الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

محاربة الوباء المقبل.. السر في مليارات من الكائنات الصغيرة

محاربة الوباء المقبل.. السر في مليارات من الكائنات الصغيرة

Changed

ناقشت الاختصاصية في الصيدلة روان عبد السلام من عمان، الاستخدام الخاطئ لمضادات الميكروبات وتداعياتها خطيرة على الصحّة (الصورة: غيتي)
تتجاوز المكاسب المحتملة من كشف الأسرار الجينية للميكروبات الوقاية من الجائحة، وتشمل أيضًا جميع التحديات الحضارية الكبيرة المقبلة.

في الوقت الذي لا تزال فيه جهود مكافحة جائحة كوفيد 19 قائمة، يخوض العالم تحديات جديدة على غرار التهاب الكبد لدى الأطفال، وجدري القرود الذي يُنظر إليه الآن على أنه الوباء الجديد الذي سيجتاح العالم نظرًا لتفشيه السريع بين البشر.

وبينما لا تزال أسباب هذه الأمراض مجهولة، خلص كتاب "البشر ضد الميكروبات" إلى أن الحلّ لوقف الفيروسات والأوبئة يكمن في فهم ودراسة مليارات الكائنات الصغيرة التي تنتشر في الطبيعة، والمسؤولة عن الأمراض التي عاشها ويعيشها العالم.

ونشرت وكالة "بلومبرغ" تقريرًا ملخصًا لأبرز ما جاء في الكتاب يؤكد أن هذه الكائنات، وهي ميكروبات مجهرية، تتكاثر وتنتشر بهدوء في الطبيعة أو داخل الحياة البرية، وهي التي تسبّب الأمراض والفيروسات.

ودعا الكتاب إلى ضرورة الاستثمار المستدام الطويل الأمد في نظام مراقبة بيولوجي لفهم كيفية تصرّف هذه المخلوقات المجهرية والمخاطر التي تشكّلها.

وأضاف أن المكاسب المحتملة من كشف الأسرار الجينية للميكروبات تتجاوز الوقاية من الجائحة، بل تشمل أيضًا جميع التحديات الحضارية الكبيرة المقبلة مثل الأمن الغذائي، والأسلحة البيولوجية، وصحة المحيطات، وتغيّر المناخ على سبيل المثال لا الحصر.

الذكاء الاصطناعي

ولفهم هذه الكائنات المجهرية وفحص طبيعتها وعملها، دعا الكتاب إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، الذي أثبت أنه عنصر مهم في مكافحة الأمراض والأوبئة، وسيلعب دورًا محوريًا في المستقبل.

وفي أوائل عام 2020، ساعد الذكاء الاصطناعي في اكتشاف مضاد حيوي فريد من نوعه فعّال ضد السلالات الخطرة من بكتيريا الإشريكية القولونية (Escherichia coli) والسل المقاوم للأدوية.

وقام فريق بقيادة عالم الأحياء الاصطناعية جيمس كولينز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة باكتشاف المضاد الذي أطلقوا عليه اسم هاليسين (halicin).

وقال إريك شميت، مستثمر في البيولوجيا التركيبية والرئيس التنفيذي السابق لشركة "غوغل": "لقد أخذوا 100 مليون مركب كيميائي، ودمجوها في نظام ذكاء اصطناعي، واكتشفوا كيف ستعمل البروتينات والكيمياء الجزيئية دون إخبارهم بذلك. واكتشف البرنامج ذلك حرفيًا".

وفي إنجاز آخر، قامت شركة "ديب مايند تكنولوجيز" (DeepMind Technologies)، بفك تشفير أحد أكثر التحديات المربكة في علم الأحياء: الشكل ثلاثي الأبعاد للبروتين من تسلسل الأحماض الأمينية للجينوم البشري، وبعض الميكروبات.

الهندسة الحيوية

وأضاف الكتاب أن الهندسة الحيوية التي تعمل على تعطيل نواقل الأمراض الحيوانية، هي عنصر آخر في الحرب ضد هذه الكائنات المجهرية.

وفي العام الماضي، أطلقت شركة بريطانية للتكنولوجيا الحيوية بعوضًا معدلًا وراثيًا باسم "أوكزيتك" (Oxitec)، في الهواء لقمع نوع من البعوض يسمى الزاعجة المصرية (Aedes aegypti)، الذي ينقل فيروس زيكا وحمى الضنك وينتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع درجة حرارة المناخ.

وقد يكلّف بناء نظام إنذار مبكر "دائم التشغيل" للكشف عن التهديدات الناشئة والاستثمارات ذات الصلة في الرعاية الصحية وتطوير الأدوية، ما يصل إلى 430 مليار دولار على مدى عقد من الزمان، وهو رقم صغير مقارنة بمبلغ 12.5 تريليون دولار من الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد العالمي نتيجة فيروس كورونا، والتي توقّعها صندوق النقد الدولي.

ورأى الكتاب أنه مهما كانت الخيارات التي نتخذها، فإن العالم الميكروبي سيستمر في إرسال الإشارات الحيوية إلينا، مضيفًا أن السارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وتفشي إنفلونزا الطيور والخنازير، وعودة ظهور الإيبولا، وزيكا، والحالات الجديدة المحيرة من جدري القرود، كلها تعكس مخاطر انتشار المرض مع اتساع صناعة الأغذية وتوسّع المدن التي تتعدى على الموائل الطبيعية.

وأكد أن الاستخدام المتزايد والطويل الأمد للمضادات الحيوية، ومضادات الفيروسات، ومضادات الفطريات، ومضادات الطفيليات في المحيط الحيوي، أدى إلى تكيفات كيميائية حيوية تجعل علاج العدوى أكثر صعوبة، بحيث أصبحت بعض سلالات السل "الخارقة" مقاومة للأدوية المتعددة.

وختم الكتاب أنه لكل هذه الأسباب "قد يكون من الحكمة الاستماع إلى ما تخبرنا به الميكروبات؛ فأقدارنا متشابكة، وهم موجودون على كوكبنا لفترة طويلة، حتى لو لم نكن نحن البشر موجودين".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close