الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

بعد إسقاط المنطاد الصيني.. بكين مستاءة وواشنطن تنتظر تحليل معلوماته

بعد إسقاط المنطاد الصيني.. بكين مستاءة وواشنطن تنتظر تحليل معلوماته

Changed

نافذة إخبارية وتحليلية ضمن "الأخيرة" تواكب إسقاط المنطاد الصيني وتداعيات القرار الأميركي وكواليسه (الصورة: غيتي)
أفاد مراسل "العربي" من واشنطن بأن قرار إسقاط المنطاد الصيني اتخذ في اللحظات الأخيرة وأن الولايات المتحدة ستعمل على تحليل المعلومات داخله.

أسقط الجيش الأميركي، السبت، بأوامر من الرئيس جو بايدن المنطاد الصيني الذي حلّق لأيام فوق الولايات المتحدة، مسببًا توترًا كبيرًا في العلاقات بين واشنطن وبكين التي عبّرت عن استياء شديد.

ونقل مراسل "العربي" من واشنطن عن مصادر عسكرية، بأن العمليات متواصلة لاستعادة حطام المنطاد من المياه الإقليمية الأميركية. كما أعلنت لجنة المراقبة الحكومية في مجلس النواب الأميركي عن عقد جلسة إحاطة يوم الإثنين بشأن التطورات الأخيرة.

كواليس القرار الأميركي

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن في بيان، أن طائرة مقاتلة من طراز "إف-22" أسقطت المنطاد "في المجال الجوي فوق ساحل كارولاينا الجنوبية"، مضيفًا أن العملية جاءت ردًا على "انتهاك غير مقبول لسيادتنا".

وتقدّر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن المنطاد مخصص لأغراض "التجسّس"، فيما أكد الوزير أن المنطاد "استخدمته جمهورية الصين الشعبية في محاولة لمراقبة المواقع الإستراتيجية" في الولايات المتحدة.

وأشار مراسل "العربي" في واشنطن إلى أنّ قرار إسقاط المنطاد الصيني قد اتخذ في اللحظات الأخيرة، بعد انقسام داخل الإدارة الأميركية، إذ كان فريق داخل إدارة الرئيس جو بايدن يطالب بإسقاط المنطاد فوق الأرض القارية الأميركية بأي ثمن، لكن فريقًا آخر داخل الإدارة يقوده رئيس هيئة الأركان المشتركة أصر على أن تكون العملية فوق مياه المحيط. 

وهنّأ الرئيس الأميركي الجيش بنجاحه في تنفيذ عملية الإسقاط الدقيقة. وقال بايدن: إنه أعطى الأمر الأربعاء بإسقاط المنطاد "في أقرب وقت ممكن"، لكن البنتاغون أراد الانتظار "حتى يكون في المكان الأكثر أمانًا للقيام بذلك" لتجنب أي ضرر ممكن جراء سقوط حطامه.

سر "القطعة السوداء"

وأوضح مراسل "العربي"، أن قرار إسقاط المنطاد فوق المحيط، سيمنع الصين من أي محاولة لاستعادة "القطعة السوداء" الموجودة تحته، والتي يبلغ طولها 20 مترًا، وهو الجزء الأكثر أهمية لدى الأميركيين، الذين يعتقدون أن الصين تستخدمه للتجسس، كون هذه القطعة تدار عبر الأقمار الصناعية. 

وكشف المراسل عن مخاوف داهمت الرئيس بايدن حول مضي المنطاد باتجاه الأراضي الكندية، الأمر الذي سيكون معقدًا بالنسبة إلى واشنطن، والتي ستضطر إلى التنسيق مع حكومة جارها حول أي عملية عسكرية. 

وحول جلسة لجنة المراقبة الحكومية في الكونغرس غدًا، أفاد مراسل "العربي" بأن الجمهوريين ضغطوا لعقد تلك الجلسة بغية إحراج إدارة بايدن الديمقراطية لإظهار تقاعسها وترددها في التعامل مع هذه القضية. 

ويتهم الجمهوريون إدارة بايدن بإظهار "لين غير مقبول" بالتعامل مع الصين، رغم قرار إرجاء زيارة وزير الخارجية إلى بكين جراء الأزمة الأخيرة.

موقف الصين

في المقابل، انتقدت بكين، اليوم الأحد، قرار البنتاغون إسقاط المنطاد الصيني، متهمة الولايات المتحدة بـ"المبالغة في ردّ الفعل وبانتهاك الممارسات الدولية بشكل خطير".

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان: إن "الصين تعرب عن استيائها الشديد واحتجاجها على استخدام القوة من جانب الولايات المتحدة لمهاجمة المنطاد المدني غير المأهول"، مشددة على أنها "تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الردود الضرورية".

وذكرت الخارجية الصينية، اليوم الأحد أنها "طلبت بوضوح من الولايات المتحدة معالجة الأمر بشكل مناسب وبهدوء ومهنية وضبط للنفس".

وقالت بكين إن الولايات المتحدة "أصرت على استخدام القوة، ومن الواضح أنها بالغت في رد فعلها وانتهكت الممارسات الدولية بشكل خطير".

تفاصيل العملية العسكرية

وتجري عمليات لاسترداد حطام المنطاد بمشاركة غواصين، وقال مسؤول عسكري أميركي كبير، إن الحطام وقع في المياه الضحلة ما "سيجعل الأمر سهلاً للغاية".

وأظهرت مقاطع فيديو بثتها قنوات أميركية المنطاد وكأنه يسقط عموديًا، حيث كان على ارتفاع 18 كيلومترًا فوق مستوى سطح البحر، ويبعد 11 كيلومترًا من الساحل، وفق مسؤولين في البنتاغون.

وقبيل العملية، أعلنت هيئة تنظيم الطيران المدني الأميركية تعليق الحركة الجوية في ثلاثة مطارات في جنوب شرق الولايات المتحدة ضمن إجراء يتعلق بـ"الأمن القومي". واستؤنفت الحركة الجوية بعيد انتهاء العملية.

وأضاف وزير الدفاع الأميركي: "بعد تحليل دقيق، قرّر القادة العسكريون الأميركيون أن إسقاط المنطاد في أثناء وجوده فوق الأرض يشكل خطرًا لا داعي له على الناس، نظرًا إلى حجم المنطاد وارتفاعه وحمولته المخصصة للاستطلاع".

وأكد أن ذلك هو سبب انتظار الجيش، ليتمكن من إسقاطه "بأمان فوق مياهنا الإقليمية، بينما يراقب عن كثب مساره وأنشطته في جمع المعلومات".

بين البر والبحر

وكان بايدن قد أكد صباح السبت أن الولايات المتحدة "ستتولى أمر" المنطاد الصيني. ثم في وقت مبكر بعد ظهر السبت، اكتفى بايدن برفع إبهامه ردًا على سؤال صحافيين عما إذا كان سيصدر الأمر بإسقاط المنطاد.

وتعليقًا على ذلك، قال المدير التنفيذي لمركز السياسة الأمنية فريد فليتز، إنّ المنطاد هو بحجم ثلاث حافلات، مشيرًا إلى أن القلق قد ساد الإدارة الأميركية بشأن ما يمكن أن ينتج عن ركام المنطاد في حال تم إسقاطه فوق الأرض.

وكشف فليتز في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، أنّ الاستخبارات العسكرية الأميركية وخبراء قد أكدوا لإدارة بايدن أن المنطاد كان قابلًا للدوران والتمويه، وأنه يعمل لأغراض استخباراتية، مضيفًا: "هذا ما يجب تأكيده بعد العثور على الحطام".

مسار المنطاد 

وبحسب مسؤولين في البنتاغون، فإن المنطاد دخل المجال الجوي الأميركي أول مرة في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي فوق ألاسكا، قبل أن يدخل كندا في 30 من الشهر نفسه ثم يعود إلى المجال الجوي الأميركي على مستوى إيداهو (شمال غرب) في 31 يناير، أي الثلاثاء.

لكن المواطنين الأميركيين لم يرصدوا المنطاد إلا الخميس عندما حلّق فوق مونتانا (شمال غرب)، حيث توجد قواعد عسكرية حسّاسة ومستودعات صواريخ نووية تحت الأرض، قبل أن يتحرك تدريجيًا باتجاه شرق البلاد.

وأقرّت بكين بأن المنطاد تابع لها، لكنها أكدت أنه "آلية مدنية تستخدم لأغراض البحث وخصوصًا للأرصاد الجوية".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: إن الآلية "انحرفت عن مسارها"، معربًا عن "أسف" بلاده لهذا الانتهاك "غير المتعمد" للمجال الجوي الأميركي.

من جهته، قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر عبر تويتر السبت: "أحيي قيادة الرئيس بايدن لإسقاطه المنطاد الصيني فوق المياه حفاظًا على سلامة جميع الأميركيين".

وأضاف: "الآن يمكننا جمع المعدات وتحليل التكنولوجيا المستخدمة" من الصين.

على صعيد متصل، أكد البنتاغون الجمعة أن منطادًا صينيًا ثانيًا رُصد أثناء تحليقه فوق أميركا اللاتينية.

وقال مسؤول أميركي كبير السبت: "مرت مناطيد مراقبة صينية لفترة وجيزة فوق الولايات المتحدة ثلاث مرات على الأقل خلال ولاية الإدارة السابقة، ومرة واحدة في بداية ولاية هذه الإدارة على حد علمنا، ولكن ليس لهذه المدة الطويلة".

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close