Skip to main content

الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل.. تداعيات خطيرة تتجاوز حدود العراق

الثلاثاء 15 مارس 2022

بينما يستعدّ العراق لاختيار حكومة جديدة، وفي الوقت الذي دخل فيه الاتفاق النووي الإيراني مرحلة "مصيرية"، أضاف الاستهداف الإيراني لأربيل، الأحد، المزيد من الفوضى السياسية في العراق، والمخاوف بشأن تصعيد إضافي محتمل على الأوضاع الإقليمية والدولية.

وتبنّى الحرس الثوري الإيراني إطلاق الصواريخ مؤكدًا أنها استهدفت مقرًا تابعًا للموساد الإسرائيلي؛ بينما نفت سلطات أربيل وجود مقار إسرائيلية فيها. ووصف الرئيس العراقي برهم صالح الهجوم الإيراني بأنه "عمل إرهابي"، واستدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني احتجاجًا على الهجوم.

وذكرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية أنها ليست المرة الأولى التي تدعي فيها إيران أنها تمتلك معلومات عن وجود أصول استخباراتية إسرائيلية في إقليم كردستان العراق، فقد تم نشر تقارير مماثلة في كل من أبريل/ نيسان وسبتمبر/ أيلول 2021.

هجمات سابقة

ومع ذلك، رأت أن الغارة الأخيرة ليست سوى أحدث تصعيد في المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية المستمرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأصبحت إيران "أكثر حساسية" بشكل ملحوظ للوجود الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خاصة منذ اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، بمساعدة من القوات الخاصة الكردية العراقية والاستخبارات الإسرائيلية في يناير/ كانون الثاني 2020.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أجرى الحرس الثوري الإيراني أكبر تدريبات عسكرية له حتى الآن على حدود إيران مع أذربيجان، حيث أدت المخاوف الإيرانية بشأن الوجود الإسرائيلي في جنوب القوقاز إلى تضخيم نزاع حدودي صغير مع أذربيجان إلى شيء أكبر.

انتقام مباشر

وتشكّل نوايا إيران في تحدي الوجود الإسرائيلي المزعوم في العراق، مخاطر على الولايات المتحدة.

ووصفت الولايات المتحدة الهجوم بأنه "انتهاك صارخ لسيادة العراق"، لكنها، في الوقت نفسه، قالت إنه "لا مؤشرات على أن الهجوم كان موجهًا ضد واشنطن".

بدوره، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، لبرنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس" إنه "لم يصب أي مواطن أميركي بأذى... ولم تصب أي منشآت أميركية".

واعتبرت المجلة أن هذه التصريحات، جديرة بالملاحظة لسببين:

السبب الأول أنها تشير إلى أن قدرات إيران الصاروخية أصبحت الآن متقدمة لدرجة أن الحرس الثوري الإيراني يمكنه تدمير أهداف على مقربة من الأميركيين بدقة دون التسبّب في أضرار جانبية غير مرغوب فيها أو تدمير الصواريخ من قبل الدفاعات الأميركية.

أما السبب الثاني فهو أن إيران أظهرت قدرًا ملحوظًا من ضبط النفس في الرد، مما خلق مساحة لكل من الانتقام وخفض التصعيد اللاحق.

ومع ذلك، اعتبرت المجلة أن الضربات على أربيل تشير إلى أن إيران تزداد جرأة واستعدادًا للانتقام المباشر بالصواريخ البالستية ضد خصومها.

وقال جون كرزيزانياك، الباحث المشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إنّ إيران ضربت أهدافًا في العراق وسوريا بالصواريخ البالستية ست مرات منذ عام 2001، خمس منها بعد عام 2017.

بدوره، قال المحلل الإيراني علي رضا أحمدي للمجلة، إن الانتقام سيكون أكثر تواترًا ومباشرة"، مشيرًا إلى أن "إيران تعمل على تعزيز تطوّر ودقة أسطولها الصاروخي للقيام بمثل هذا العمل الرادع بالضبط بدلًا من القدرة على تحديث جيشها التقليدي بشكل صحيح"، لذلك فإنه "من المرجح أن تستمر إيران في الاعتماد على الصواريخ البالستية في ردع ومواجهة التهديدات الأكثر فظاعة لأمنها".

مخاطر على واشنطن

واعتبرت المجلة أن هذه الضربات "ليست جيدة" بالنسبة إلى الولايات المتحدة، التي سعت منذ فترة طويلة إلى تجنّب الانجرار إلى الصراع الإيراني-الإسرائيلي، حتى في الوقت الذي ألقت فيه بثقلها وراء إسرائيل، وقصفت بين الحين والآخر المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنه بعد أن دمّرت الغارات الجوية الإسرائيلية أهدافًا عسكرية إيرانية في سوريا الشهر السابق، شنّت إيران غارات بطائرات بدون طيار على قاعدة عسكرية أميركية في جنوب سوريا، "وهي المرة الأولى التي توجه فيها إيران ضربة عسكرية ضد الولايات المتحدة ردًا على هجوم من قبل إسرائيل.

 وبالتالي، رجّحت المجلة أن تتبع ذلك هجمات إضافية، لها عواقب تتجاوز منطقة الشرق الأوسط.

تعقيد جهود إحياء المفاوضات النووية

ومن المؤكد أن التوترات الثلاثية بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل أدت بشكل روتيني إلى تعقيد جهود واشنطن وطهران المضنية لإحياء الاتفاق النووي. ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تعارض بشدة العودة إلى الاتفاق، وتشكّك في التزام إيران به.

لكن قرار إحياء الاتفاق "لم يعد يعتمد فقط على ميول الولايات المتحدة وإيران"، حسب ما كتب الباحثان حميد رضا عزيزي ونيكول غرايفسكي للمجلة.

واعتبرا أن مطالبة روسيا بـ "ضمانات مكتوبة" بأن العقوبات الغربية على روسيا ردًا على هجومها على أوكرانيا؛ لن تؤثر على تعاونها التجاري والاقتصادي والاستثماري والعسكري مع إيران، أثار المخاوف من أن موسكو قد تحاول أخذ محادثات فيينا حول النووي "رهينة من أجل جني الفوائد من خرق العقوبات، أو للاستفادة من خطة العمل الشاملة المشتركة باعتبارها ورقة مساومة للتوصل إلى اتفاق مع الغرب بشأن أوكرانيا".

لكن بغض النظر عن دوافع موسكو، توقّفت المفاوضات. وعلى الرغم من حرص إيران على عدم تعريض علاقاتها الوثيقة مع روسيا للخطر، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: "لن نسمح لأي عوامل خارجية بالتأثير على مصالحنا الوطنية" وطلب "توضيحًا" من روسيا.

ويزور عبد اللهيان موسكو، اليوم الثلاثاء، لمناقشة القضية.

من جهتهم، رفض المسؤولون الأميركيون بشدة مطالب روسيا "غير ذات الصلة"، وهددوا باستبعاد موسكو من محادثات النووي.

لكن المجلة اعتبرت أن "الحديث أسهل من الفعل. فإيران والولايات المتحدة لم تحلا النقاط الشائكة النهائية للعودة إلى الاتفاق النووي، قبل أن توقفها جراء المطالب الروسية. والآن ربما تكون الضربة الصاروخية الإيرانية على أربيل قد زادت من تعقيد المفاوضات".

ورأت أنه على الرغم من عدم ارتباطه صراحة بمحادثات النووي، إلا أن توقيت الهجوم الصاروخي على أربيل "مشكوك فيه بالتأكيد، إذ يدرك الغرب جيدًا أن إيران يمكن أن تعطّل مصالحها في الشرق الأوسط وخارجه بدون أسلحة نووية، وهذا الدليل على القدرات الصاروخية الإيرانية يدفع إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي أكثر صعوبة".

وفي مثل هذه المرحلة الضعيفة من المفاوضات، فإن "أي مفاجآت أو تصعيد إضافي قد يقضي على أشهر من الجهد، ولن يترك خصوم الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمهوريون والمنتقدون، هذه الفرصة تضيع"، تقول المجلة.

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة