بدأ عدد كبير من الشركات العالمية الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لصنع منتجاتنا المنزلية، رغم التحذيرات التي أطلقها عدد من الخبراء.
ولجأت شركة "ماتل" (Mattel) إلى مولد الصور "DALL-E" المدعوم بالذكاء الاصطناعي لابتكار أفكار لألعاب السيارات. كما تستخدم شركة "كارماكس" (CarMax) للسيارات المستعملة، تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستطلاع آراء العملاء.
كما لجأت شركة توصيل البقالة "Instacart" إلى تقنية "تشات جي بي تي" للإجابة على أسئلة العملاء بشأن الطعام.
كما تخطط شركة "كوكا كولا" لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة في إنشاء محتوى تسويقي جديد. وعلى الرغم من أن الشركة لم توضح بالتفصيل بالضبط كيف تخطط لنشر التكنولوجيا، فإن هذه الخطوة تعكس الضغط المتزايد على الشركات لتسخير الأدوات التي يحاول العديد من موظفيها والمستهلكين تجربتها بأنفسهم.
الذكاء الاصطناعي يُهدد أكثر من 20 وظيفة بالاندثار#العربي_اليوم pic.twitter.com/colqrDvDou
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 7, 2023
وقال جيمس كوينسي، الرئيس التنفيذي لشركة "كوكا كولا": "يجب علينا تحمّل المخاطر. ونحن بحاجة إلى تبنّي هذه المخاطر بذكاء، والبناء على تلك التجارب، ولكن عدم تحمّل هذه المخاطر هو وجهة نظر ميؤوس منها للبدء منها".
تحذيرات من الأضرار المحتملة
ويُحذّر بعض خبراء الذكاء الاصطناعي من أنه يجب على الشركات النظر بعناية في الأضرار المحتملة للعملاء، والمجتمع، وسمعتهم قبل التسرع في تبني تقنية "تشات جي بي تي" والمنتجات المماثلة في مكان العمل.
وقالت كلير ليبوفيتش من "The Partnership on AI"، وهي مجموعة غير ربحية أسسها ورعاها كبار مزوّدي التكنولوجيا الذين أصدروا مؤخرًا مجموعة من التوصيات للشركات التي تنتج صورًا اصطناعية وتسجيلات صوتية، لوكالة "اسوشييتد برس": "أريد أن يفكر الناس بعمق قبل نشر هذه التكنولوجيا. يجب عليهم التفكير في الهدف من هذه الأدوات في المقام الأول".
وبالفعل، هناك سبب للحذر من هذه التقنيات. ففي حين أن منشئي النصوص مثل "تشات جي بي تي"، و"بينغ تشات بوت" من "مايكروسوفت"، يمكن أن يجعلوا عملية كتابة رسائل البريد الإلكتروني والعروض التقديمية والعروض التسويقية أسرع وأسهل، إلا أنهم يميلون أيضًا إلى تقديم المعلومات المضللة على أنها حقيقة.
مخاوف حول الملكية الفكرية
وأثار مُولِّدو الصور، المدرّبون على مجموعة ضخمة من الفن الرقمي والتصوير الفوتوغرافي، مخاوف بشأن حقوق الطبع والنشر من المبدعين الأصليين لتلك الأعمال.
وفي هذا الإطار، قالت المحامية آنا غريسيل من شركة المحاماة "Debevoise & Plimpton" التي تقدم المشورة للشركات حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، لوكالة "أسوشييتد برس": "بالنسبة للشركات التي تعمل حقًا في الصناعة الإبداعية، لا يزال السؤال مفتوحًا أمام تمتعها بحماية حقوق الطبع والنشر لتلك النماذج".
وأضافت أن "الاستخدام الأكثر أمانًا، هو التفكير في هذه الأدوات على أنها شريك فكري لتبادل الأفكار لن ينتج المنتج النهائي، بل أنها تساعد في إنشاء نماذج بالأحجام الطبيعية، سيحوّلها الإنسان بعد ذلك إلى شيء أكثر واقعية".
عدم استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي
وهذا يساعد على ضمان عدم استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي. حيث قال روان كوران المحلل في شركة "Forrester": إن الأدوات "يجب أن تسرّع من بعض التفاصيل الجوهرية للمهام في المكتب، مثل معالجات الكلمات والتدقيق الإملائي، بدلًا من إبعاد الناس عن العمل، كما يخشى البعض".
وأضاف كوران: "بالنسبة لبرامج الدردشة الآلية التي تواجه المستهلك، والتي يتم دمجها في تطبيقات الهواتف الذكية، فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدًا، مع الحاجة إلى حواجز حماية حول التكنولوجيا التي يمكنها الرد على أسئلة المستخدمين بطرق غير متوقعة".
منافسة متزايدة
وغذّى الوعي العام تجاة تقنيات الذكاء الاصطناعي، المنافسة المتزايدة بين مزودي الحوسبة السحابية "مايكروسوفت"، و"أمازون"، و"غوغل"، الذين يبيعون خدماتهم للمؤسسات الكبيرة ولديهم القوة الحاسوبية الهائلة اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها.
وأعلنت "مايكروسوفت" أنها تستثمر مليارات الدولارات الإضافية في شراكتها مع "أوبن إيه آي" المالكة لـ"تشات جي بي تي"، على الرغم من أنها تتنافس أيضًا مع الشركة الناشئة بصفتها مزوّدًا مباشرًا لأدوات الذكاء الاصطناعي.
أما "غوغل" التي كانت رائدة في التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي ولكنها كانت حذرة بشأن تقديمه للجمهور، تسعى للحاق بالركب لالتقاط إمكانياتها التجارية بما في ذلك روبوت الدردشة "بارد".
وتقوم شركة "ميتا"، رائدة أبحاث أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، ببناء تقنية مماثلة، ولكنها لا تبيعها للشركات بالطريقة نفسها مثل نظرائها في مجال التكنولوجيا الكبيرة.
أما "أمازون" فأوضحت طموحاتها من خلال شراكاتها، وكان آخرها تعاون موسع بين قسم الحوسبة السحابية "AWS"، والشركة الناشئة "Hugging Face"، التي تعمل على منافس لـ"تشات جي بي تي" باسم "بلووم" (Bloom).
وقال كليمنت ديلانغو المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة الناشئة " Hugging Face" إن شركته قرّرت مضاعفة شراكتها مع أمازون بعد أن شهدت ارتفاعًا في الطلب على منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية، لكنّه قارن نهج الشركة مع المنافسين مثل "أوبن إيه آي"، التي لا تكشف عن تعليماتها البرمجية ومجموعات بياناتها.
وتضمّ "Hugging Face" نظامًا أساسيًا يسمح للمطوّرين بمشاركة نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر لأدوات النص والصورة والصوت، والتي يمكن أن تضع الأساس لبناء منتجات مختلفة.
وقال ديلانغو: إن الشفافية "مهمة حقًا لأن هذه هي الطريقة التي يتبعها المنظّمون لفهم هذه النماذج والقدرة على التنظيم"، مضيفًا أنها أيضًا "طريقة للتخفيف من التحيّز".