الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

"مجزرة حي التضامن" شهادة أخرى على المأساة.. هل يُحاسب عليها نظام الأسد؟

"مجزرة حي التضامن" شهادة أخرى على المأساة.. هل يُحاسب عليها نظام الأسد؟

Changed

إطلالة عبر "العربي" على ما جاء في تقرير الغارديان بشأن مجزرة حي التضامن عام 2013 (الصورة: غيتي)
يعود حي التضامن الدمشقي إلى الواجهة مع تحقيق نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية حول مقطع مصور أظهر مجزرة ارتكبتها قوات النظام عام 2013 وأودت بحياة 41 سوريًا.

تمتد الأزمة في سوريا على فصول، ولا تحتسب مآسيها بالسنين، بل بدقائق تشكل كل واحدة منها منعطفًا بدّل مصائر الملايين. 

ما بين المظاهرات السلمية التي خرجت تطالب بالحرية، والعنف المفرط من قبل النظام على المدنيين، والذي تحوّلت الثورة السورية على إثره إلى حمل السلاح، مرورًا بالتعذيب في معتقلات النظام والمجازر التي أزهقت أرواح الأبرياء، حكايات تروى وماضٍ يشهد ولو بعد حين، ودعاوى يؤمل أن تنصف الشهداء والناجين.

صور وشهادات ومقابر جماعية

وثّق "قيصر"، وهو اسم أُطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة، قتل 6786 معتقلًا سوريًا بطرق وحشية بعدما تضوّروا جوعًا وتعرّضوا لشتى أنواع التعذيب. 

وتحدّث عمر الشغري أمام مجلس الأمن عن معاناة السوريين تحت حكم نظام الأسد. الشاب كان قد خرج من جحيم المعتقلات، فاستعاد مجزرة البيضا عام 2013 في مسقطه بانياس، والتي راح ضحيتها نحو 260 مدنيًا، من بينهم والده وعشرات المفقودين.

قال عمر إنه نجا لواقع أنه كان في أحد مراكز الاعتقال، وإن قوات النظام هاجمت المدينة وقتلت البشر والحيوانات، وأحرقت الغابات والمنازل، واستخدمت البنادق والسكاكين لقتل كل ما وجدته في طريقها. 

ومما يؤشر إلى المآسي التي كابدها السوريون وقد يكون دليلًا على ارتكاب النظام السوري جرائم حرب، تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في مارس/ آذار الماضي، كشف عن وجود مقابر جماعية تضم جثث معتقلين قضوا في سجون النظام.

استند التحقيق إلى شهادات 4 رجال سوريين عملوا في مقابر جماعية سرية في دمشق أو في مواقع قريبة منها، بالإضافة إلى صور من الأقمار الاصطناعية. وقد كشفت هذه الأدلة معًا عن موقعين كل واحد منهما يضم آلاف الجثث. وقد نُقل عن مصادر أن بعضها نقل بشاحنات تبريد مخصصة لنقل الطعام وأخرى للمثلجات.

ذاك غيض من فيض الشهادات، وبعض من المواقع والوقائع التي يُشار إليها على أنها اختزلت ألم الموت ورائحته ومذاقه.

مجزرة حي التضامن 2013

وفي الإطار نفسه، يندرج التحقيق الموثّق بالفيديوهات الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية أخيرًا، وبيّن قيام جنود من قوات النظام السوري بعمليات إعدام جماعية في حي التضامن جنوبي العاصمة دمشق عام 2013.

فقد أظهرت لقطات من المقطع المصوّر عناصر مخابرات النظام السوري وهم يوجّهون بين الركام مدنيين معصوبي العينين، لم يعرفوا أي مصير بشع ينتظرهم.

أمسك أحد العناصر ضحية وأوقفها أمام حفرة تمتلئ بجثث المدنيين، إلا أن الرجل معصوب العينين لم يعرف عند أي حافة يقف. وبحسب التقرير، فقد أُمر بالسير وأُطلق النار عليه، وسقط في الحفرة نفسها.

وفي لقطة أخرى، ظهر عنصر فرع المخابرات الجوية سيئ الصيت وهو يركل رجلًا آخر على ظهره ليقع في الحفرة، قبل أن يتم إضرام النار في الجثث.

كما بان في الفيديو عناصر المخابرات وهم يضحكون فوق 41 جثة ملقاة أمامهم، بعدما انتهوا من ارتكاب المجزرة.

بحسب "الغارديان"، سرّب الفيديو مجند جديد انضم إلى ميليشيا في النظام السوري، بعدما كان قد شاهده لأول مرة على حاسوب محمول تابع لأحد أفرع الأمن. وفي نهاية المطاف، وصل إلى باحثين اثنين في أمستردام عاصمة هولندا.

وقرر الباحثان الوصول إلى منفذ العملية والحديث إليه عن طريق إنشاء حساب فيسبوك مزيف لشابة سورية في المهجر.

وخلال سنتين، تم التواصل عبر ذاك الحساب مع نحو مئتي مسؤول من قوات النظام إلى أن تم الوصول إلى أحد منفذي المجزرة؛ فتحدثت إليه الفتاة وكسبت ثقته. ومن ضمن الاعترافات، التي باح بها، قوله: "قتلت الكثير، نعم، وأخذت بثأري".

وفي فبراير/ شباط من العام الجاري، سلّم الباحثان الفيديوهات والأدلة التي بحوزتهما إلى القضاء في ألمانيا وهولندا وفرنسا.

كرة ثلج الدعاوى القضائية 

ويزداد في المحاكم الأوروبية عدد الملفات المتعلقة بجرائم النظام السوري يومًا بعد يوم؛ حيث تستهدفه دعاوى قضائية عدة أطلقت في أوروبا، ولا سيما في ألمانيا حيث يتحرّك القضاء ضد تجاوزات وثّقتها منظمات غير حكومية.

وفي 13 يناير/ كانون الثاني من هذا العام، وبعد أكثر من 108 جلسات، أصدرت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنز حكمها بالسجن المؤبد على أنور رسلان، الذي كان قد لجأ إلى ألمانيا مع عائلته عام 2014؛ لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بختام أول محاكمة في العالم محورها فظائع منسوبة إلى نظام بشار الأسد.

القرار وصفته ألمانيا وعدة منظمات حقوقية بالتاريخي، وقد أقرت المحكمة في قرارها بهجوم موسع وممنهج ضد المدنيين يشنّه نظام الأسد على السوريين، منذ أن نزلوا إلى الشارع مطالبين بالديمقراطية في مارس/ آذار 2011.

من قبل رسلان، قضت المحكمة في كوبلنز بسجن إياد الغريب، وهو عضو سابق في جهاز المخابرات، أربع سنوات ونصف إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين عام 2011، ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب حيث تعرّضوا للتعذيب.

كما حوكم الطبيب السوري علاء موسى في فرانكفورت، إثر اتهامه بارتكاب أعمال تعذيب وتصفية بحق مصابين معتقلين من قبل أجهزة مخابرات النظام داخل المشافي العسكرية والمدنية.

وقد وجّه المدعي العام الألماني إلى موسى تهمة القتل العمد بحقنة طبية، وإلحاق أضرار جسدية ونفسية خطيرة بالمعتقلين المعارضين.

وتشير تقارير إعلامية أوروبية إلى أن السلطات الفرنسية فتحت تحقيقًا نهاية أكتوبر لكشف ملابسات اختفاء سوريين يحملان الجنسية الفرنسية في سوريا عام 2013، وانقطعت أخبارهما منذ ذلك الوقت.

وفي أبريل/ نيسان 2021، فُتح تحقيق قضائي في هجمات كيميائية وقعت عام 2013، ونُسبت إلى النظام بناء على شكاوى تقدمت بها ثلاث منظمات غير حكومية.

ونهاية ديسمبر/ كانون الأول، وُجه الاتهام إلى فرنسي سوري يشتبه بتزويده الجيش السوري بمواد يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة كيميائية.

وتوضح مجلة "لو بوان" الفرنسية، أنه نتيجة للتعاون بين عدة دول أوروبية تم تقديم شكوى ضد كبار مسؤولي الجيش والشرطة أو المخابرات التابعين للنظام السوري، في كل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والسويد في الأشهر الأخيرة.

ويتصدر القائمة الرئيس السابق لأجهزة المخابرات في النظام السوري، ومدير مكتب "الأمن الوطني" حاليًا علي مملوك، والرئيس السابق لجهاز المخابرات الجوية جميل حسن، الذي أصدرت فرنسا وألمانيا مذكرتي توقيف دوليتين بحقه.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close