الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

ثلاثة تحديات وفئتان من العقوبات.. كيف يُمكن ردع بوتين عن غزو أوكرانيا؟

ثلاثة تحديات وفئتان من العقوبات.. كيف يُمكن ردع بوتين عن غزو أوكرانيا؟

Changed

"العربي" يرصد التحذيرات الأميركية والغربية لروسيا من دفع ثمن باهظ في حال غزو أوكرانيا وكيفية تعامل موسكو مع هذه التهديدات (الصورة: غيتي)
مع بدء التحركات العسكرية الروسية قد يكون فات الوقت لردع الكرملين عبر فرض العقوبات، والأمر مرهون بمدى استعداد واشنطن لامتصاص بعض الأضرار لمنع بوتين من الحرب.

حذّرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو، أكثر من مرة، من "تكاليف اقتصادية باهظة" إذا ما قامت بغزو كييف، لكن الشكوك ما تزال موجودة بشأن ما إذا كانت العقوبات قادرة حقًا على ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أم لا.

وشدّد الرئيس الأميركي جو بايدن على أن روسيا ستدفع ثمنًا باهظًا في حال اتخذت خيار غزو أوكرانيا، حيث جهّزت الإدارة الأميركية مجموعة من العقوبات بالتنسيق مع "حلفائها" وشركائها الذين صعّدوا لهجتهم تجاه روسيا محذّرين من "مستنقع رهيب".

وأوضح ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون في حديث إلى "العربي"، أن العقوبات ستكون أكثر حدة وشمولًا يشترك فيها الأوروبيون، وتشمل قطاعات أكثر من بينها خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم" ونشر قوات "الناتو" في مناطق مثل رومانيا وبولندا ودول البلطيق.

وشجّع غياب العواقب الدولية لإجراءات بوتين السابقة، وتحديدًا عند غزو جورجيا عام 2008، ثم دونباس عام 2014، وضمّ شبه جزيرة القرم في العام ذاته، على رفعه درجة المخاطر والمغامرة الجديدة بشأن أوكرانيا.

وقالت الزميلة في "معهد بروكينغز"، وضابطة المخابرات القومية الأميركية السابقة بشؤون روسيا وأوراسيا أنغيلا ستينت، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية: "عند مراجعة خياراته بشأن أوكرانيا، هناك أمران واضحان لبوتين: لن يرد الناتو عسكريًا على التوغل الروسي، تمامًا كما امتنع عن القيام بذلك في جورجيا والقرم"، مضيفة أنه يُمكن لروسيا أيضًا تحمّل أي عقوبات تُفرض عليها.

تحديات ثلاثة

وفي هذا الإطار، أوضحت مجلة "بوليتيكو" أنه عندما يتعلّق الأمر بفرض عقوبات على روسيا، تواجه الولايات المتحدة ثلاثة تحديات متكرّرة: تميل العقوبات إلى أن تُفرض بشكل تدريجي، كما يتمّ التفاوض مع حلفاء متردّدين عادة، بينما تكون العقوبات مكلفة للاقتصادات الغربية أيضًا.

ونتيجة لذلك، رأت المجلة أن العقوبات الروسية المطبّقة اليوم هي "حل وسط مخفّف مصمّم لإرضاء الحلفاء وتقليل التكاليف".

ويتطلّب تغيير خطط بوتين استهداف الاقتصاد الروسي ككل والنظام المالي للدولة، بما في ذلك الصادرات الأساسية مثل النفط، والتي قد يكون لها آثار كبيرة على الاقتصاد الروسي وعلى النظام المالي العالمي، ولهذا كانت الولايات المتحدة متردّدة في اتخاذ هذا الخيار.

كما أن إيجاد عقوبات "ذكية" تستهدف روسيا فقط ربما لن ينجح، إذ أن على الولايات المتحدة والدول الأوروبية تحمل بعض العبء أيضًا.

وفي هذا الإطار، قالت المجلة إن إدارة بايدن تحتاج إلى مواجهة هذه التوازنات قريبًا، لأنه مع بدء التحركات العسكرية الروسية، قد يكون فات الوقت لردع الكرملين عبر فرض العقوبات، مضيفة أن الأمر مرهون بمدى استعداد إدارة بايدن لامتصاص بعض الأضرار الاقتصادية والسياسية لمنع بوتين من اختيار الحرب.

ويمثّل التحدي الأول في فرض عقوبات فورية على النظام الروسي ليس بعد الغزو. وحافظت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خلال السنوات الماضية، على حزمة من العقوبات على روسيا منذ غزوها شبه جزيرة القرم في 2014، ولكن هذه العقوبات ساعدت في كبح جماح طموحات موسكو في أوكرانيا، ولكنها لم تُوقفها.

أما التحدّي الثاني فيكمن في اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي، وبالتالي فإن فرض العقوبات على روسيا، يتطلّب موافقة 27 دولة بالإجماع. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي سيكون أقلّ رغبة في فرض عقوبات شديدة التأثير مقارنة بالولايات المتحدة. ولهذا يجب على واشنطن أن تكون أكثر استعدادًا لتجاوز تردّد أوروبا عند صياغة عقوبات اقتصادية.

ويتمحور التحدي الثالث حول أن أي عقوبات واسعة سيطال تأثيرها المواطنين الروس العاديين، وأي عقوبات "مستهدفة" لا تعني التأثير على أشخاص أو مؤسسات بعينها، بل سيطال تأثيرها الجميع.

عقوبات رمزية

والعقوبات "الرمزية" التي تتحدّث عنها واشنطن سيكون لها تأثير ضئيل على روسيا، ففرض عقوبات على "نورد ستريم 2"، وهو خط أنابيب غاز لا يعمل حاليًا ولن يؤدي إلى زيادة مشتريات أوروبا من الغاز الروسي، لن يضر روسيا كثيرًا. كما أن إخراج روسيا من خدمة الرسائل المالية "سويفت"، سيعطّل النظام المالي لروسيا لكنّه ليس "الخيار النووي" الذي يعتقد كثير من الناس أنه سيكون فعّالًا بشكل كبير.

كما أن تشديد العقوبات على قطاع الدفاع الروسي لن يفرض تكاليف كبيرة وفورية كافية لردع الكرملين. والأمر نفسه ينطبق على معاقبة جميع عمليات التداول في الديون السيادية الروسية، لأن موسكو تمتلك صندوقًا احتياطيًا ضخمًا (630 مليار دولار)، ومستوى منخفض جدًا من الدين الحكومي، كما أنه من المتوقع أن تُحقّق فائضًا في الميزانية هذا العام.

وفي هذا السياق، رأت المجلة أن العديد من العقوبات التي تتمّ مناقشتها هي "نسخ أقوى بشكل هامشي من العقوبات التي تمّ فرضها بالفعل، ولكن تأثيرها ضئيل".

فئتان من العقوبات

وفي هذا الإطار، حدّدت المجلة فئتين رئيسيتين من العقوبات التي يُمكن أن تغيّر رأي بوتين فعليًا، رغم أن لكل منهما سلبيات يجب على الولايات المتحدة أخذها في الاعتبار بجدية.

أولًا- عزل المصارف الروسية الكبرى عن النظام المالي الأميركي، وهو ما قد يتسبّب بضائقة مالية كبيرة على روسيا، وانخفاض قيمة الروبل بحدة أمام الدولار، وارتفاع التضخم لمستويات مرتفعة، وانخفاض قيمة الأسهم والسندات لصناديق الاستثمار الغربية.

ثانيًا- يُمكن للولايات المتحدة أن تخفض عائدات الصادرات الروسية خاصّة من النفط (حوالي 45% من الصادرات)، وهو ما سيعني أن الدول المنتجة للنفط عليها زيادة الإنتاج لتعويض النقص. كما يُمكن فرض عقوبات على صادرات الغاز الطبيعي الروسي، وهو ما قد ينطوي على نقص حاد في الواردات لأوروبا، وبالتالي عمليات إغلاق إذا توقّفت إمدادات الغاز الروسي.

بطبيعة الحال، فإن مثل هذه الإجراءات لن تكون لها تكاليف فقط على روسيا، ولكن على الولايات المتحدة وأوروبا. كما أنها ستتسبّب بإشكاليات خطيرة مع الاقتصادات الكبرى الأخرى، ولا سيما الصين. لكن يتعيّن على صانعي السياسات أن يكونوا صادقين بشأن كيفية عمل العقوبات: إما أن يتبنّوا عقوبات صغيرة الحجم ومقبولة سياسيًا ودبلوماسيًا، أو يتخذوا إجراءات تجعل روسيا تشعر بألم كافٍ لتغيير مسارها.

وأكّدت المجلة أنه بينما تتمتّع روسيا بميزة عسكرية في ساحة المعركة في أوكرانيا، فإن الغرب لديه قوة هائلة على الاقتصاد الروسي، ولهذا لا ينبغي أن تسمح واشنطن للتداعيات غير المقصودة للعواقب أن تكون ذريعة للتردّد أو التقاعس عن العمل، لأن عدم الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي الذي سينتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا، من شأنه أن يفوق تداعيات العقوبات المالية القاسية.

العربي أخبار

بث مباشر على مدار الساعة

شاهد الآن

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close