الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

مقاطعة واسعة وسوابق.. كيف يُقرأ مشهد الترشيحات للانتخابات في تونس؟

مقاطعة واسعة وسوابق.. كيف يُقرأ مشهد الترشيحات للانتخابات في تونس؟

Changed

برنامج "للخبر بقية" يتطرّق إلى المشهد التونسي على وقع الاستعدادات للانتخابات التشريعية المرتقبة (الصورة: غيتي)
جاء إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس للقائمة النهائية للترشيحات للموعد الانتخابي، في ظل أحوال اقتصادية موجعة وتيه سياسي، ولم يخلُ من السوابق.

أعلنت هيئة الانتخابات في تونس، في ظل أحوال اقتصادية موجعة وتيه سياسي، عن قبول 1000 طلب ترشيح لخوض الانتخابات التشريعية المقررة منتصف الشهر المقبل.

وأبى هذا الإعلان إلا أن يحمل في جعبته سوابق أيضًا، إذ كشف أن 7 دوائر على الأقل بقيت خالية من تسجيل اسم أي مرشح، بينما ظلت 10 أخرى تحتفظ بمرشح وحيد ما يعني فوزه تلقائيًا بالمقعد البرلماني في حال عدم تقديم أي طعون.

ويأتي ذلك في سابقة بالمقارنة مع عمليات سابقة بعد جدل بشأن شروط الترشح، التي فرضها الرئيس بمفرده قبل أسابيع فقط من الموعد الانتخابي.

وبينما كان الرئيس التونسي قيس سعيد منشغلًا بالتحذير من التزوير والرشا، خرجت أصوات أيضًا لمنظمات المجتمع المدني تنتقد غياب التشاركية والمسار الانتخابي.

وقالت هذه الأصوات: إن الشروط المجحفة للترشح - ومنها التزكيات وغيرها - ساهمت في الحد من الإقبال على الترشح، وما سينتج عن ذلك لاحقًا من ضرر لصدقية البرلمان.

ويعلم المواطن التونسي أنه يشاهد الآن مسار انتخابات تشريعية لا تشبه سابقاتها وتقاطعها أبرز الأحزاب السياسية، ومشهدًا جديدًا يهندسه رأس الدولة الذي يتهمه معارضوه بتدبير انقلاب صامت وتدمير مكاسب ثورة عام 2011.

ويتهمهم هو في المقابل بالوقوف وراء كل التعثرات في عشرية يسميها "عشرية سوداء".

وبالحديث عن المعارضة، فهي تبدو اليوم منقسمة تمزقها الخصومات ومكبّلة في مجال عام يضيق شيئًا فشيئًا، لتجد نفسها مبعدة ومطرودة منه وغير مرحب بها.

"مسار بإرادة منفردة ولم يكن تشاركيًا"

يشير المدير التنفيذي لمرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات الناصر الهرابي، بالنظر إلى حالة الانتخابات من حيث السوابق بعدم وجود مرشحين في دوائر انتخابية وتمثيل المرأة ومقاطعة عدد كبير من السياسيين الذين كانوا داعمين لمسار قيس سعيد لكنهم لم يروا أي ضرورة للترشح، إلى أن هذه المآلات ربما كانت منذ صدور المرسوم 55 في سبتمبر/ أيلول 2022، والذي أدرج تنقيحات على القانون الانتخابي لعام 2014.

ويلفت في حديثه إلى "العربي" من تونس، إلى أن المجتمع المدني كان قد نبّه إلى المخاطر بشأن هذا المرسوم، لا سيما فيما يتعلق بشروط الترشح المجحفة جدًا.

ويرى أن ما زاد العزوف وعدم الترشّح هو المسار الذي بدأ منذ 25 يوليو/ تموز 2021، والذي لم يحظَ بإجماع التونسيين، لا سيما وأن هناك شق مناصر لهذا المسار، والشق الأغلبي ربما الآن هو مناهض له.

ويقول: إن هذا الشق المناهض عازف عن المشاركة أصلًا، وعازف عن إدارة الشأن العام، وهو الأغلبية التابعة للأحزاب السياسية التي وجدت نفسها خارج العملية السياسية تمامًا، بعدما كانت فيها وساهمت فيها منذ 2011، وربما ساهمت في أغلب الأحزاب في قيام الثورة.

ويلفت إلى أن "المسار كان بإرادة منفردة ولم يكن تشاركيًا"، مشيرًا إلى أن "سعيد لم يستمع إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولا إلى المجتمع المدني ولا إلى الفاعل السياسي ولا إلى خبراء في مجال الانتخابات".

"نريد إنقاذ المسار الديمقراطي"

بدوره، يؤكد العضو في مبادرة "لينتصر الشعب" والمرشح للانتخابات عثمان الحاج عمر، أن "تونس ورغم الهنّات التي شابت المسار، إلا أنها تبقى ديمقراطية مقارنة ببقية الدول العربية، وتبقى بالفعل منارة ونموذج يحتذى بها".

ويذكر في حديثه إلى "العربي" من تونس، أن ما بين 600 ألف إلى مليون تونسي شاركوا في عملية التزكيات.

ويشير إلى أن 1000 مواطن تونسي ترشحوا وقدموا وثيقة تثبت سلامة ملفهم الأمني والعدلي والقضائي، وقدّموا أيضًا ما يثبت تسديدهم للديون.

ويعتبر أن "من يتمسك بدستور 2014 والقانون الانتخابي القديم أكثر ما يتمسك به هو الموقع والفوائد التي يحققها من خلاله".

والحاج عمر، الذي يؤكد أن الديمقراطية يجب أن تشمل أوسع ما يمكن من الفئات الشعبية"، ينفي "وجود عزوف عن التزكية والترشح"، لافتًا إلى أن التونسيين يعانون أوضاعًا اقتصاديًا خانقة تعيشها كل البلدان غير النفطية، وهم في أزمة فقدان بعض المواد الأساسية وربما لا يلتفتون كثيرًا".

إلى ذلك، يقول الحاج عمر: "سنؤسس حكمًا ديمقراطيًا فيه السلطة التنفيذية موحدة، والبرلمان يقوم بكل مهامه من أجل إنقاذ البلاد". ويضيف: "نحن نريد إنقاذ المسار الديمقراطي وإنقاذ بلادنا".

"لن تُخرج تونس من حالة الانقلاب"

من جانبه، يعتبر عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" زهير إسماعيل أن "الانقلاب لم يخرج من حالة الانقلاب".

ويشرح في حديثه إلى "العربي" من تونس، أنه "رغم الاستفتاء الذي سبقته الاستمارة وكانت نسبة المشاركة فيها حوالي 5%، ثم اعتُمدت كمقدمة للاستفتاء، الذي لا يُمكن أن يكون بالمقاييس الدولية مسوغًا للمصادقة على الدستور بعد تمزيق دستور عام 2014، لم نخرج من الانقلاب أي من وضع ما بعد الانقلاب".

ويرى أن "الانتخابات المزمع إجراؤها، إذا أمكن الوصول إليها، فلن تُخرج تونس من حالة الانقلاب".

ويتحدث عن قناعة لدى أوسع التونسيين، من حيث أن الانقلاب نقل البلاد من أزمة هيكلية يعيشها الانتقال الديمقراطي ولا يمكن إنكارها وكان يمكن علاجها، إلى النكبة.

وبينما يلفت إلى أن "تونس تغرق"، يشرح أن "الدولة من الزاوية القانونية هي مرافق، واليوم أهم المرافق تتوقف باسم التصحيح وباسم إرادة شعب".

وإسماعيل يرى أن "تاريخ الانتقال الديمقراطي يعلمنا أن الانقلابات هي جزء من هذا الانتقال، ولذلك هذا الذي أتاه قيس سعيد نعتبره قوسًا؛ هو تعثر سنتجاوزه إلى ما بعده".

وفيما يشير إلى "انقسام النخبة، حيث حتى الصف الديمقراطي منقسم"، يشدد على أن "النخبة التونسية في أكثر الحالات حرجًا قادرة على أن تبني مشتركًا، وقادرة على أن تقيم التسويات الضرورية في هذه المرحلة".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close