الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

بين العسكر والمدنيين.. ما الذي يعرقل الاتفاق لإنهاء أزمة السودان؟

بين العسكر والمدنيين.. ما الذي يعرقل الاتفاق لإنهاء أزمة السودان؟

Changed

حلقة جديدة "للخبر بقية" تسلط الضوء على محاولات القوى في السودان الوصول إلى توافق مع المكون العسكري (الصورة: غيتي)
بينما يحاول المدنيون تكثير جمعهم، ترتفع أصوات في المقابل تعلن تصديها، كما تقول، للواقع الراهن التي حرمتها المسودة من الوجود في دائرة صنع القرار.

بخطى ثقيلة، يحاول السودان الزحف نحو نقطة الوصول إلى اتفاق، في وقت تستمر فيه حالة التشكيك وعقدة الثقة بين المكونين الأساسيين العسكري والمدني.

فالعلاقة منتهية بفض الشراكة بين المكونين، وفق مسودة الدستور المنصاعة لكثير من التعديل والنقاش دون الوصول إلى كتابة سطورها الأخيرة.

استمرار الحراك التفاوضي

وبينما يحاول المدنيون تكثير جمعهم، ترتفع أصوات في المقابل تعلن تصديها، كما تقول، للواقع الراهن حيث حرمتها المسودة من الوجود في دائرة صنع القرار.

وعلى الرغم من انقضاء المهلة التي حددها المدنيون للبدء في تنفيذ ما جرى إعلانه، إلا أنّه لا أحد في السودان يلمس عملية مع كثرة الحديث عن مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع العسكريين.

وتتحدث الأخبار المتداولة عن استمرار الحراك التفاوضي خلال العشرة أيام الماضية.

ولم تشمل فقط العسكريين والمدنيين بل تعدتها إلى الآلية الثلاثية والتي التقت بالعديد من الأطراف تناولت في مجملها مشروع الدستور الانتقالي والتصورات بشأن الاتفاق الإطاري ومناقشة ردود الفعل الواصلة من قوى سياسية كانت قد تلقت نسخًا منه.

محاولات عرقلة

في المقابل، تبرز تجمعات جديدة داخل القوى المدنية تحديدًا ما يطلق عليه تحالف الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية"، والتي تحاول عرقلة كل ما تحقق حتى الآن بين العسكر والمدنيين. وحجتها في ذلك، أنّ الاتفاقات في "الغرف المغلقة"، بحسب تعبيرها، تعيد الجميع إلى الحالة التقليدية، وهي تقاسم السلطة بين طرفين لا أكثر.

بل إن تيارات محسوبة على ما يطلق عليه النظام الحاكم القديم بدأت ترفع صوتها أكثر، وتحاول شن حملات ضد التقارب، قائلة: إنّ حالة التناغم التي تسود بين مدنيين وعسكريين، إنما هي ضغوط وتدخلات دولية هدفها إلزام السودان بحلول تخدم أجندة هذه الأطراف الخارجية.

وهذا ما يحصل بين القوى المدنية نفسها، وهي نقطة يرى فيها محللون أنها ساهمت في إبطاء المساعي نحو الخروج من النفق، وانقسمت على إثرها الكتلة المدنية، بين من يرى نفسه الأحق بالاستحواذ على كل شيء، وقوى أخرى تنظر إلى نفسها على أنها ظلت على الهامش.

وعلى الطرف المقابل، لا يوفر العسكريون أيّ فرصة لإبداء حسن النيات المخدوشة، ابتداء بالقرارات التي تصدر عن المجلس السيادي ومن أبرزها تجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية المنسجمة في أغلبها مع أفراد من النظام القديم.

ويأتي ذلك مع السعي الدؤوب لنائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو والمعروف بـ"حميدتي"، لمنح المزيد من قوة الدفع للتسويات السياسية دون أن ينسى توجيه رسائل مبطنة لكل من يقف ضدها.

متظاهر سوداني مناهض للانقلاب يرفع لافتة خلال احتجاج بالعاصمة الخرطوم (غيتي)
متظاهر سوداني مناهض للانقلاب يرفع لافتة خلال احتجاج بالعاصمة الخرطوم (غيتي)

خارطة طريق

وفي هذا الإطار، قالت سلمى نور المتحدثة باسم قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي، إن الحرية والتغيير طرحت اتفاقًا إطاريًا بعد استلامها ملاحظات الجانب العسكري حول الوثيقة الدستورية المطروحة من قبل نقابة المحامين، والذي يحتوي على القضايا المتفق حولها مع الجانب العسكري.

وأضافت نور في حديث لـ "العربي" من الخرطوم، أنه في الأساس الحرية والتغيير وضعت خارطة طريق للوصول إلى الاتفاق النهائي، وهذه الخارطة تبدأ باتفاق إطاري يبدأ من القضايا المتفق عليها مع المكون العسكري، وليس فيها رؤية تفصيلية من الجانب المدني وسيتم توقيعها بعد شهر ونصف، ولا سيما أنه ينتظر ملاحظات من أطراف أخرى كي يكتسب أكبر شرعية وسند شعبي من مختلف القوى التي ساندت التحول الديمقراطي في السودان خلال الفترة الانتقالية والتي كانت المحرك لثورة ديسمبر 2019.

إقصائية ثنائية

بدورها، اعتبرت علياء أبونا، المتحدث باسم الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية، أنهم ينتقدون منهجية المجلس المركزي في إدارة الحوار وهي اقصائية ثنائية، وخاصة أن القوى السودانية متعددة، حيث لا يمكن التركيز فقط على قوى ثنائية بينهم وبين العسكر ويوقعون على مصير شعب يمتلك عددًا من القوى.

وأضافت أبونا في حديث لـ "العربي" من الخرطوم، "نحن لا نرفض الحوار بل المنهجية، كما نسعى للتعددية في الحوار وليس الثنائية، ولذلك يجب الدعوة إلى مائدة مستديرة كي يدلي الجميع برأيه وتكون هناك منهجية ثابتة وعدم اتخاذ القرار وإجراء المشاورات ثم يدعون بقية القوى".

"الفجوة ضئيلة"

من جهته، رأى المعتصم الحسن، الأستاذ في الأكاديمية العليا للدراسات الإستراتيجية والأمنية، أنه في الوقت الحالي ظهرت ثمرات قرارات وإجراءات (25 أكتوبر) بصورة جلية والتي هدفت في الأساس إلى توسيع رقعة القوى المدنية في إدارة الحكم في السودان.

وأضاف في حديث لـ "العربي" من الخرطوم، أن ضغط الشارع وسوء الإدارة في الفترة الماضية يتحمل قوى الحرية والتغيير جزءا كبيرا منها، وخاصة أن التدهور حصل قبل (25 أكتوبر) وخاصة أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك اضطر لتغيير حكومته ومحاولة رأب الصدع بين القوى المدنية.

وذهب للقول: "حاليًا هناك تفاؤل بما تطرحه الأطراف السياسية، وأعتقد أن الفجوة بينهم أصبحت ضئيلة، إذ إن هناك عددا من القوى باتوا شركاء مع التوافق الوطني".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close