الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

الغنوشي لـ"العربي": مؤشرات كثيرة تدل على عودة الدكتاتورية إلى تونس

الغنوشي لـ"العربي": مؤشرات كثيرة تدل على عودة الدكتاتورية إلى تونس

Changed

نفى رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي أن تكون أيّ جهة قد عرضت عليه الاستقالة من منصبه لحلّ الأزمة، متحدثًا عن عملية "شيطنة" تعرّض لها البرلمان.

اعتبر رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنّ 25 يوليو/ تموز الماضي كان "بداية للأزمة الحالية" في تونس، في إشارة إلى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد.

وقال الغنوشي، في حديث خاص إلى "العربي"، إنّ الرئيس سعيّد قدّم في ذكرى عيد الجمهورية في 25 يوليو ما وصفها بـ"هدية بشعة" إلى الشعب التونسي، مضيفًا أنّ "أغلبية مطلقة من الشعب التونسي تقف الآن ضد الانقلاب"، على حدّ وصفه.

وإذ أكد أنّ "الأوضاع قبل 25 يوليو لم تكن جيدة وكانت تتطلب تغييرًا"، لفت إلى أنّ الوضع الاقتصادي لم يتحسّن بعد ذلك، مشدّدًا على أنّ "تونس في حاجة إلى إصلاح لكنها لا تحتاج إلى انقلاب على الثورة".

واعتبر الغنوشي أنّ البرلمان التونسي تعرّض لما وصفها بـ"عملية شيطنة لتبرير الإجهاز عليه"، مشيرًا إلى وجود "مؤشرات كثيرة تدل على عودة الدكتاتورية إلى تونس"، ومعربًا عن خشيته من مثل هذا السيناريو.

ونفى أن تكون أيّ جهة عرضت عليه الاستقالة من رئاسة البرلمان لحلّ الأزمة، معتبرًا أنّ "تعطيل الرئيس تشكيل المحكمة الدستورية يعني أنه يريد الحكم بمفرده".

وقال إنّه "من الممكن أن يقدم الرئيس سعيد على حل الأحزاب لكن ذلك ليس في صالحه"، مضيفًا أنّه "لو كان رئيس الجمهورية قادرًا على إخماد صوت المعارضة لفعل ذلك".

"صاعقة وإنذار شديد"

واستهلّ الغنوشي حديثه إلى "العربي"، بالحديث عمّا وصفه بـ"المنعطف الخطير" الذي حصل في تونس في 25 يوليو، حين قدّم رئيس الدولة "هدية بشعة" للشعب التونسي في ذكرى عيد الجمهورية، على حدّ تعبيره.

وأشار إلى أنّ ما أعلنه الرئيس قيس سعيّد في ذلك اليوم كان بمثابة "صاعقة وإنذار شديد بأنّ الثورة تتعرّض لمحنة وتحدّ كبير"، مضيفًا أنّ ما أتاه الرئيس من عمل "تبيّن أنّه يستهدف الدستور كلّه".

وأوضح أنّ الرئيس "انطلق من فصل من فصول الدستور وقد أوّله بطريقته، حيث أخذ ما يريد وترك ما يريد"، لكنّه في الوقت نفسه "وضع علامة استفهام على مشروع الثورة برمّته، وقد تبيّن بالأحداث أنّ هناك مشروعًا بديلًا جوهره نظام فردي".

وشدّد على أنّ "البلاد تحتاج لإصلاح ولكنها لا تحتاج إلى إجراءات تشكّل انقلابًا على الدستور والثورة ونقل نظام تعددي إلى نظام فردي تتلخص فيها السلطات كلها في شخص واحد مهما كان احترامنا لهذا الشخص".

مشهد "قاسٍ ومريع"

واستذكر رئيس البرلمان التونسي ليلة 25 يوليو، التي وصفها بـ"القاسية والمريعة"، وقال: "ذهبت ومعي عدد من البرلمانيين إلى البرلمان فوجدناه موصَدًا بدبّابة. كان مشهدًا مريعًا في الحقيقة ومزعجًا وفضائحيًا أن نضع دبابات في البرلمان".

وأكّد أنّه تلقّى بالفعل اتصالًا من الرئيس قيس سعيّد في ذلك اليوم، لكنّه أشار إلى أنّ الاتصال كان يهدف "لإبلاغه أنه سيفعّل الفصل 80 من الدستور". وأوضح أنّ الاتصال "كان على سبيل الإعلام وليس من أجل المشورة"، نافيًا حصول أيّ حوار أو تبادل للرأي.

واعتبر أنّ الرئيس قيس سعيّد "اتخذ الخطر الداهم ذريعة للعودة إلى الدكتاتورية ومن أجل استعادة النظام الفردي لتونس"، موضحًا أنّ الدستور ينصّ على أنّه في حالة الخطر الداهم، ينبغي على كل سلطات الدولة أن تعمل مجتمعة.

المشيشي تعرّض لـ"إهانات"

وفيما نفى أن يكون قد التقى رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي مباشرة بعد ذلك، قال: "علمت أنّه تعرّض لإهانات يوم 25 يوليو".

وتحدّث الغنوشي عن "ضجة مفتعلة حصلت لإظهار الشعب التونسي في حالة فرح بالانقلاب"، على حدّ تعبيره. ونفى علمه بدور خارجي وراء إجراءات الرئيس في ذلك اليوم، لكنّه تحدّث عن "مؤشّرات واضحة".

ولفت إلى القنوات الإعلامية التي قال إنّها "طبّلت وهلّلت" للإجراءات، والتي اعتبر أنّها تابعة لمجموعة من الدول، بينها مصر وعدد من دول الخليج، على حد قوله.

تونس "حالة نجاح"

وإذ أقرّ بأنّ الأوضاع قبل 25 يوليو لم تكن جيدة، وبالتالي كانت تتطلب تغييرًا، لفت إلى أنّ حركة النهضة لا تتحمّل وحدها المسؤولية عن ذلك، موضحًا أنّ "حركة النهضة منذ الثورة حكمت مع غيرها بدرجات مختلفة".

وقال: "في الخلاصة نحن مسؤولون ونتحمل المسؤولية لا شك بقدر مشاركتنا في الحكومة. نحن نفتخر بما أنجزناه ونراجع أنفسنا بما فشلنا فيه". وأضاف: "تونس هي حالة نجاح وليست حالة فشل، وقد استطعنا خلال عشر سنوات أن نحافظ على شمعة الحرية في منطقة ملتهبة".

وشدّد على أنّ الثورة التونسية حافظت على مكتسباتها على مدى عشر سنوات، في حين انزلقت ثورات أخرى إلى حروب أهلية وانقلابات، معتبرًا أنّ الحرية القائمة في تونس اليوم هي من ثمرات الثورة، "وهذا اللقاء ما كان لينعقد لولا بقية من روح الثورة".

هل يحلّ قيس سعيّد الأحزاب؟

وشدّد الغنوشي على أنّ رئيس الجمهورية "لو كان قادرًا على إخماد صوت المعارضة لفعل ذلك"، لكنّه اعتبر أنّ هذا الأمر لا يعود عليه بالنفع.

وأوضح أنّه "يمكن للرئيس التونسي أن يحلّ الأحزاب كما حلّ البرلمان أو علّقه وجمّده"، لكنه اعتبر أنّ "هذا الأمر ليس في صالحه".

وفي السياق نفسه، استبعد أن يلجأ سعيّد إلى حل حزب النهضة، قائلًا: "هذا الأمر ليس من مصلحته وليس قانونيًا". ولفت إلى أنّ الترخيص ليس هو من أوجد حركة النهضة عمليًا، "إنما الشعب التونسي هو الذي أوجدها". وأضاف: "ما دام الشعب التونسي يحتاجها فستبقى".

"صحيفتنا بيضاء بالكامل"

وشدّد الغنوشي على أنّ "الشعب وحده يمكن أن يطلب من حركة النهضة التنحّي وذلك عبر الانتخابات"، موضحًا أنّ "الشعب هو الذي يجدّد لمن يجدّد ويصرف عن الخدمة من يصرف".

وأكد الغنوشي ثقته في تبرئة القضاء التونسي لحركة النهضة من اتهامات مخالفات قانون التمويل الانتخابي، وقال: "صحيفتنا بيضاء بالكامل فيما يتعلق بالمخالفات الانتخابية ونحن أكثر حزب منظّم في البلاد".

وأضاف: "لم نتخلف قط عن التعاون مع دائرة المحاسبات التي نقدّرها تقديرًا كبيرًا، ونعتبر أنّها الجهة الوحيدة المخوّلة للحكم علينا ونحن نعتقد أنها ستبرّئنا لأننا أبرياء فعلًا".

اتحاد الشغل "منظمة عريقة"

من جهة ثانية، نفى رئيس حركة النهضة وجود أيّ "خصومة" بين حزبه والاتحاد العام التونسي للشغل، معتبرًا أنّ الأخير "منظمة وطنية عريقة ولها أدوار معتبرة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ونكنّ لها كلّ تقدير.

وقال: "ربما نختلف في بعض القضايا مثل هذه القضية مع الاتحاد، باعتبار أنّه يتحدث عن خط ثالث، فيما نحن لا نرى وجودا لأيّ موقف رمادي بين تأييد الانقلاب ومعارضته"، وفق تعبيره.

ولفت إلى أنّ "من كانوا مع الانقلاب في 25 يوليو ينسلّون واحدًا تلو الآخر ويذهبون للمعارضة"، معتبرًا أنّ "الشعب التونسي في غالبه الآن أصبح ضدّ الانقلاب"، على حدّ وصفه".

وشدّد على أنّ "الأحزاب التونسية كلها الآن تسير في طريق التلاقي والتوحد"، مضيفًا: "عندما تتوحّد الأهداف تتوحّد الصفوف، وهو ما يحصل اليوم". وتابع: "غالبية مطلقة من الشعب التونسي ضد الانقلاب وهؤلاء يومًا بعد يوم يتقاربون أكثر".

عملية "شيطنة" للبرلمان التونسي

ونفى رئيس البرلمان التونسي أن تكون أي جهة عرضت عليه الاستقالة من منصبه مقابل حلّ الأزمة، مشدّدًا على أنّ "مصلحة بلادنا قبل كل شيء".

لكنّه اعتبر في الوقت نفسه أنّ "كل الحلول تمرّ بالبرلمان"، مضيفًا أنّ "هذا البرلمان تعرّض لعملية شيطنة من أجل استحلال ذبحه ولتبرير الإجهاز عليه".

ولفت إلى أنّ "البرلمان حقق الكثير، فهو أنجز ما لا يقل عن 90 قانونًا واتفاقية دولية أتت بالكثير من الخير لتونس وأنجز قوانين اجتماعية مهمّة جدًا مثل الاقتصاد التضامني والضمان التشاركي وقانون حظر العنف ضد المرأة، وهناك قوانين أخرى في الطريق، مثل المجلة المائية والمجلة الانتخابية، كما أنّ هذا البرلمان لم يتخلف عن محاسبة الحكومة أكثر من أي برلمان سابق".

سعيّد "يريد الحكم بمفرده"

وكشف الغنوشي في ختام حديثه لـ"العربي"، أنّه طلب لقاء الرئيس قيس سعيّد بعد 25 يوليو، لكنه لم يجد "استجابة" منه. وقال: "لم نمتنع مرة عن الحوار، فنحن دعاة حوار ونعتبر أنّ البديل عن الحوار هو التقاتل والقطيعة".

ونفى وجود "معركة شخصية" مع الرئيس، مشيرًا إلى أنّ "لدينا قضايا مبدئية تتعلق بالمصلحة العامة والقوانين والمؤسسات". وأضاف: "عداوتنا ليست مع شخص وإنما مع الدكتاتورية".

وتابع: "هناك مؤشرات كثيرة تدل على عودة الديكتاتورية إلى تونس ونحن نخشى ذلك"، منبّهًا إلى أنّ "تعطيل قيام المحكمة الدستورية من طرف الرئيس يعني أنه يريد أن يحكم وحده"، على حدّ تعبيره.

وخلص إلى أنّ مسار الثورات يشهد دائمًا محطات صعود وهبوط، معتبرًا أنّ مدّة عشر سنوات ليست مدّة طويلة في تاريخ الثورات، وتابع: "هذا الوضع طبيعي، أن تتّسم المراحل الانتقالية بعدم الاستقرار، فالحرية تحتاج إلى جهود فكرية وسياسية وصبر ومصابرة وليست عملية سهلة".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة