الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

وسط حراك سياسي في ملفات عدة.. هل تسترجع مصر دورها الإقليمي؟

وسط حراك سياسي في ملفات عدة.. هل تسترجع مصر دورها الإقليمي؟

Changed

فقرة من برنامج "بتوقيت مصر" تناقش مدى نجاح القاهرة في استرجاع دورها الإقليمي (الصورة: غيتي)
يوضح الباحث المصري بشير عبد الفتاح أن القاهرة تتحرك في اتجاهات متعددة في محاولة لخفض التصعيد ومنع تفاقم التوترات ولم شمل الدولة الوطنية في محيطها الإقليمي.

تعمل القاهرة على إيجاد حلول بشأن الملفات الإقليمية الشائكة، التي تتعلق بكل من ليبيا والسودان والوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

فقد كشف مصدر قيادي بحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، أن قيادة الحركة ردّت بالموافقة على الدعوة المصرية لزيارة القاهرة، مؤكدًا أن الأمين العام زياد نخالة سيرأس وفد الحركة.

وقال القيادي في الحركة: إن الوفد سيضم في تطور ملحوظ "قيادات بارزة بالجناح العسكري سرايا القدس بهدف التشاور حول الأوضاع المتوترة في قطاع غزة".

وأضاف المصدر أن المسؤولين في المخابرات العامة المصرية دعوا أيضًا قيادة حركة "حماس" إلى الاجتماع في القاهرة، بهدف بحث التصورات الخاصة بالحفاظ على التهدئة في القطاع.

وفي سياق آخر، جدد عضو مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن شمس الدين كباشي حرص الخرطوم على تعزيز وتطوير علاقاتها مع القاهرة في مختلف المجالات، معبرًا عن تقديره للقيادة المصرية ودورها المستمر في دعم التوافق بين المكونات السودانية.

ووفق إعلام مجلس السيادة، اطلع الفريق من السفير المصري هاني صلاح على تفاصيل ورشة العمل في القاهرة، والتي تضم عددًا من القوى السياسية السودانية بهدف تسريع العملية السياسية الجارية، مثمنًا مساعي مصر من أجل تهيئة المناخ للتوافق بين الأطراف السودانية.

كباشي يؤكد حرص السودان على تعزيز علاقاته مع جمهورية مصر في مختلف المجالات
كباشي يؤكد حرص السودان على تعزيز علاقاته مع جمهورية مصر في مختلف المجالات - وسائل التواصل

منع تفاقم التوترات

وحول محددات الإستراتيجية الخارجية لمصر في محيطها الإقليمي، يوضح الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بشير عبد الفتاح أن القاهرة تتحرك في اتجاهات متعددة، في محاولة لخفض التصعيد ومنع تفاقم التوترات ولم شمل الدولة الوطنية في محيطها الإقليمي.

ويشير عبد الفتاح في حديث لـ"العربي"، من القاهرة، "ومن وازع الالتزام القومي أولًا، ثم الحرص على الأمن القومي المصري ثانيًا في مختلف الاتجاهات الإستراتيجية، فإن مصر تتحرك للحيلولة دون تفاقم الاضطرابات الأمنية والسياسية إلى مستوى يهدد بفشل الدولة الوطنية في كل من ليبيا والسودان والأراضي الفلسطينية".

ويتابع أن الهدف من جهود الوساطة المصرية الحيلولة دون وصول الأمور إلى حافة الانفجار أو إلى شفا التصعيد الذي لا يمكن التحكم في تطوره، بما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المضطربة أصلًا في الإقليم.

ويشير بالخصوص إلى الأوضاع السياسية في سوريا والعراق واليمن، علاوة على الحرب الروسية الأوكرانية و"حرب الظل" الإيرانية الإسرائيلية، التي بلغت مستوى متصاعدًا للغاية خلال الآونة الأخيرة بمشاركة أميركية، حسب تعبيره.

الملف الليبي

وبالنسبة إلى الملف الليبي، يؤكد عبد الفتاح أن القاهرة "حريصة على وحدة التراب الليبي وعلى توحيد السلطة المركزية فيها، وألا يكون هناك انقسام سياسي".

كما يلفت إلى أن القاهرة حريصة أيضًا على "إنهاء العسكرة والعودة إلى السبل السياسية والدبلوماسية لتسوية الأزمة، بالإضافة إلى وقف التدخلات الخارجية، ووقف تدفق الأسلحة، وإنهاء أعمال المرتزقة والميليشيات داخل الدولة الليبية".

ويشير إلى أن من شأن كل ذلك أن "يمكّن الشعب الليبي من الاستفادة من ثرواته الهائلة، ويؤدي إلى تهدئة الحدود المصرية الليبية، بما يضمن الأمن القومي المصري".

الملف السوداني

وحول الملف السوداني، يوضح عبد الفتاح أن القاهرة حريصة على توسيع دائرة المشاركة السياسية ودعم الانتقال السياسي في السودان.

ويقول إن القاهرة من أجل ذلك ترعى الآن ورشة عمل تضم مختلف ألوان الطيف السياسي السوداني في محاولة لإنهاء الفترة الانتقالية، التي غالبًا ما تكون مصحوبة بألغام تهدد استقرار الدولة ووحدتها.

الملف الفلسطيني

كما يلفت إلى أن القاهرة تواصل دورها المعهود، وهو الحيلولة دون وصول التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مواجهات لا يحمد عقباها.

ويضع في هذا الإطار "دعوة قيادات الجهاد الإسلامي وحماس، علاوة على زيارة مدير المخابرات المصرية إلى الضفة الغربية، وعرض مصر مبادرة هدفها أن تبسط السلطة الوطنية الفلسطينية سيطرتها على كل أرجاء الضفة الغربية باستثناء المستوطنات، في مقابل منع حدوث مواجهات".

وبشأن التنسيق المصري الأميركي حول مستقبل الأوضاع في غزة والضفة والقدس، يرى عبد الفتاح أن الموقف الأميركي خلال زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة كان هدفه الأساسي تجسير التقارب المصري الأميركي وتغليب المقاربة البراغماتية العملية على العلاقات بينهما.

زيارة وزير الخارجية الأميركية إلى القاهرة -
زيارة وزير الخارجية الأميركية إلى القاهرة - غيتي

ويضيف أن التحرك المصري على الساحة الفلسطينية مدعوم من الولايات المتحدة، وهناك ما يشبه التكليف الأميركي لمصر من أجل الوساطة هذه المرة والحيلولة دون تفاقم المواجهات ومنع تصاعد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

وفيما يذكر بأن أساس التوترات وأعمال العنف التي تنشب في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي وإصرار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لا سيما حكومة نتنياهو اليمينية بالغة التطرف بتصفية القضية الفلسطينية والتهرب من حل الدولتين، يقول إن القاهرة تبذل الجهود للتوصل إلى هدنة أو إلى وقف لإطلاق النار، لكنها لا تستطيع وضع نهاية لهذه المأساة.

ويشدد على أن الأمر يتطلب إيجاد العودة إلى أفق سياسي أولًا، وفق برنامج زمني، واستنادًا إلى الشرعية الدولية، والتوصل إلى دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما يتطلب تدخلًا أميركيًا أو دوليًا على الأقل.

كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للوساطة المصرية؟

وبشأن رؤية الفصائل الفلسطينية للوساطة المصرية، يؤكد الباحث السياسي في مركز فلسطين للدراسات والأبحاث حسن عبدو، أن كل الفصائل الفلسطينية لديها إجماع تجاه الدور المصري الفاعل منذ عقود من الزمن، متحدثًا عن علاقات تربط الفصائل الفلسطينية بمصر، وعن تدخل القاهرة في ملفي المصالحة والتهدئة.

ويضيف في حديث لـ"العربي" من غزة، أن الزيارة التي يقوم بها وفد الجهاد الإسلامي، تأتي استجابة لدعوة مصرية جرت في كثير من المحطات السابقة، وهي غير مرتبطة بالتصعيد الجاري حاليًا.

لكنه يعتبر أن "تزامن هذه الزيارة مع ما جرى من تصعيد إسرائيلي تجاه المسجد الأقصى والضفة الغربية وغزة يجعل أهم الملفات التي ستناقش هي العلاقات الثنائية، واستمرار التهدئة في غزة، ووقف التصعيد الإسرائيلي على الضفة الغربية والقدس".

ويشدد على أن الميدان سيبقى قابلًا للتفجر وسيسود التوتر خلال الفترة القادمة، ما لم يتم لجم الحكومة اليمينية الفاشية المتطرفة، والتي تسعى إلى دوامة العنف والصراع مع الفلسطينيين.

ويؤكد أن الجهد المصري مطلوب لإيصال رسائل للاحتلال الإسرائيلي بأن وقف التصعيد هو المدخل للهدوء.

وحول رؤية الأطراف السياسية المختلفة في ليبيا للدور المصري في الفترة الأخيرة، يرى الباحث السياسي في الشأن الليبي عبد الباسط المصراتي أن القاهرة ساهمت بشكل جيد وفعال في لم الشمل بين الساسة للتوافق والتوازن، بما يتماشى مع الأمن القومي سواء أكان على الصعيد المحلي أو الإقليمي في شمال إفريقيا وكذلك في الشرق الأوسط.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close