الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

العلاقات مع الخارج محل تساؤل.. مخاوف من عودة السودان إلى "العزلة"

العلاقات مع الخارج محل تساؤل.. مخاوف من عودة السودان إلى "العزلة"

Changed

اختار أنتوني بلينكن الاتصال مباشرة برئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، للتأكيد على أنّ حكومته ما زالت شرعية في الميزان الأميركي.

يبدو أن العلاقات مع الخارج التي راكمها شركاء الحكم الانتقالي في السودان على مدى ما يزيد عن سنتين أصبحت بعد الانقلاب العسكري محل تساؤل ومراجعة من قبل أطراف دولية كثيرة.

فواشنطن التي أعلنت رفضها للانقلاب على التجربة المدنية في السودان، اختار وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الاتصال مباشرة برئيس الوزراء عبد الله حمدوك، للتأكيد على أنّ حكومته ما زالت شرعية في الميزان الأميركي.

من جهته، عبّر الاتحاد الأوروبي عن الموقف نفسه، حيث رفض بشكل قاطع وقف مسار الانتقال الديمقراطي في السودان، ومثله فعل الاتحاد الإفريقي الذي علّق عضوية السودان في صفوفه.

فما هو تأثير الموقف الأميركي والأوروبي على المشهد في السودان الآن؟ وهل اتضح موقف باقي الأطراف الإقليمية من قرار العسكر التراجع عن خيار التحول الديمقراطي في السودان؟

ردّة الديمقراطية في السودان (لا) تُغضِب الجميع

بعد ثلاثة أيام على انقلاب العسكر في السودان، بدأت الصورة تتّضح، ومعها تتصاعد المخاوف من أن يقطع الانقلاب صلات السودان مرة أخرى بالخارج، وبالتالي تعود البلاد الآن إلى العزلة السابقة من جديد.

في واشنطن، حيث تقول الإدارة الأميركية إنّها جاءت لتنتصر من جديد لأدبيات الانتقال الديمقراطي عبر العالم، بدا الأمر الواقع كما يريد فرضه العسكر أمرًا مرفوضًا.

هكذا، أوحى اتصال وزير الخارجية الأميركي برئيس الوزراء السوداني. تجاوز بلينكن واقع أنّ حمدوك واقع تحت الإقامة الجبرية بطريقة ما، وأصرّ أن يبلغ رسالة واحدة: الحكومة المدنية هي التي يخاطبها الأميركيون الآن.

وفي بروكسل، بدا الخطاب مشابهًا، بعدما تغيّر الخطاب. يقول الاتحاد الأوروبي إنه لا يقبل الانقلاب بأي شكل من الأشكال. لكنّ ردة الديمقراطية في السودان قد لا تُغضِب الجميع. ففي مجلس الأمن الدولي، كان لبعض العواصم رأي آخر.

ففي جلسة مغلقة لمجلس الأمن بدا لروسيا أنّ الإدانة لا يجب أن تمسّ المنقلبين فقط، بل المُنقَلَب عليهم أيضًا. وفي هذه الجلسة أيضًا، انقسم الاتحاد الإفريقي بين مؤيّد ومعارض لتعليق عضوية السودان، قبل أن يُحسَم القرار بإدانة الانقلاب.

الشعب السوداني هو "الفاعل الرئيس"

يرى الخبير الاستراتيجي لمركز الدراسات القومية أمين إسماعيل مجذوب أنّ الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان كانت في مجملها نتيجة لدراسة للواقع المحلي والبيئة المحلية.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنه تم حساب كل الخيارات الموجودة والعناصر المؤثرة على هذه الإجراءات الاستثنائية بإعلان حالة الطوارئ واعتقال المسؤولين الحكوميين، "لكن من الواضح أنه لم يتمّ عمل حساب دقيق للبيئة الإقليمية والدولية".

ويلفت إلى أنّه لذلك جاءت ردود الأفعال "مفاجئة" من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وفي وقتٍ سريع جدًا.

ويشدّد مجذوب على أنّ بنود الألفية الثالثة تمنع أي حكم عسكري، والسودان موقّع على هذه البنود. ويلفت إلى أنّ السودان ليس تابعًا لأي دولة إقليمية حتى يأخذ توجيهات منها للقضاء على أي تجربة داخل السودان.

ويخلص إلى أنّ الشعب السوداني هو الفاعل الرئيس في الحفاظ على هذا الحكم أو رفضه أو مقاومته، ملاحظًا أنّ البرهان تحدث عن إكمال الفترة الانتقالية وليس عن إلغائها وصولًا حتى الانتخابات.

موقف الإدارة الأميركية بين السودان وتونس

من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز إدوارد جوزيف أنّ ردّ فعل الإدارة الأميركية على الاستيلاء العسكري على السلطة في السودان كانت سلبية تمامًا.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من واشنطن، أنّ "هذه مسالة محسومة"، داعيًا إلى المقارنة بين ردّ الفعل الأميركية إزاء السودان، بتلك التي حصلت إزاء تونس مع الرئيس قيس سعيّد.

ويلفت إلى أنّ موقف الإدارة الأميركية في تونس "كان أكثر حذرًا وترددًا"، مذكّرًا بأنّها "لم تتخذ أي إجراءات من قبيل تعليق المعونة إلى تونس مثلما فعلت مع السودان".

ويقول: "كان هناك انتقاد حاد ولاذع لما حصل في السودان، وهذه مفارقة لافتة، وتغيير ملحوظ تمامًا في الموقف".

ويشير إلى أنّ تردد الولايات المتحدة في استخدام توصيف الانقلاب ربما يكون تكتيكيًا، ملمّحًا إلى إمكانية أن تلجأ إلى "تصعيد في لهجتها".

البرهان "ليس ساذجًا"

أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري، فيلفت إلى أنّ العسكر عندما دخلوا في انقلابهم الأول كان ذلك برعاية إقليمية معروفة.

ويشير البراري في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إلى أنّ القاهرة وأبو ظبي تحديدًا يدعمان الجناح العسكري في هذا الحكم الذي كان ينبغي أن يكون انتقاليًا.

ويقول: "حصل صدام بين الرؤى الإقليمية، إذ إنّ هناك رؤية تريد أن تقضي على هذه التجربة الانتقالية حتى لا تتحول إلى كابوس ديمقراطي يمكن أن يؤثر على الإقليم بشكل عام ويمكن أن يحرج هذه الدول التي لا تعرف شيئًا عن الثقافة الديمقراطية".

وإذ يرى أنّ للعسكر حظوة كبيرة جدًا سواء في القاهرة أو أبو ظبي، يعرب عن اعتقاده بأنّه لا يمكن للفريق أول البرهان أن يقدم على هذه الخطوة من دون التشاور أو التنسيق مع عواصم يعتقد أنه يمكن أن يتكئ عليها في قادم الأيام.

ويشدّد على أنّ البرهان "ليس ساذجًا"، وهو يعرف بأن خطوة من هذا النوع ستثير غضب دول أوروبية وغضب الشعب داخل السودان وربما هو بحاجة لدعم إقليمي ليقلل من الكلفة التي قد تترتب عن الخطوة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close