الإثنين 20 مايو / مايو 2024

السياسة على حافة الهاوية.. بوتين يختبر صبر العالم في ملفي أوكرانيا ونافالني

السياسة على حافة الهاوية.. بوتين يختبر صبر العالم في ملفي أوكرانيا ونافالني

Changed

كانت أوكرانيا تستعدّ لاحتمال اندلاع حرب واسعة النطاق الأسبوع الماضي قبل أن تعلن روسيا سحب قواتها (غيتي)
كانت أوكرانيا تستعدّ لاحتمال اندلاع حرب واسعة النطاق الأسبوع الماضي قبل أن تعلن روسيا سحب قواتها (غيتي)
استخدم بوتين مزيجًا من الخوف والترقّب والقوة للتأكيد على سلطته، وسلّط الضوء على التكتيكات الأكثر تشددًا، التي كان على استعداد للجوء إليها لتعزيز نفوذه.

سحبت روسيا، أمس الجمعة، قواتها التي احتشدت مؤخرًا بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، بعد أن أثارت المخاوف من اندلاع حرب شاملة خطيرة في أوروبا. وفي اليوم نفسه، أنهى المعارض الروسي السجين ألكسي نافالني إضرابه عن الطعام الذي استمر لمدة 3 أسابيع، لأن السلطات الروسية لبّت مطالبه بالحصول على رعاية طبية مستقلّة في النهاية.

إزاء ذلك، رأت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتهج هذا الأسبوع، سياسة "حافة الهاوية" في ملفي الصراع في أوكرانيا ونافالني، قبل أن يتراجع عنها أمام أنظار العالم، مضيفة أن هذا المزيج من الخوف والترقّب والقوة الذي استخدمه بوتين للتأكيد على سلطته، سلّط الضوء على التكتيكات الأكثر تشددًا، التي كان هو على استعداد للجوء إليها لتعزيز نفوذه.

وشرحت الصحيفة أن بوتين رأى مدى القلق الذي كان قادرًا على إحداثه على المستوى الداخلي والخارجي، وجدوى تعديله اعتمادًا على الظروف المتغيّرة، أو لخدمة هدف أوسع.

وقالت: "باختصار، استخدم بوتين ماضية باعتباره ضابطًا سابقًا في الكي جي بي، ليؤكد على قاعدة تكتيكية عالية المخاطر، والتي تقوم على الحفاظ على تخمين الخصم وفقدان توازنه، مع الاستعداد أيضًا لممارسة ضبط النفس طالما أنه قادر على ذلك".

وألقى الأسبوع الماضي الضوء على منطق الحرب الباردة الجديدة لبوتين، وهو مصطلح استخدمه رئيس وزرائه السابق دميتري ميدفيديف في مقال نشرته وكالة أنباء حكومية روسية يوم الجمعة؛ ففي صراعه مع الغرب، يعتمد بوتين على التهديد بالتصعيد، وهو تكتيك اتخذ أشكالًا قاسية بشكل متزايد مع اشتداد الصراع.

ووصف غليب بافلوفسكي، كبير مستشاري بوتين السابق، أحداث الأسبوع بأنها "جزء من المسرح. لكن المسرح مهم لنظامنا".

ويقارن بافلوفسكي، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"، نظام بوتين بـ"الشقّاطة، وهي آلية يُمكن أن تدور في اتجاه واحد حتى مع فترات التوقف المؤقت"، مضيفًا أنه "عندما يُبنى النظام بالكامل على مبدأ التصعيد، لا يمكنك التراجع بشكل جدي".

جهد مكلف لكييف

أما في كييف، فيعتقد بعض المسؤولين والدبلوماسيين الغربيين أن حشد بوتين للقوات كان جهدًا مكلفًا لإثارة مخاوف الحكومة الأوكرانية التي اتخذت منعطفًا أكثر صرامة ضد روسيا في الأشهر الأخيرة.

وبالنسبة لهم، كانت الخطوة الروسية بحشد قواتها على الحدود رسالة للرئيس الأميركي جو بايدن مفادها أن روسيا "ستستمرّ في الإصرار على هيمنتها على مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي، بغض النظر عن العقوبات التي قد تُفرض عليها".

ونقلت الصحيفة عن أوليكسي دانيلوف، مستشار الأمن القومي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قوله: إن بوتين "يعتقد أنه يجب الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الأميركيين، وإبرام اتفاق بشأن تقسيم مجالات النفوذ".

وبالفعل، وبينما كانت أوكرانيا تستعدّ لاحتمال اندلاع حرب واسعة النطاق، اتصل بايدن ببوتين، الأسبوع الماضي، ودعاه لعقد قمة في "دولة ثالثة" خلال "الأشهر المقبلة" من أجل "بناء علاقة مستقرة" مع روسيا.

أزمة بوتين التالية

ورجّحت الصحيفة أن لا تأتي الأزمة التي سيفتعلها بوتين تاليًا بمسار سلس لوقف التصعيد، إذ صدرت أوامر لبعض القوات الروسية، التي تم سحبها من جانب الحدود الأوكرانية الجمعة، بترك مركباتها المدرعة خلفها، ما يؤكد استمرار التوترات.

وقال كادري ليك، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، للصحيفة: "يكمن الخطر في أن لدى بوتين هذا الهوس التام بعدم الظهور بمظهر ضعيف. هذا بالطبع يضع عبئًا مزدوجًا على عاتق الآخرين، بحيث يحتاجون لإبقاء الطريق مفتوحًا أمامه للتراجع".

في الداخل الروسي، رجّحت الصحيفة أن "لا تستمرّ المعاملة الحسنة، التي أبدتها السلطات الروسية مع نافالني، وكذلك تساهل الشرطة مع احتجاجات الأربعاء، إلى مدى طويل"، مشيرة إلى أنه في الأسبوع المقبل، سيُحاول مدّعون عامّون روس حظر منظمة نافالني على الفور، في خطوة يمكن أن تمهّد الطريق لموجة جديدة من القضايا الجنائية ضد المعارضة.

ووفقًا للصحيفة، حتى المقربون من النخبة الحاكمة في روسيا يُحذّرون أحيانًا من محاولة تحديد استراتيجية واحدة متماسكة في تحركات الكرملين.

ونقلت عن كونستانتين ريمشوكوف، محرر إحدى الصحف الذي أدار حملة إعادة انتخاب رئيس بلدية موسكو في عام 2018، قوله: إن بعض الفصائل القوية تدفع بوتين نحو سياسات أكثر تشددًا ما يميل شخصيًا إلى اتباعها، مضيفًا أنه بينما تعاني روسيا اقتصاديًا من العقوبات، فإن بعض الفصائل النخبوية تستفيد من الشركات التي تلبي الواردات المحظورة بموجب هذه الإجراءات، أو من العقود العسكرية.

وتشمل هذه المجموعات أيضًا القيادة القوية في الأجهزة الأمنية، الذين يحصدون موارد وتأثيرًا أكبر عندما تتصاعد التوترات. ويقول ريموشكوف: إن هذه الجماعات يُنظر إليها على أنها تضغط من أجل سياسات المواجهة التي يتعيّن على بوتين في بعض الأحيان كبح جماحها، مضيفًا أن هذه الديناميكية تدفع روسيا إلى عصر "العزلة الجيوسياسية".

المصادر:
نيويورك تايمز

شارك القصة

تابع القراءة