تُعتبر مضامين مسلسلات شهر رمضان موضوعًا قديمًا قِدم هذه الصناعة التي يتغير محتواها بحسب تغيّر المزاج السياسي والاجتماعي.
وتواجه هذه الأعمال كل سنة ردود فعل متباينة، وتتعلق بالمواضيع المطروحة أو الشخصيات الممثلة فيها.
وتخضع الإنتاجات في معظمها للجهة الممولة، سواء أكانت حكومات أم جهات ذات توجهات أيديولوجية معينة، وهو ما ينعكس على طبيعة العمل والجدل الذي يثيره.
مسلسلات رمضان تثير الجدل
في هذا الموسم الدرامي، برزت عدة أعمال أثارت جدلًا سياسيًا واجتماعيًا، وانقسمت بشأنها الآراء بين من يراها انعكاسًا لواقع اجتماعي اقتصادي، ومن يرى فيها إقحامًا لمفاهيم وتصورات لا تناسب المشاهد العربي، وتحديدًا في شهر رمضان.
ففي العراق مثلًا، أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات الحكومية وقف عرض مسلسل "الكاسر"، بعد مطالبات نيابية وعشائرية، إثر ردود الفعل الغاضبة التي أثارها بسبب ما عدّ إساءة للعراقيين، وخاصة للمجتمع الجنوبي وسمعة عشائره.
بعد مطالبات نيابية وعشائرية.. إيقاف عرض مسلسل "الكاسر" بقرار من الحكومة العراقية #تواصل #العراق pic.twitter.com/OUN9jnornk
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 26, 2023
أما المسلسل الكويتي "دفعة لندن"، الذي يتناول حياة مجموعة من الطلبة الذين التحقوا للدراسة في بريطانيا مطلع ثمانينيات القرن الماضي، فقد أثار أيضًا موجة انتقادات واسعة، بسبب ما قيل إنه يروّج لصورة سلبية عن العراقيين.
مسلسل "#دفعة_لندن يفجر موجة جدل واتهامات لصناع المسلسل بتشويه صورة العراقيين #تواصل #العراق pic.twitter.com/jKjBE9IkEA
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 26, 2023
وواجهت مسلسلات تلفزيونية أخرى نقدًا لاذعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من منظور آخر، ففي تونس مثلًا تجاوز مسلسل فلوجة حدود الجدل ليصل إلى ساحات القضاء، لما يتضمنه من "تصرفات خطيرة جدًا على المتابعين من الأطفال والمراهقين والمربّين والعائلات"، بحسب الدعوى المقامة لوقف عرضه، والتي قوبلت برفض من القضاء التونسي.
ويتناول المسلسل بطريقة درامية كواليس الحياة الدراسية، تحت غطاء ظاهرة تفشي المخدرات داخل المعاهد.
ونالت المسلسلات التاريخية بدورها نصيبًا من الجدل، وهذه المرة بما يتعلق بالرواية التاريخية، حيث حظي مسلسل "رسالة الإمام" بنصيب من الهجوم، بعد اتهامات بضعف السيناريو مقارنة بحجم الشخصية والقصة التي يصوّرها.
"جرأة في طرح المواضيع"
في هذا السياق، ترى مديرة المدرسة العليا لعلوم السينما والسمعي البصري لمياء بلقايد قيقة أن "الإنتاجات التونسية في السنوات الماضية تميّزت بجرأتها الكبيرة، ولاقت رواجًا لدى الجمهور المحلي والعربي".
وتشير بلقايد قيقة، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "المواضيع الساخنة في السنوات الأخيرة أصبحت محل اهتمام كتّاب السيناريو والمخرجين".
وتلفت إلى أنه "في تونس هناك انفتاح كبير على المواضيع التي فيها جرأة مثل تلك التي تلقي الضوء على شؤون المرأة أو الزواج العرفي والمخدرات".
وتقول: "كانت هناك على مر السنوات مسلسلات تعرضت لانتقادات عنيفة وصلت إلى حد المنع من البث، وكان يجب على المؤسسات الرسمية أن تساعد في تصنيف الأعمال".
"فوضى كبيرة"
أما في ما يخص الجدل في العراق حول مسلسل "الكاسر"، فيوضح مصطفى داخل، وهو أحد الممثلين في هذا الإنتاج، أن "بث حلقات المسلسل ترافق مع فوضى كبيرة ما كان يجب أن تحصل".
ويشدد داخل، في حديث إلى "العربي" من بغداد، على أنه "يجب الابتعاد عن لغة التشنج والتسطيح عند مناقشة هذا الموضوع".
ويؤكد الممثل العراقي أن "مسلسل الكاسر هو من وحي خيال الكاتب، وتم التنويه على ذلك منذ بداية العرض".
ويقول: "نحن كفنانين عراقيين لا يمكن أن نقبل بالإساءة إلى عشائرنا وبلدنا كما تم اتهامنا".
رفض الرقابة"
من جهتها، تشير المخرجة والناقدة الفنية نسرين الزيات من القاهرة إلى أن "الانتقادات التي تعرّض لها مسلسل الإمام الشافعي ليست جديدة في عالم السينما".
وتلفت الزيات، في حديث إلى "العربي" من القاهرة، إلى أن "هذا النوع من المسلسلات التاريخية افتقدناها في السنوات الماضية".
وتقول: "علينا أن نحيي كاتب المسلسل على جرأته بأن يتطرق إلى موضوع كهذا بطريقة متكاملة".
وتضيف: "أرفض أي نوع من الرقابة الاجتماعية أو الرسمية على الأعمال الفنية، بل يجب إعطاء الحرية للمخرجين والكتّاب".