الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

بعد أسابيع من الموت.. بوتشا الأوكرانية تلملم جراحها وتعود للحياة

بعد أسابيع من الموت.. بوتشا الأوكرانية تلملم جراحها وتعود للحياة

Changed

تقرير لـ" أنا العربي" حول مجزرة بوتشا (الصورة: نيويورك تايمز)
بدأت بوتشا تلملم جراحها، مع عودة سكانها إليها خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تسابقت المدينة لإصلاح الأضرار المادية.

مع حلول فصل الربيع وعقب أسابيع من طرد القوات الروسية، بدأت الحياة تعود لبوتشا الأوكرانية التي باتت معروفة بسبب الفظائع التي ارتكبها الجيش الروسي خلال هجومه على أوكرانيا.

وتركت القوات الروسية وراءها مقابر جماعية في بوتشا وجثثًا مشوهة، علاوة على شوارع محطمة ومبانٍ مدمرة.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن بوتشا بدأت تلملم جراحها مع عودة سكانها إليها خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تسابقت المدينة لإصلاح الأضرار المادية.

وعملت الآليات على تنظيف ما تبقى من الزجاج المحطم وقطع شظايا حديدية في الشوارع. وفي أحد الأحياء حيث تمّ اكتشاف جثث حوالي 400 مواطن أوكراني في أبريل/ نيسان الماضي، كان الفنيون يمدّون الكابلات لاستعادة خدمة الإنترنت. وفي أحد المنازل، كان أحد السكان يزيل قطعًا من الدبابات الروسية المدمرة التي لا تزال متناثرة في حديقته.

بداية مداواة الجروح

وقال المسؤول في مجلس المدينة تاراس شابرافسكي للصحيفة: إن إزالة أكبر عدد ممكن من آثار الدمار الذي تسبّب فيه الاحتلال الروسي كان خطوة مهمة في مداواة الجروح التي عانى منها سكان بوتشا.

وأوضح شابرافسكي أن 4 آلاف شخص كانوا موجودين في المدينة خلال الهجوم، والعديد منهم مختبئين في الأقبية دون طعام كاف.

وحتى بعد انسحاب الجنود الروس، ظلّ العديد من السكان يعانون من الصدمة.

وقال شابرافسكي: "كانوا في حالة نفسية سيئة للغاية. لقد أوضح لنا المتخصّصون أنه كلما أسرعنا في التخلّص من جميع ذكريات الحرب، كلما تمكنّا من إخراج الناس من هذه الحالة بشكل أسرع".

وأشار إلى أنه بعد أيام قليلة من انسحاب الروس، أُعيدت خدمة الهاتف ثمّ الماء والكهرباء، مضيفًا أن حوالي 10 آلاف مواطن قد عادوا حتى الآن- أي ربع سكان هذه المدينة الصغيرة قبل الحرب.

عمال يعملون على إعادة خدمة الهاتف إلى مدينة بوتشا
عمال يعملون على إعادة خدمة الهاتف إلى مدينة بوتشا

والأسبوع الماضي، أُعيد افتتاح مكتب تسجيل الزواج، وكل يوم تقريبًا يتقدّم الأزواج للحصول على تراخيص الزواج.

وقبل الحرب، انتقل الكثير من الناس إلى بوتشا من أجل أنماط حياة أكثر هدوءًا بعيدًا عن صخب العاصمة. كما كانت مقصدًا سياحيًا لسكان كييف لقضاء عطلة نهاية الأسبوع.

"أقوى من ذي قبل"

قبل 6 سنوات، افتتح سيرجو ماركاريان وزوجته مقهى باسم "جام"، حيث يقدم الطعام الإيطالي ويعزف الجاز القديم ويبيع علب المربى. ويعتبر ماركاريان المقهى كأنه "طفلهما" تقريبًا، وقام بتزيينه بمزيج انتقائي من مئات الصور للزبائن.

عندما دخلت القوات الروسية إلى بوتشا، ذهب ماركاريان (38 عامًا)، برفقة زوجته وابنه البالغ من العمر 3 سنوات، إلى الحدود مع جورجيا، حيث كان بإمكانه البقاء خارج البلاد بصفته مواطنًا جورجيًا. لكنه عاد إلى أوكرانيا للتطوع وإرسال الطعام إلى الخطوط الأمامية.

وقبل أسبوعين من الآن، وعندما أُعيد التيار الكهربائي إلى البلدة، عاد ماركاريان بمفرده إلى بوتشا ليرى ما تبقى من المقهى ويصلح الأضرار التي سببها الجنود الروس.

ووجد أن الجنود الروس قد سرقوا السكاكين والشوك، وجرّوا كراسي المقهى إلى الخارج لاستخدامها عند نقاط التفتيش، كما سرقوا نظام الصوت.

وقبل يومين من الموعد المقرر لإعادة افتتاحه الأسبوع الماضي، بدا المقهى نظيفًا تمامًا وكان ماركاريان يختبر طعم الإسبريسو ليرى ما إذا كان بنفس مستوى الطعم السابق.

وقال ماركاريان: "لقد عاد الكثير من الناس بالفعل، ولكن البعض ما زالوا خائفين. لكننا بالتأكيد أصبحنا أقوى بكثير مما كنا عليه. لقد واجهنا أشياء لم نعتقد أبدًا أنها يمكن أن تحدث".

الندوب لا تزال عميقة

وبينما يجهد العمال لتنظيف المدينة من شظايا الحرب الروسية، إلا أن ندوب ما حدث هنا عميقة.

في أحد أركان الشارع الهادئ، وُضعت مجموعة من نباتات الزنابق في نصب تذكاري متواضع على الرصيف.

وقال فولوديمير أبراموف (39 عامًا): إن النصب يكرّم صهره أوليه أبراموف الذي أخرجه جنود روس من منزله تحت تهديد السلاح، وقتلوه وهو راكع على الأرض.

ودمّر الجنود الروس منزل فولوديمير أبراموف (39 عامًا)، وألقوا قنابل يدوية على منزله؛ لكنه قال: إن ذلك لا يُقارن بمعاناة أخته إيرينا (48 عامًا)، التي فقدت زوجها ومنزلها أيضًا.

وقال: "أحاول مساعدتها والاعتناء بها حتى لا تقتل نفسها. أقول لها إن زوجها يراقبها من السماء".

وخارج مشرحة المدينة، حيث لا يزال المحققون الفرنسيون والأوكرانيون يعملون لتحديد هوية الجثث من المذابح التي ارتكبتها القوات الروسية، تجمّعت مجموعة صغيرة من السكان على أمل معرفة ما حدث لأفراد الأسرة.

وقالت يوليا موناستيرسكا (29 سنة) إنها تحاول الحصول على شهادة وفاة زوجها، الذي كانت جثته من بين الجثث التي عُثر عليها في أبريل/ نيسان الماضي.

وأضافت: "كانت يداه مقيدتان، وقد أصيب بظهره ورجليه، واحترقت إحدى عينيه".

وأوضحت: "على حد علمي، يريد الجميع العودة إلى هنا، لكنهم ما زالوا خائفين. لقد ولدنا هنا، وعشنا هنا، حدثت الكثير من الأشياء الجيدة هنا".

بدورها، جاءت يوليا كوزاك (48 عامًا)، برفقة ابنتها دارينا (23 عامًا)، وحفيدها البالغ من العمر 3 سنوات، لإجراء اختبار الحمض النووي لمعرفة ما إذا كان هناك تطابق بين الرفات المجهولة لابنها المفقود أولكسندر (29 عامًا)، الذي شارك في القتال ضد روسيا عام 2017.

ووجد المدعون هوية أولكسندر العسكرية قذرة ومتعفنة في قبو حيث يحتجز الروس سجناء.

وقالت كورزاك باكية: إن آخر مرة تحدّثت فيها عبر الهاتف مع ابنها كانت في مارس/ آذار الماضي، حين أخبرها أنه يتعرض لإطلاق النار.

وأكدت كوزاك أنها تخطّط للبقاء في بوتشا حتى تجد ابنها. وقالت: "أنا متأكدة أنه على قيد الحياة 100%. أشعر أنه في مكان ما، لكن لا أعرف أين".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close