أعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن سحب القوات الروسية من مدينة خيرسون الجنوبية سيستغرق أسبوعًا على الأقل، مشيرًا إلى أن الشتاء سيبطئ العمليات في ساحة المعركة، مما يمنح الجانبين فرصة لإعادة تنظيم صفوفهما.
وأعلنت روسيا، الأربعاء، أنها ستنسحب من الضفة الغربية لنهر دنيبرو التي تضم مدينة خيرسون، العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها موسكو منذ بدء الحرب على أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي.
وأوضح ريزنيكوف أن روسيا لديها 40 ألف جندي في منطقة خيرسون، ولا تزال لديها قوات في المدينة وحولها وعلى الضفة اليمنى لنهر دنيبرو.
وقال: "ليس من السهل سحب هذه القوات من خيرسون في يوم أو يومين. (سيستغرق) الأمر أسبوعًا على الأقل"، معترفًا بصعوبة التنبؤ بأفعال روسيا.
وأضاف أن هذا الانسحاب سيسمح لقوات الجانبين بالتفرّغ للقتال في أماكن أخرى.
وأشار إلى أن أوكرانيا لديها قوة أمنية ودفاعية قوامها مليون فرد لحراسة حدود "غير صديقة" بطول 2500 كيلومتر مع بيلاروسيا وروسيا والمناطق الأوكرانية المحتلة.
وهوّن ريزنيكوف من شأن التهديد بشن هجوم نووي روسي في بلده، مستبعدًا احتمال تفجير موسكو سد كاخوفكا الجنوبي الكبير في أثناء انسحابها، واصفًا الفكرة بأنها "جنون".
وأشار إلى أن هذه الخطوة ستؤدي لغرق مناطق تسيطر عليها موسكو وتمنع أيضًا وصولها إلى إمدادات المياه العذبة عبر قناة من دنيبرو إلى شبه جزيرة القرم.
وقال: "الضفة الغربية هي أرض مرتفعة والضفة الشرقية منخفضة. وهذا يعني أن المياه ستتدفق شرقي هذا الضفة وسيكون هناك خطر على قواتهم".
وتبادل طرفا الحرب الاتهامات بالتخطيط لتدمير السد.
حذر أوكراني
ورغم الانسحاب الروسي، تتخوّف كييف من أن تتحوّل خيرسون مدينة للموت، بعد زرع القوات الروسية الألغام في جميع أنحاء المدينة، وفق تقديرهم.
وأوضح يوري ساك، مستشار وزير الدفاع الأوكراني، أن الانسحاب الروسي من خيرسون هو نتيجة للقتال الشرس من قبل القوات الأوكرانية منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أفقد القوات الروسية امكانية التزوّد بإمدادات الدعم.
ورغم ذلك، قال ساك في حديث إلى "العربي"، من كييف: إن أوكرانيا يجب أن تكون حذرة من الخطوة الروسية لأن "العدو لا يقدّم لنا هدايا"، خاصّة وأن القوات الروسية قادرة على ارتكاب جرائم حرب، في ظلّ الحديث الروسي عن اتهام كييف بالاستعداد لاستخدام "قنبلة قذرة"، وهو ما يثير قلقنا تجاه النوايا الروسية.
وعمّا إذا كان الانسحاب فخًا روسيًا، أكد المستشار الأوكراني أن استخدام موسكو للقنبلة القذرة "سيكون النهاية لها".
واعتبر أنه "رغم حاجة القوات الروسية إلى التوقّف عن القتال لالتقاط الأنفاس بعد الخسائر التي مُنيت بها في أوكرانيا، إلا أن موسكو لم تتخل عن أهدافها وخططها في غزو بلادنا، وهم يحاولون كسب الوقت من خلال مفاوضات وهمية".
وأكد أن كييف لن تبدأ بأي مفاوضات إلا بعد أن تلتزم موسكو بعدد من الشروط، وأولها الانسحاب الروسي بالكامل من كل الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليًا، وثانيها أن تكون المفاوضات وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
"قرار صائب"
في المقابل، أوضح قسطنطين بلوخين، أستاذ الدراسات الأمنية في أكاديمية العلوم الروسية، أن القرار السياسي الروسي بالانسحاب الجزئي من خيرسون "لا يحظى بشعبية، لكنه من الناحية العسكرية قرار صائب"، لأن الهدف الأساسي لروسيا هو الحفاظ على حياة قواتها، في ظل مخاوف روسية من استخدام أوكرانيا "قنبلة قذرة"، أو قصف شبكة الكهرباء في كاخوفكا.
وقال بلوخين في حديث إلى "العربي" من موسكو: إن روسيا لن تتخلى عن خيرسون التي أصبحت مدينة روسية، وبالتالي ستسعى القوات الروسية لتوحيد صفوفها مع القوات الجديدة التي ستتدفق إلى المدينة.
واعتبر أن عامل الوقت يصبّ لصالح موسكو، خاصّة وأن روسيا تعوّل على التغيّرات في السياسة الأميركية بعد الانتخابات النصفية، إذ إن الديمقراطيين لن ينفقوا المزيد من الأموال لدعم العملية العسكرية في أوكرانيا.
وأشار إلى أن موسكو تريد بدء التفاوض بشأن مستقبل أوكرانيا، لكنها لن تتفاوض حول الأراضي التي اكتسبتها حديثًا، وحول جزيرة القرم، لأنه قرار شعب هذه المناطق والرئيس الروسي نفسه.