بعد أشهرٍ من إعلانه أن العالم في وضعٍ أفضل للقضاء على جائحة كورونا، غيّر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من نبرته الإيجابية، محذّرًا من التراخي وظهور متحور جديد للفيروس الذي يؤرق العالم منذ عام 2019.
فانخفاض اليقظة بحسب غيبرييسوس، يترك الباب مفتوحًا أمام ظهور متحوّرٍ آخر من فيروس كورونا "سارس كوف 2" لينتشر ويحل محلّ متحور أوميكرون، السائد حاليًا.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية في إحاطة صحافية: "اقتربنا للغاية من القول إن مرحلة طوارئ الجائحة انتهت، لكننا لم نصل بعد إلى ذلك الهدف، الفجوات في الاختبار والتلقيح تواصل تهيئة الظروف المناسبة لظهور متحوّر جديد مقلق قد يتسبب في حدوث حالات وفاة كثيرة".
أما المريح في تصريحات غيبرييسوس، فهو أن 90% على الأقل من سكان العالم شكّلوا نوعًا من المناعة الجماعية في وجه كورونا.
تخفيف الإجراءات في الصين
وفي مهد الوباء، ورغم أن الإصابات اليومية تحوم بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، فإن بعض المدن الصينية تتخذ خطوات للتخفيف من متطلبات اختبارات كوفيد-19، وقواعد الحجر الصحي.
فتتطلع بكين إلى جعل سياستها الهادفة إلى "صفر كوفيد"، أكثر دقّة في استهداف بؤر التفشي، وسط تباطؤ اقتصادي حاد، وإحباطٍ عام تحول إلى اضطرابات.
أخطاء بريطانيا
وإلى أول دولة أوروبية قررت التعايش مع الوباء وإلغاء قيود كورونا، ها هو وزير الصحة الأسبق في بريطانيا يقرّ بأخطاءٍ كبرى ارتكبت في تعاطي الحكومة مع الجائحة منذ بدايتها.
فمات هانكوك الذي تسجل بلاده حاليًا مليون إصابة بكورونا في الأسبوع، كشف أنه بعد أن أبلغ رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون قبل وصول الفيروس إلى بريطانيا بأن ضحايا الجائحة قد يتجاوزون الـ820 ألفًا، اكتفى هذا الأخير بنصحه "بمراقبة الوضع".
ويقول هانكوك، إن جونسون أكّد حينها أن كورونا ممكن أن ينحصر في الصين وينتهي فيها.
تراجع النبرة الإيجابية
ومن ليون، رأى يحيى مكي المختص في علم الفيروسات والخبير في منظمة الصحة العالمية أن تغير حديث غيبرييسوس يكشف عن تراجع واضح في النبرة الإيجابية التي سادت لأشهر.
فوفق مكي، لا أحد يتحكم بتغير الفيروس وانتشاره، إذ كان المختصون يتوقعون أنه مع كل الإجراءات وحملات التلقيح، وتطور الزمن سيصبح كورونا موسميًا.
ولكن نتجت عن "سارس كوف 2" طفرات وتغيرات جديدة، أصبحت أكثر انتشارًا خاصة في الصين، كما تعود اليوم إلى أوروبا من جديد.
ولفت في هذا الإطار، إلى أن فرنسا تسجل أكثر من 40 ألف حالة يوميًا منذ نحو أسبوع، حيث ازدادت أعداد المرضى في العناية المركزة بوتيرة ملحوظة.
كذلك، تطرق المختص في علم الفيروسات إلى أن تغير الفيروس وانتشاره من جديد هذا الموسم يترافق مع انتشار عدة فيروسات تنفسية أخرى؛ وذلك يعود إلى رفع بلدان العالم من قيود مكافحة الجائحة وإلغاء القناع، ما ساهم في عودة مختلف الفيروسات المعدية، تزامنًا مع عدم تلقي لقاحات الإنفلونزا الموسمية.
أما عن سبب الانتشار الكبير لكورونا في الصين، فرأى مكي أن السلطات هناك لم تجري حملات تلقيح جيّدة، بحيث تلقى أقل من 50% من كبار السن فوق سن الـ 75 سنة اللقاح المضاد لكورونا، في حين يتخطى عدد سكان الصين الـ 1.5 مليار نسمة على حد قوله.