الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

تعهد لصدام بـ"النصر".. الخزرجي يكشف المزيد من فصول حرب العراق وإيران

تعهد لصدام بـ"النصر".. الخزرجي يكشف المزيد من فصول حرب العراق وإيران

Changed

يكشف نزار الخزرجي في الجزء الخامس من إطلالته ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" المزيد من الكواليس المرتبطة بالحرب العراقية الإيرانية (الصورة: غيتي)
يعود رئيس أركان الجيش العراقي سابقًا نزار الخزرجي بالذاكرة إلى خفايا وخبابا واحدة من أبرز حروب القرن العشرين، فيكشف عمّا دار في الكواليس ثم ظهر إلى العلن.

يعيد الفريق أول الركن نزار الخزرجي رسم مشهد الحرب العراقية - الإيرانية، ليس بوصفه شاهدًا ومشاركًا في معاركها فحسب، بل أيضًا "مهندسًا" لإستراتيجية غيّرت الوقائع على الأرض ورسمت اتجاهًا مغايرًا لمجريات الأحداث.

على شاشة "العربي" يعود رئيس أركان الجيش العراقي سابقًا بالذاكرة إلى خفايا وخبابا واحدة من أبرز حروب القرن العشرين، فيكشف عمّا دار في الكواليس ثم ظهر إلى العلن.

"أفكار جندي في القادسية"

تنطلق حلقة "وفي رواية أخرى" التي يقدّمها الزميل بدر الدين الصائغ، من مشهد انسحاب الجيش العراقي نهاية شهر يونيو/ حزيران 1982 إلى خط الحدود الدولية بين العراق وإيران، حيث انقلبت كفة موازين الحرب فجأة، لتصبح المبادرة بيد الجيش الإيراني، الذي خاض مجموعة من العمليات العسكرية الضخمة في عدد من القواطع والمحاور باتجاه العراق.

ففي ضوء واقع الجيش العراقي في حينه، كانت لدى الخزرجي مجموعة من الأفكار العسكرية التي جمعها في رسالة أسماها "أفكار جندي في القادسية"، حاول تسليمها إلى الرئيس العراقي صدام حسين عام 1983.

عن تلك الرسالة وفحواها، يقول الخزرجي إن الإيرانيين أمسكوا بزمام المبادرة بعد ثلاثة أشهر ونصف على بداية الحرب؛ بدءًا من 6-1-1981، وأجبرونا في منتصف 1982 على الانسحاب إلى الحدود العراقية، حيث اتخذنا مواضع دفاعية عن العراق.

ويردف بأن الهجمات استمرت مع ذلك في شرقي البصرة، وفي قاطع الفيلق الأول والثالث والسادس في القرنة، وكذلك في قاطع الفيلق الخامس حيث استمرت الهجمات طيلة عام 1983". ويشير إلى أن الإيرانيين تمكنوا من تحصيل مكاسب داخل الأرض العراقية.

وفيما يلفت إلى أنه فكر في ذلك الحين أنه لا يمكن للجيش العراقي أن يستمر بهذا الشكل، إذ يُحتمل أن يسقط العراق كله وتدمَر القوات المسلحة العراقية، يقول إنه "فكّر في وجوب إعادة النظر بالإستراتيجية العراقية، وبدء العمل ـ بدلًا من الصيغة الدفاعية ـ باتجاه إستراتيجية تعرضية بعد تأمين متطلباتها".

ويوضح أنه أعدّ دراسة مؤلفة من تسعة أوراق تشمل تحليلًا إستراتيجيًا لكل تلك العوامل وأرسلها إلى صدام حسين، كاشفًا أنه توقع أن يقرأها الرئيس العراقي بعمق وأن يطلب مقابلته لشرحها، لكنه تسلم رسالة من صدام حسين من خلال أمين سره تقول إنه اطلع على الرسالة ويؤيد ما جاء فيها من أفكار، لكن امتلاك العدو للمبادرة لا يسمح لنا حاليًا باتباع هذه الإستراتيجية.

"استخدام السلاح الكيميائي"

عن نقله إلى قيادة الفيلق الأول مطلع العام 1984، يشير إلى أنه كان في حينه مدير حركات، وأثناء تناول طعام الفطور طلب منه صدام حسين تحضير حقيبته ومرافقته، فحملها واستقلا طائرة مروحية.

في الطريق، يقول الخزرجي إن الرئيس العراقي أبلغه بأمر تعيينه قائدًا للفيلق الأول، وتعيين فاضل البراك رئيسًا للمخابرات.

يلفت إلى أنه شكر صدام على ثقته به، مثنيًا على "اختيار البرّاك فهو سيطوّر المخابرات تطويرًا إيجابيًا".

ويكشف أنهما هبطا يومها في قاطع الفيلق الرابع، ثم الثالث، ثم قيادة القوة البحرية، فيما بدا أنه يريد تعريفه على القادة الآخرين وكيف يتعامل معهم.

الخزرجي الذي يعرّج على ما سُمي بحرب الاستنزاف وقصف المناطق المدنية بالصواريخ، يؤكد أن الصواريخ التي أُلقيت كانت محدودة من الجانبين، لافتًا إلى أن الخسائر في صفوف المدنيين لم تكن بما حُكي عنه من كثافة، حيث قيل عن عشرات آلاف المدنيين.

ويشير إلى أن العراقيين طوروا صواريخ سكود إلى الحسين والعباس بخبرة عراقية خالصة، كما طوّروا ما يمكن من تجهيز الطائرات بوقود لتصل وتضرب المدن الإيرانية ومن بينها طهران.

ويؤكد أن السلاح الكيميائي استُخدم طيلة فترة الحرب من الجانبين، لافتًا إلى أن هذا السلاح عامل إضافي كما المدفعية.

ويشرح أن تأثير هذا السلاح كان محدودًا، لأن الجنود كانوا يرتدون الأقنعة، نافيًا أن يكون قد تم استخدامه ضد المدنيين، بل ضد القطعات العسكرية. ويشير إلى أنه طلب من وزير الدفاع جعل الحرب نظيفة.

"سقوط المروحية كان حادثة"

وعن حادثة سقوط المروحية التي كان وزير الدفاع عدنان خير الله يقودها شخصيًا، ما أدى إلى وفاته عام 1989 وما قيل عن اغتيال تورط فيه صدام حسين وحسين كامل، يشدد على أن الأمر كان حادثًا بنسبة 100%، ودون تدخل من أي جهة.

ويكشف أن لجنة تحقيق أشارت إلى أن وضع الجو كان في حينه سيئًا جدًا، حتى إن شيخ القرية التي انطلق منها نصحه راجيًا بعدم الطيران.

ويلفت إلى أن خير الله كان يحب المغامرة، فطار، وتسبّبت العاصفة بما حصل.

"فقدان الفاو وتحريرها" 

بالانتقال إلى سقوط منطقة شبه جزيره الفاو الإستراتيجية بيد الإيرانيين عام 1984 بمخادعة إستراتيجية ضخمة، يقول الخزرجي إنه كان قد زار المنطقة فوجد أن فرقتَي حدود فقط تتواجدان فيها، وبالتالي كانت مكشوفة.

ويلفت إلى أن "فقدان الفاو" أحدث هزة نفسية كبيرة داخل العراق، وأعطى دفعًا للانفصاليين الأكراد لتطوير عملياتهم لاعتقادهم بأن العراق قد خسر الحرب، وأن الأوان قد آن ليشكلوا دولتهم الانفصالية في الشمال.

ويوضح أن المخادعة التي تمت للسيطرة على الفاو شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، فقد التقطت صورًا جوية أرسلتها إلى مصر وباكستان اللتين أوصلتاها إلى القيادة العراقية.

ويلفت إلى أن تلك الصور أوحت بأن التحشدات العسكرية الرئيسية موجودة مقابل منطقة العمارة - الفيلق الرابع، والقرنة - الفيلق السادس، والبصرة - الفيلق السادس، وأن الإيرانيين يستهدفون ضرب إحدى هذه المفاصل لقطع طريق بغداد البصرة والوصول إلى الحدود الكويتية.

وفيما يؤكد أن تلك التحشدات كانت موجودة فعلًا، يقول إن العراقيين لم ينتبهوا إلى إمكانية وصول الإيرانيين إلى الفاو خلال 24 ساعة.

ويشدد على أن المخادعة التي هدفت إلى غض الطرف عن الفاو شارك فيها الجميع، مردفًا بأنه متأكد من وجود تعاون إيراني غربي إسرائيلي أميركي. ويردف: قد يكون بشكل غير مباشر، لكن هناك تواجد وتواصل فيما بينهم".

ويلفت إلى أن تحرير الفاو، في وقت قياسي بـ36 ساعة، تم بفضل الرئيس العراقي، الذي كان قد طلب القيام بمخادعة على مستوى القطر طويلة الأمد؛ توحي بأننا لا نعمل على الفاو بل في مناطق أخرى، لنفاجئ ليس إيران بل أميركا.

ويذكّر بأن صدام كان يخشى من أن أميركا هي من تقوم بنقل المعلومات، لذا اعتبر أنه مع النجاح بخداعها يصبح خداع إيران وجيشها تحصيل حاصل.

ويلفت إلى أن تلك الخطة لم يعرف بشأنها سوى صدام حسين وهو نفسه مع معاونه للعمليات ومدير الاستخبارات، أما الباقون فكانوا ينفذون دون العلم بشأنها.

ويشير إلى أن العراق خسر في عملية استرجاع الفاو بدءًا من العام 1986، 52 ألف شهيد، قائلًا: كان هناك إصرار من جانبنا على إعادتها، وإصرار من إيران على البقاء فيها.

"تعهد بالنصر خلال سنة"

عن تعيينه في رئاسة الأركان في يوليو/ تموز عام 1987، يوضح أنه كان يدعو إلى إستراتيجية تعرّضية مغايرة لتلك التي كانت متبعة من قبله. وقد أُتيحت له الفرصة مع هذا التعيين لتطبيقها، وذكّر صدام حسين خلال لقاء جمعهما بالرسالة التي وجّهها له عام 1983.

يقول الخزرجي إنه عرض على حسين أن يطّلع عليها فيجتمعا بعد أيام، فردّ بجيد. ثم أرسل يطلبه بعد نحو ثلاثة أيام".

ويردف بأنه قال خلال اللقاء للرئيس العراقي إنه طوّر تلك الأفكار نتيجة 4 سنوات من الخبرة، لافتًا إلى وجوب أن "يتم البدء بتهيئة قادة للقيادات العليا يؤمنون بهذه الإستراتيجية، ثم توضيح أبعاد هذه الإستراتيجية، وتهيئة متطلباتها من تدريب وتجهيز وإعداد، وإعادة النظر في انفتاح القوات المسلحة".

وفيما يكشف عن موافقة صدام، يردف بأنه تعهد للرئيس بأن يضمن له النصر خلال سنة واحدة إذا ما حصل على الحرية للعمل وفق هذه الأفكار. 

ويوضح أنه بنى هذه الثقة على حساباته، لافتًا إلى أن التدريب استغرق قرابة الثمانية أشهر، والمعارك استغرقت حوالي أربعة أشهر، وانتهت الحرب في 8-8-1988.

ويشير إلى أن تحرير الفاو عام 1978 أعاد الكرة إلى الملعب العراقي، فبات العراق هو من يقود المعركة.

كيف طبّق الخزرجي تلك الخطة على الأرض؟ الإجابة في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى" على شاشة "العربي".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close