الإثنين 6 مايو / مايو 2024

"حرب معلومات".. أوكرانيا "تتفوّق" على روسيا في وسائل التواصل

"حرب معلومات".. أوكرانيا "تتفوّق" على روسيا في وسائل التواصل

Changed

إعلان الهيئة الروسية للإعلام بدء تقييد الدخول إلى موقع تويتر (الصورة: غيتي)
تستحوذ مقاطع فيديو يصوّرها أوكرانيون لأنفسهم وهم يوثقون معاناتهم اليومية ورحلة هروبهم من مناطق القصف، على قلوب الناس وتعاطفهم في كل أنحاء العالم.

يعتقد كثيرون أن أوكرانيا نجحت في الهيمنة على شبكات التواصل الاجتماعي منذ الأيام الأولى للهجوم العسكري الروسي عليها، في حربٍ معلوماتية متصاعدة مع موسكو يبدو أن كييف هي من ينتصر فيها حتى الآن.

فقد وصفت "الغادريان" ما يجري على الفضاء الرقمي حاليًا "بحرب المعلومات العظيمة الأولى"، إذ لا يتابع العالم فقط أخبار الحرب الروسية دقيقة بدقيقة، ولكن يمكنهم أيضًا الانضمام إليها رقميًا.

وترى الصحف العالمية أنه عام 2022، المعلومات هي مصدر قوة، ومن بين التحولات الجيوسياسية الهائلة العديدة غير المتوقعة في الأسبوع الماضي، كان عودة هذه القوة إلى الناس وليس إلى الحكومات أو الغلبة العسكرية.

أوكرانيا تحشد العالم خلفها

فبحسب وكالة "فرانس برس"، رغم بقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محصنًا في كييف وسط قصف شديد والخوف من اغتياله، أطلقت حكومته هجومًا شاملًا على وسائل التواصل الاجتماعي لكسب مؤيدين للقضية الأوكرانية.

وفي هذا السياق، رصدت مقاطع فيديو يومية لخطابات زيلينسكي مرفقة بترجمة إنكليزية على نطاق واسع، فيما تروج وزارتا الدفاع والخارجية للمقاومة العسكرية لأوكرانيا برسوم مبهجة.

في الوقت نفسه، ينشر الأوكرانيون على نطاق واسع مقاطع فيديو تظهر النجاحات التي يحققها جنودهم بما فيها فيديو لصاروخ أوكراني يسقط مروحية روسية وآخر لمزارع أوكراني يسحب دبابة روسية تم الاستيلاء عليها بجراره الزراعي.

كذلك، تستحوذ مقاطع فيديو يصوّرها أوكرانيون لأنفسهم وهم يوثقون معاناتهم اليومية ورحلة هروبهم من المناطق التي تكثف فيها روسيا القصف، على قلوب الناس وتعاطفهم في كل أنحاء العالم كونهم "الحلقة الأضعف في هذا الصراع".

"مصداقية" أوكرانية

في هذا السياق، يتحدث بابتيست روبرت مؤسس "بريديكتا لاب" وهي شركة فرنسية تكافح المعلومات المضللة أنه في المرحلة الأولى من الصراع، وعلى صعيد الرأي العام الدولي، يتقدم الأوكرانيون بشكل واضح في المعلومات.

ويشير إلى أن معظم مقاطع الفيديو المؤيدة لأوكرانيا التي يتم تداولها على تويتر مثلًا هي حقيقية وليست مفبركة.

لكن في المقابل، يحذّر روبرت من بعض المزاعم التي ثبت أنها "مبالغ فيها" بعدما خضعت للتدقيق من قبل خدمة تقصي الحقائق في وكالة فرانس برس.

فعلى سبيل المثال، في المراحل الأولى من الحرب، أشادت كييف بـ13 من أفراد حرس الحدود قائلة إنهم أبطال فقدوا حياتهم وهم يدافعون عن "جزيرة الأفعى" الصغيرة في البحر الأسود بعدما شتموا القوات الروسية عبر اللاسلكي.

لكن في الواقع، تبين أن هؤلاء الجنود نجوا جميعهم، واعترفت السلطات الأوكرانية بذلك لاحقًا، فيما تنفي سفارة أوكرانيا في باريس أي محاولة متعمدة للتضليل قائلة "لا ننشر أخبارًا كاذبة".

بوتين "يحجب" الحقيقة

أما في روسيا، فقد اتّخذ فلاديمير بوتين، خطوة غير عادية بمحاولة شدّ الخناق على المعلومات التي تصل إلى شعبه، وذلك عبر حظر الوصول إلى "فيسبوك"  و"تويتر" في روسيا.

ووفق "الغارديان" أصدر القيصر الروسي قانونًا جديدًا يضع الصحافة في خانة الجرائم الجنائية، فأي صحافي يتبين أنه نشر "أخبارًا كاذبة" عن الحرب في أوكرانيا أو يدعو إلى فرض عقوبات على روسيا يواجه الآن عقوبة سجن تصل إلى 15 عامًا.

لكن يبدو أنّ بوتين لن يكون قادرًا بشكل تقني على حجب الوقائع عن العالم وحتى عن شعبه، إذ تبرهن هذه الأحداث، أن أحد أبرز جوانب الحرب حتى الآن هو كيف يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي أن يلعب دورًا في الصراع السياسي – العسكري.

وتأكيدًا على ذلك قام باحثون في "Osint" وهم جامعو معلومات استخبارية مفتوحة المصدر، بالبحث بشكل منهجي على الإنترنت بحثًا عن أحدث الصور ومقاطع الفيديو المقبلة من أوكرانيا والتحقق منها وتحديد موقعها الجغرافي في الوقت الفعلي.

ويؤكدون أنه يتم تتبع كل شاحنة وكل حركة الجنود في أوكرانيا وتسجيلها وإضافتها إلى الخرائط وقواعد البيانات مفتوحة المصدر، بفضل سكان هذه دولة الذين يبلغ عددهم 44 مليون نسمة ويسجلون كل ما يحصل حولهم وينشرون المعلومات في وقتها الفعلي على شبكة الإنترنت ومختلف تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب الصحيفة البريطانية.

بوتين "لا يكترث" للرأي العام الخارجي

لكن لا يبدو أن روسيا مكترثة جدًا بالرأي العام خارج البلاد، وتركز جهودها حاليًا على إبقاء الدعم المحلي وراء الرئيس فلاديمير بوتين.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أغلقت روسيا المعاقل الأخيرة لوسائل الإعلام الحرة في البلاد، وحظرت الوصول إلى أبرز تطبيقين على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جانبه، قال دارين لينفيل الباحث في "ميديا فورنسيك لاب" التابع لجامعة كليمسون الأميركية: "الأمر الذي يهتم به بوتين هو كيف يراه شعبه".

وأضاف: "أعتقد أن الكثير من الروس يصدّقون الروايات الروسية".

وأوضح أنه "مقابل كل رواية موالية لأوكرانيا، مثل الأخبار عن استسلام جنود روس من دون قتال والقصص حول شجاعة الأوكرانيين، هناك رواية موالية لروسيا في موسكو خصوصًا في أحاديث القوميين".

وفي تقرير سابق نشر في الأيام الأولى من الهجوم العسكري الروسي، أكّدت "الغارديان" بعد مراقبة تغطيات وسائل الإعلام التابعة للكرملين لما يحصل في أوكرانيا، أن القوة الكاملة لآلة الدعاية الحكومية الروسية تحتشد لتصوير الهجوم العسكري لموسكو على أنه حملة دفاعية لـ"تحرير" أوكرانيا، مع التركيز في معظم تغطيتها على الحماية المزعومة لمنطقة دونباس، التي يفترض أنها تتعرض لهجوم من قبل كييف.

وتبيّن أن أخبار الدولة الروسية تتبع في الغالب رواية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الحرب في أوكرانيا، والتي أوضحها في خطابه إلى الأمة يوم 24 فبراير/ شباط الفائت، عندما أعلن عن "عملية عسكرية خاصة" محدودة "لنزع السلاح" في أوكرانيا وحماية المواطنين في دونباس مما ادعى أنها كانت "إبادة جماعية" أوكرانية.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close