الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

الحوار الوطني في مصر.. هل يقود البلاد فعلاً نحو "جمهورية جديدة"؟

الحوار الوطني في مصر.. هل يقود البلاد فعلاً نحو "جمهورية جديدة"؟

Changed

حلقة "تقدير موقف" تسلط الضوء على آفاق وتحديات الحوار الوطني في مصر (الصورة: تويتر)
تؤكد الحركة المدنية الديمقراطية التي تضمّ 12 حزبًا معارضًا أنّ استمرار مشاركتها في الحوار الوطني في مصر سيكون مرهونًا بتنفيذ الضمانات التي وعدت بها السلطة.

في الثالث من مايو/ أيار الجاري، وبعد عام على الإعلان عنه، انطلق الحوار الوطني في مصر، وسط تساؤلات عن مدى قدرته على حلّ الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.

في عنوان الحوار إيجابية تتكلّم عن طريق يقود البلاد نحو جمهورية جديدة، وفي البنود المطروحة أماني المصريين في الإصلاح والعمل على طرح خطط النجاة من مستنقع الركود الاقتصادي والبحث عن سبل تقريب وجهات النظر سياسيًا.

ترجم ذلك في الشكل أيضًا، حيث اجتمعت على طاولة واحدة شخصيات مصرية لتفرز أسباب المشاكل القائمة وتبحث في معالم حلولها، في مشهد هو الأول من نوعه في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، علمًا أنّ الحضور ضمّ مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين وقيادات في أحزاب معارضة وحقوقيون وشخصيات عامة.

لكنّ الشكل "الإيجابي" لم يحجب أسئلة "ثقيلة" حول المضمون، فهل يستطيع الحوار الوطني في مصر فعلاً أن يحقّق "خرقًا ما" في المشهد؟ وهل تستمرّ المعارضة بحضور جلساته حتى النهاية، بعدما لوّحت بالانسحاب أصلاً؟

الملف "الشائك" بين المعارضة والحكومة

أمام مؤتمر الحوار، خرج وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى بتساؤلات عدّة على لسان المصريّين: "ماذا عن الحريات وضماناتها والبرلمان وأدائه؟ ماذا عن تراجع الاستثمار والتضخم والأسعار والديون؟ ماذا جرى وماذا يجري وإلى أين وإلى متى؟".

لكنّ السؤال الأعمق بقي مركّزًا على ملف المعتقلين، وهو الشائك بين المعارضة والحكومة والذي كان يشكّل عقبة مشاركة المعارضة في الحوار الوطني. فعلى الرغم من الإفراج عن قرابة 1400 متهم في قضايا رأي خلال عام، إلا أن أحزاب المعارضة ومنظمات حقوقية تصف عملية الإفراج عن سجناء الرأي بسياسة التقطير.

من جهتها، تؤكد الحركة المدنية الديمقراطية التي تضمّ 12 حزبًا معارضًا على أنّ استمرار مشاركتها في الحوار الوطني سيكون مرهونًا بتنفيذ بقية الضمانات التي وعدت بها السلطة، بالإضافة إلى توفير أجواء شفافة وآمنة للحوار.

وكان لافتًا تلميح الحركة المدنية الديمقراطية بعد يومين من انطلاق الحوار، إلى إمكانية الانسحاب منه بعد الإعلان عن اعتقال أقارب النائب السابق ومرشح الرئاسة المحتمل أحمد الطنطاوي.

"صعوبة" نجاح الحوار الوطني في مصر

ويؤكد رئيس برنامج حقوق الإنسان في معهد الدوحة للدراسات العليا معتز الفجيري أن مصر في حاجة فعلاً إلى حوار وطني جامع، بعد سنوات ممّا يصفه بـ"تكسير العظام"، في ظلّ معركة خاضها النظام بشكل شرس ضدّ كلّ مكوّنات المجتمع المدني والسياسي في الداخل ونتج عنها خروج الكثير من أبناء هذا الوطن من البلد لسنوات طويلة.

ويلفت في حديث إلى "العربي"، من استديوهات لوسيل، إلى وجود "اختلالات هيكلية" موجودة في الاقتصاد المصري، رافضًا النظرية التي تعزوها إلى الحرب الروسية على أوكرانيا، أو إلى جائحة كورونا، باعتبار أنّ المشكلة سابقة لهما، وهي بنيوية ومتأصّلة.

وفيما يتساءل عمّا إذا كان الحوار يحدث الآن في إطار توازن قوى يسمح بإحداث مخرجات حقيقية، يعرب عن اعتقاده بأنّ مثل هذا الأمر صعب، في ظلّ المعطيات الحالية.

ويأسف أن يكون هدف الحوار "إخراج المعتقلين"، في حين أنّ بعض هؤلاء احتُجزوا من دون أيّ سند قانوني.

هل ينتهي الحوار بتغيير أساسي؟

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد أنّ هناك حدودًا لهذا الحوار، فهو لا يشمل قضايا تعديل الدستور والسياسة الخارجية والأمن القومي.

ويعتبر في حديث إلى "العربي"، من القاهرة، أنّ "من السذاجة تصوّر أنّ هذا الحوار سينتهي بتغيير أساسي في النظام السياسي المصري".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ نقاط القوة في هذا الحوار هي لصالح الحكومة، لأنّ المعارضة الحقيقية داخل مصر تمثّلها الحركة المدنية الديمقراطية، وهي غير ممثلة بصورة رسمية في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، وكانت تتعرض للاضطهاد في الفترة الماضية.

ويلفت إلى أنّ الحركة المدنية الديمقراطية تعتبر أنّ مجرد الاعتراف بوجودها والدخول في اتصالات معها، هو خطوة مهمّة، وبالتالي فإنّ الحوار أفضل بكثير ممّا كان يجري في مصر بالسابق.

ويخلص إلى أنّ الحوار قد يفضي إلى اقتراحات بتعديلات تشريعية وإجراءات تتخذها الحكومة، على أن يرفَع الأمر لرئيس الجمهورية الذي يختار ما الذي سيسير في طريق التطبيق.

"الاختلاف في الرأي سيلبسك قضية"

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة سيف الدين عبد الفتاح فيشير إلى أنّ مبدأ الحوار لا أحد يستطيع أن يعترض عليه لسبب بسيط هو أنّ الحوار في المجتمعات السياسية هو الأداة الأهمّ بين القوى المدنية والسياسية.

لكنّ عبد الفتاح يعتبر في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، أنّ المهم هو حقيقة الحوار وجوهره، وبالتالي بيئة الحوار وبنيته، فهي أهمّ كثيرًا من أن نذهب لحوار ضمن بيئة مسمّمة على سبيل المثال.

وفيما يلفت إلى أنّ "قائد النظام السياسي يقول إنّ الاختلاف لا يفسد للوطن قضيّة"، يشير إلى أنه شخصيًا يشكّك في هذا الشعار، موضحًا أنّ "الاختلاف في الرأي حتمًا سيلبسك قضية"، وفق وصفه. ويقول: "في حقيقة الأمر، هناك أناس عبّروا عن رأي أو عن رغبة في عملية إصلاح سياسي أو الدخول في انتخابات، ووجهوا بأشياء في غاية الخطورة".

واستنادًا إلى ما تقدّم، يلفت إلى أنّ موازين القوى شديدة الاختلال، وهي لمصلحة النظام السياسي، متسائلاً: "من الذي سيقوم بالإصلاح السياسي؟ هل الإصلاح السياسي مجرد مطالب عادية أم أنّ المسألة تتطلب إجراءات هيكلية في النظام السياسي؟".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close