الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

مخاوف من تجدّد صراع عام 1998.. ما سبب التوترات بين كوسوفو وصربيا؟

مخاوف من تجدّد صراع عام 1998.. ما سبب التوترات بين كوسوفو وصربيا؟

Changed

نافذة تحليلية عن التوترات الأخيرة بين كوسوفو وصربيا (الصورة: اسوشييتد برس)
غذّى التوتر الأخير بين كوسوفو وصربيا المخاوف من تجدّد الصراع الذي اندلع بين عامي 1998 و1999، وأودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، وترك أكثر من مليون شخص بلا مأوى.

مرة أخرى، اشتعلت التوترات بين صربيا وكوسوفو في نهاية هذا الأسبوع، بعد أن داهمت شرطة كوسوفو المناطق التي يُهيمن عليها الصرب في شمال المنطقة، واستولت على مباني البلدية المحلية.

ورفعت صربيا من مستوى الاستعداد القتالي لقواتها المتمركزة قرب الحدود، وحذّرت من أنّها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرّض الصرب في كوسوفو لهجوم مرة أخرى.

وقد غذّى الوضع مرة أخرى المخاوف من تجدّد الصراع الذي اندلع بين عامي 1998 و1999، والذي أودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، وترك أكثر من مليون شخص بلا مأوى.

ما أسباب الصراع؟

كوسوفو هي منطقة مأهولة بالسكان من أصل ألباني، وكانت في السابق مقاطعة من صربيا قبل إعلان استقلالها عام 2008.

ورفضت صربيا الاعتراف بدولة كوسوفو، وما زالت تعتبرها جزءًا من صربيا، على الرغم من عدم وجود سيطرة رسمية عليها.

واعترفت حوالي 100 دولة باستقلال كوسوفو، بما في ذلك الولايات المتحدة، بينما انحازت روسيا، والصين، وخمس دول من الاتحاد الأوروبي إلى صربيا.

وأدى الجمود إلى الغليان ومنع الاستقرار الكامل في منطقة البلقان بعد الحروب الدموية في تسعينيات القرن العشرين.

ما مدى عمق الصراع العرقي في كوسوفو؟

النزاع على كوسوفو عمره قرون. وتعتزّ صربيا بالمنطقة بوصفها قلب دولتها ودينها.

وتُوجد العديد من الأديرة المسيحية الأرثوذكسية الصربية التي تعود للعصور الوسطى في كوسوفو. وينظر القوميون الصرب إلى معركة عام 1389 ضد الأتراك العثمانيين، كرمز لنضالهم الوطني.

وتنظر الأكثرية الألبانية الموجودة في كوسوفو، إلى كوسوفو على أنّها بلدهم، ويتّهمون صربيا بالاحتلال والقمع.

وشنّ متمرّدون من أصل ألباني تمردًا عام 1998، لـ"تخليص البلاد من الحكم الصربي".

ودفع ردّ بلغراد على التمرّد إلى تدخّل حلف شمال الأطلسي "الناتو" عام 1999، ما أجبر صربيا على الانسحاب والتنازل عن السيطرة لقوات حفظ السلام الدولية.

ما هو الوضع على الصعيد المحلي؟

هناك توترات مستمرة بين حكومة كوسوفو والصرب الذين يعيشون بشكل رئيسي في شمال البلاد، ويحافظون على علاقات وثيقة مع بلغراد.

وعادة ما تُواجه محاولات الحكومة المركزية لفرض المزيد من السيطرة في الشمال الذي يهيمن عليه الصرب، بمقاومة شرسة.

وقد قُسّمت ميتروفيتشا، وهي المدينة الرئيسية في الشمال، إلى جزء من أصل ألباني وجزء يسيطر عليه الصرب، ونادرًا ما يختلط الجانبان.

كما توجد مناطق أصغر يسكنها الصرب في جنوب كوسوفو، بينما يعيش عشرات الآلاف من صرب كوسوفو في وسط صربيا، حيث فرّوا مع القوات الصربية المنسحبة عام 1999.

وعزا  المستشار القانوني السابق في قوات "الناتو" لإنفاذ السلام في البلقان أيمن سلامة، في حديث سابق إلى "العربي"، عودة التوتر بين البلدين إلى الاضطرابات العنيفة المسلحة التي تراوح مكانها بينهما من فترة إلى أخرى، حيث تُعتبر صربيا كوسوفو "أرض الأجداد المقدسة".

وأوضح أنّه لا يمكن إغفال الاحتقان الدفين بين ألبان كوسوفو المسلمين وبين صرب الأورثوذكس في بلغراد، داعيًا إلى الاستعانة بالدبلوماسية الوقائية التي اتبعتها الأمم المتحدة بين جمهورية مقدونيا واليونان عام 1992 لتسوية أي خلافات بين الجارين الغريمين.

ما هي أبرز المحاولات لحلّ النزاع؟

كانت هناك جهود دولية مستمرّة لإيجاد أرضية مشتركة بين الخصمين السابقين في زمن الحرب، ولكن لم يكن هناك اتفاق شامل نهائي حتى الآن.

وتوسّط مسؤولو الاتحاد الأوروبي في مفاوضات تهدف إلى تطبيع العلاقات بين صربيا وكوسوفو. وقد تمّ التوصّل إلى اتفاقات عديدة خلال المفاوضات، ولكنها نادرًا ما نُفّذت على أرض الواقع.

بينما شهدت بعض المجالات نتائج، مثل اتفاق حرية التنقّل داخل البلاد.

وجرى طرح فكرة لتغيير الحدود وتبادل الأراضي كطريق للمضي قدمًا في المفاوضات، إلا أنّ العديد من دول الاتحاد الأوروبي رفضت ذلك خوفًا من أنّه قد يتسبّب في سلسلة من ردود الفعل في مناطق أخرى مختلطة عرقيًا في البلقان، وإثارة المزيد من المشاكل في المنطقة التي مرت بحروب دموية في التسعينيات.

من هم اللاعبون الرئيسيون؟

يقود كل من كوسوفو وصربيا قادة قوميون، لم يظهروا استعدادًا للتوصّل إلى حلّ وسط.

وفي كوسوفو، يقود ألبين كورتي، سجين سابق في صريبا، الحكومة، وهو المفاوض الرئيسي في المحادثات التي يتوسّط فيها الاتحاد الأوروبي. وهو مؤيد شرس لتوحيد كوسوفو مع ألبانيا، وضد أي حلّ وسط مع صربيا.

بينما يقود صربيا الرئيس الشعبوي ألكسندر فوتشيتش، الذي كان وزيرًا للإعلام خلال الحرب في كوسوفو. ويُصرّ على أنّ أي حلّ يجب أن يكون حلًا وسطًا من أجل الاستمرار، معتبرًا أنّ البلاد لن تستقر ما لم تكسب شيئًا.

ماذا سيحصل بعد تجدّد التوتر؟

يأمل المسؤولون الدوليون في تسريع المفاوضات والتوصّل إلى حلّ في الأشهر المقبلة.

ويجب على كل من البلدين تطبيع العلاقات، إذا كانا يريدان التقدم نحو عضوية الاتحاد الأوروبي. وعدم حدوث أي انفراجة كبيرة سيؤدي إلى عدم استقرار لفترات طويلة، وتدهور اقتصادي، واستمرار الاشتباكات.

كما أنّ أي تدخّل عسكري صربي في كوسوفو يعني الصدام مع قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي المتمركزة هناك.

وبينما تسيطر بلغراد على صرب كوسوفو، لا يُمكن لكوسوفو أن تصبح عضوًا في الأمم المتحدة ودولة فاعلة دون حلّ النزاع مع صربيا.

المصادر:
العربي - أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close