لم يتأخر أسطورة الملاكمة في أوكرانيا، وعمدة العاصمة كييف الحالي، فيتالي كيليتشكو عن الانضمام إلى المتطوعين في حمل السلاح دفاعًا عن بلده، مع شقيقه الملاكم السابق فلاديمير.
كيليتشكو الذي ألهب الأوكرانيين في ثورتهم عام 2014 على النظام الموالي لروسيا، حين كان يعتلي منصة ساحة الاستقلال وسط العاصمة وينقل مطالبهم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حينها، عكس توجه النظام السابق، قال إنه اليوم يخوض أكبر نزال في حياته.
بزي عسكري، متقدمًا المتطوعين للدفاع عن العاصمة، أرسل كيليتشكو عبر صحيفة "ميرور" البريطانية، رسالة إلى العالم يوم أمس، يطالب فيها بتصنيف الرئيس فلاديمير بوتين الذي يصفه بـ"طاغية الحرب" مجرم حرب.
رعب الحرب
ومنذ إعلان الرئيس الروسي البدء بعملية عسكرية على جارته، في 24 فبراير/ شباط تطوع رياضيون وفنانون في حركة مقاومة وطنية لحمل السلاح والدفاع عن بلادهم، وبات العديد من لاعبي كرة القدم، وكرة المضرب على خطوط القتال الأولى.
وقال كيليتشكو: "بينما أتكلم، يتعرض المدنيون الأبرياء من نساء وأطفال لوابل من القنابل والصواريخ، وللحقيقة الحرب المرعبة. يقول الناس إنّ هذه أكبر معركة في حياتي، وأنا أتفق معهم بذلك، لكنه أمر محزن أن ندرك مدى رعب الحرب".
فيتالي الذي ينشر صوره بشكل دائم على منصة إنستغرام، كان قد سجل أطول سلسلة انتصارات بلقب الملاكمة العالمي، وبلغ 19 فوزًا متتاليًا. أما اليوم، ومع سترته الواقية من الرصاص يزور نقاط التفتيش التي نصبت داخل العاصمة، لشحذ الهمم وتقديم المساعدة.
ومنذ بداية الحرب خسرت أوكرانيا 3 رياضيين على جبهات القتال، وهما لاعبي كرة قدم فيتالي سابيلو (21 عامًا) ودميترو مارتينينكو (25 عامًا)، والمتزلج المحترف الواعد يفين ماليشيف.
لدي الكثير ضد بوتين
ويكتب كيليتشكو على منشوراته أنه "لن نتخلى عن كييف"، وينعى في منشور آخر زميله رئيس بلدية غوستوميل يوري بريليبكو الذي قال الملاكم السابق إنه مات خلال توزيعه الخبز والدواء على الناس، وفي منشور آخر يقدم الورود لسيدات بلاده اللواتي ارتدين الزي العسكري.
لا يعتقد عمدة كييف أن العقوبات الرياضية على روسيا تصنف كـ"عمل عدواني" على حد تعبيره، وقال: "نفعل هذا لوقف الحرب باسم السلام، فأنا ليس لدي أي شيء شخصي ضد الرياضيين الروس، لكن لدي الكثير ضد عدوان زعيمهم بوتين".
ومن العاصمة، بات بإمكان النازحين الانتقال بعد ذلك إلى غرب أوكرانيا ثم إلى البلدان المجاورة، حيث ما زال تدفق اللاجئين مستمرًا في الأيام الأخيرة وقد وصل عددهم إلى أكثر من مليونين أمس الثلاثاء، من بينهم أكثر من مليون في بولندا، وذلك بعد أن اتفقت موسكو وكييف صباح اليوم على وقف لإطلاق النار حول سلسلة من الممرات الإنسانية لإجلائهم.
فخور ومستعد للموت
لكن الصحيفة البريطانية رصدت الرياضي السابق، وهو في مستشفى ولادة بالعاصمة كييف، وقال كيليتشكو إنّ 82 طفلًا ولدوا في هذه المستشفى منذ بداية الحرب. وأضاف: "يولد الكثير منا نحن الأوكرانيون، وسيأتي المزيد". وتابع: "المدنيون الأبرياء يُجبرون على ترك منازلهم. بينما يدافع جنودنا العسكريون عن شرف أوكرانيا المستقلة والحرة".
يدرك كيليتكشو أهمية حضوره الإعلامي، فالعمدة الذي استعاد قوة الخطاب الذي ألهب "ميدان" كييف، أطل كذلك على قناة "سي أن أن" الأميركية، قائلًا: "نحن لا نكترث بمدى قوة الجيش الروسي، وأنا فخور بوطنية أبناء بلادي، قد يبدو ذلك عاطفيًا، لكن نحن مستعدون للقتال، وللموت من أجل وطننا وعائلاتنا".
الملاكمان المقاتلان
كيليتكشو ليس الملاكم الوحيد، على جبهات القتال، فقد انضم إليه اثنين من أبرز نجوم اللعبة وهما أولكسندر أوسيك وفاسيلي لوماتشينكو.
وجود الملاكمان في خطوط القتال، كان محور اهتمام كولونيل روسي من وحدة الاستجابة السريعة الخاصة بالحرس الوطني الروسي، الذي وقع في الأسر بقبضة الجيش الأوكراني.
وأكد الكولونيل أستاخوف ديمتري ميخائيلوفيتش، في وقت سابق، بأنه يشعر بـ"العار" لأنه شارك بالحرب، وأن الأوكرانيين "على حق" في المقاومة.
وتابع أن شكوكه توطدت عندما رأى اثنين من أبطال الملاكمة المفضلين لديه في أوكرانيا وهما أوسيك، ولوماتشينكو، يحملان السلاح من أجل المقاومة والدفاع عن أرضهما.