لا يزال المشهد السوداني يتصدّر واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي على وقع تراشق للاتهامات بعد احتجاجات دامية خلّفت 15 قتيلًا في صفوف المتظاهرين.
وفي هذا السياق، تعهّدت القوى المناهضة للانقلاب العسكري بتصعيد الاحتجاجات، مؤكدة في الوقت نفسه أنّها لن تتفاوض بعد الأحداث الأخيرة.
في المقابل، نفى قائد الشرطة السودانية ضلوع قواته في قتل المتظاهرين، وأكّد أنّها لم تستعمل سوى الوسائل القانونية لاحتواء الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري.
وأصرّ المسؤول الأمني على القول: إنّ قوات الشرطة هي التي تعرّضت لعنف غير مسوَّغ، على حدّ تعبيره، مشيرًا إلى أنّ الاحتجاجات لم تكن "سلميّة".
أمر "معيب" وعواقب "وخيمة"
من جانبها، أدانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه استعمال قوات الأمن السودانية الذخيرة الحية في وجه المتظاهرين، قائلة إنّ هذا "أمر معيب تمامًا".
كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه الشديد من الأوضاع في السودان بعد مظاهرات الأربعاء التي شهدت سقوط ضحايا.
وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل: إنّ قتل المتظاهرين "غير مقبول". وحذر من "عواقب وخيمة" قد تشمل المساعدات المالية إذا لم تتمّ استعادة النظام الدستوري على الفور.
وأكّد البيان الأوروبي أنّ الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، مشدّدًا على ضرورة إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه.
الشعب السوداني "حزم أمره"
ويرى رئيس فرع حزب المؤتمر السوداني في الولايات المتحدة طارق الشيخ الطيب أنّ الانقلاب يحاول أن يبرّر العنف والقمع الذي يمارسه في مدن السودان التي حوّلها إلى ساحة حرب ضد شعبه.
لكنّه يعتبر في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، أنّ الشعب السوداني حزم أمره تجاه هذا الانقلاب وقد تجاوز مرحلة الخنوع والصبر على الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية.
ويشدّد على أنّ المجلس العسكري لن يجد الشرعية الشعبية التي يبحث عنها مهما اشتدت آلة القمع.
الانقلاب "يشعر بالعزلة"
ويشير الطيب إلى أنّ الشعب السوداني ظلّ يحمل راية الثورة منذ أكثر من 100 سنة وهذه أعلى تجلياتها لا سيما أن الثورة تراكمية تصاعدية.
ويخلص إلى أنّ الانقلاب يشعر بالعزلة الداخلية من شعب السودان الصابر والواعي ولم يجد ملجأ إلا استخدام العنف المفرط.
ويعتبر أنّ ذلك يعكس مدى عجز النظام وحصاره التام وعدم شرعية فيحاول أن يشرعن نفسه بفوهة البندقية وبهذه الطريقة الجبانة ضد شعبه.