراجعة خط الترسيم ونسف المفاوضات؟ وهل ستنجح الوساطة الأميركية في استكمال مسار التفاوض لترسيم الحدود البحرية؟

وأبعد من هذا وذاك، هل يشعل رفض إسرائيل التنازل عن حقل كاريش فتيل النار في المنطقة؟ وما حدود التصعيد؟

هل من موقف لبناني "موحَّد"؟

جاءت الخطوة الإسرائيلية في وقت لم تصل فيه المفاوضات بجولاتها الخمس وبرعاية أميركية إلى ترسيم واضح للحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، حيث تتمسك بيروت بالخط 29 وتعتبره أساسًا للمفاوضات غير المباشرة، بينما تصرّ إسرائيل على الخط 23.

وقد ماطل صُنّاع القرار في لبنان في حسم هذا الوضع، لتعمّق الأزمة قبل عام تقريبًا خلافات بين رئاسة الجمهورية وحكومة حسان دياب لتصريف الأعمال، إذ لم يوقّع حينها الرئيس ميشال عون على تعديل المرسوم 6433 واعتماد الخط 29 لتقديمه على طاولة التفاوض.

يعني ذلك أنّ أيّ موقف موحّد اليوم بعد الخطوة الإسرائيلية يحتاج إقرارًا جديدًا من حكومة نجيب ميقاتي، وتلك خطوة تبدو أكثر صعوبة في ظلّ مشهد برلماني جديد تتعالى فيه أصوات أطراف نيابية دخلت حديثًا للمجلس وتخوض مواجهة مع الطبقة السياسية التقليدية وتحمّلها مآلات الوضع في لبنان، وهو ما يفسّر دعوة رئيس البرلمان نبيه بري الحكومة إلى الاجتماع واتخاذ قرار بالإجماع وإرساله إلى الأمم المتحدة.

إلى الوساطة الأميركية دُر

أمام هذ المأزق، لجأ لبنان برؤسائه الثلاثة إلى الوساطة الأميركية، وذلك في وقت يسابق فيه الزمن لجولات مفاوضات طويلة وفي ظل وضع مرتبك تتراكم فيه الملفات الاقتصادية والسياسية، أبرزها التوافق على شكل الحكومة المقبلة والوصول إلى حلول عملية مع صندوق النقد الدولي.

ويصعّب هذا الوضع على لبنان انطلاق مسار المفاوضات بالمعايير التي يريدها ويربك ترتيب أوراقه التي تخضع بدورها إلى ضغوط خارجية إقليمية ودولية، ما يطرح تساؤلات بشأن دور الوسيط الأميركي لحلّ النزاع على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل من دون الانزلاق نحو تصعيد عسكري في المنطقة.

إسرائيل تريد "تعجيل" مسار المفاوضات

يرى الباحث في مركز الجزيرة للدراسات المتخصص في شؤون المشرق العربي شفيق شقير أنّ إسرائيل تهدف إلى تعجيل مسار المفاوضات، ولا سيما أنّ الظرف الدولي بالذات يساعدها، في ظل حاجة أوروبا إلى الغاز في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، ما قد يمنحها تفهّمًا دوليًا مصلحيًا.

ويلفت في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى وضع لبنان السيئ جدًا الذي يسهم في هذه الخلاصة، حيث تقدّر إسرائيل بأنّ لبنان لن يستطيع الصمود كثيرًا فهو بحاجة أيضًا إلى الغاز، ما يدفعه أيضًا إلى السعي نحو تعجيل مسار المفاوضات.

ويرى أنّ فرض الأمر الواقع يعتمد على موازين القوى وما سيحصل لاحقًا، معتبرًا أنّ المؤكد حتى الآن أنّ إسرائيل وضعت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

"تخبط داخلي هائل" في لبنان

في المقابل، تتحدث الخبيرة في شؤون حوكمة الطاقة ديانا القيسي عن "تخبط داخلي هائل" في لبنان لجهة عدم الاتفاق على الحدود البحرية الجنوبية.

وتعتبر في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أنّ هذا التخبط، الذي يمكن أن يُدرَّس بوصفه النموذج الأسوأ في إدارة ترسيم الحدود، هو الوضع الأمثل لإسرائيل.

وتلفت إلى أنّ الإسرائيليين في سباق مع الوقت، خصوصًا أنّه بمجرد بدء الإنتاج من حقل كاريش يسقط كل حق لبنان بالمطالبة بحصّته، وفق القوانين.

ومن هنا، تستبعد وجود أيّ رغبة إسرائيلية في العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها تشدّد على أنّ المشكلة هي في الداخل.

وإذ تدعو الدولة اللبنانية إلى أن تحسم أمرها وتخرج بقرار موحد حول حدودها البحرية الجنوبية شرط أن تستطيع الدفاع عن الخط الذي تتبناه قانونيًا، تعرب عن اعتقادها بأنّ الخط القوي حاليًا هو الخط 29 وليس 23.

التصعيد بين إسرائيل ولبنان غير معزول

أما أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون بجامعة قطر علي باكير فيلفت إلى أنّ خطة إرسال السفينة اليونانية كانت متوقعة في نهاية عام 2021 لكن تمّ تأجيلها لأسباب متعدّدة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من عمان، إلى أنّ ما يحصل الآن من تصعيد بين إسرائيل ولبنان لا ينفصل عن ثلاثة تطورات أساسية على المستوى الإقليمي والدولي.

ويلفت إلى أنّ التطور الأول هو وصول المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية إلى حائط مسدود وإمكانية انهيارها في الوقت الحالي، وفي ضوء الاستقطاب الحالي.

ويلمح في هذا السياق إلى أنّه قد يكون هناك رغبة إيرانية في اختبار الموقف الأميركي من خلال افتعال أزمة مع إسرائيل وقد يكون هناك أيضًا رغبة إسرائيلية في المقابل في اختبار الموقف الإيراني من خلال تصعيد الضغط عليه.

أما العنصر الثاني في المعادلة، فيتمثّل وفق باكير بالتصعيد اليوناني شرقي البحر المتوسط لأنّ المصالحات الإقليمية التي تجري منذ العام الماضي لا تصبّ في مصلحة اليونان التي تسعى إلى الدفع باتجاه إنشاء أنبوب يمتد من إسرائيل عبر قبرص منها إلى اليونان إلى أوروبا.

ويرتبط العنصر الثالث بالحرب الروسية ضد أوكرانيا والحاجة الأوروبية إلى البحث عن بدائل عن الغاز الروسي، بحسب ما يخلص باكير، الذي يلفت إلى أنّ إسرائيل تسعى إلى استغلال هذه النقطة من خلال تفعيل دورها كمصدّر للغاز مستقبلًا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close