الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

انهيار بنك "سيليكون فالي".. أيّ تأثيرات متوقعة على الاقتصاد العالمي؟

انهيار بنك "سيليكون فالي".. أيّ تأثيرات متوقعة على الاقتصاد العالمي؟

Changed

ناقش برنامج "قضايا" تداعيات إفلاس بنك "وادي السيليكون" على الاقتصاد العالمي وإمكانية تكرار أزمة 2008 المالية (الصورة: تويتر)
ما هو تأثير إفلاس بنك "سيليكون فالي" على الصناعات التكنولوجية والشركات الناشئة؟ وما هي الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة الأميركية لتدارك الأزمة؟

تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بأنّ دافعي الضرائب الأميركيين لن يتحملوا مسؤولية تعويض خسائر مودعي بنك "سيليكون فالي"، مع ضمان استعادة المودعين أموالهم من الرسوم التي تدفعها البنوك لتأمين الودائع.

يأتي هذا في وقت طرحت فيه السلطات الفيدرالية الأميركية البنك للمزاد، بغية إيجاد مشتر في أقرب وقت؛ وذلك على غرار ما حدث في بريطانيا، حيث قام بنك "إتش أس بي سي" بشراء الفرع البريطاني لبنك "سيليكون فالي" لاحتواء أيّ تداعيات محتملة على النظام المالي ككل.

كيف حدث هذا الانهيار؟

شكّل انهيار بنك "وادي السيليكون" المعروف اختصارًا بـ"SVB" صدمة في القطاع المصرفي الأميركي، بعد أن تدافع المستثمرون في قطاع التكنولوجيا إلى سحب ودائعهم وعجز البنك عن دفع فوائد المودعين وإعلان انهياره وإغلاقه.

وتعود الأسباب البنيوية لانهيار البنك، إلى سياسات الاحتياط الفيدرالي الأميركي في رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخّم المالي، الذي تعاني منه معظم دول العالم ومنها الولايات المتحدة.

وساهم رفع الفائدة في تخفيض من قيمة سندات الخزانة طويلة الأجل والتي كان بنك "وادي السيليكون" قد استثمر فيها عندما كان سعر الفائدة يعادل الصفر خلال فترة وباء كورونا وسياسات الانفاق المالي السخي آنذاك.

كان بنك "إس في بي" قد توسّع في الاستثمار بسندات الخزينة لسد الفجوة بين حجم أموال مودعيه والقروض الممنوحة للشركات الناشئة، لذا فإن انخفاض قيمة السندات أسقط البنك في عجز مالي حال دون دفع الفوائد للمودعين، وهو ما دفع بهم إلى سحب أموالهم.

أسباب الانهيار

وكان بنك "وادي السليكون" يمتلك ودائع كبيرة بقيمة 210 مليارات دولار، وذلك أكبر بكثير من قروضه الممنوحة للشركات منتصف العام الماضي.

ولأن البنوك تجني عادة أرباحها من فرق الفائدة التي تجنيه من الشركات المقترضة والفائدة التي تُدفع للمودعين، فقد استثمرت 128 مليار دولار في سندات الخزينة الأميركية وسندات الرهن العقاري لدفع الفوائد للمودعين.

وفي نهاية عام 2021، وعندما كانت الفائدة تقترب من 0%، كان الاستثمار في سندات الخزينة يعتبر من الاستثمارات الآمنة طويلة الأجل.

لكن رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخّم، خفّض من قيمة تلك السندات ببنك "وادي سيليكون" إلى بيع محفظة سندات بلغت 21 مليار دولار بقيمة أقلّ مما كانت عليه، لتبلغ خسائره حوالي 1.8 مليار دولار. كما طرح أسهمًا بقيمة 2.25 مليار دولار بهدف توفير السيولة. لكن انخفاض اسهمه 70% في سوق الأوراق المالية عزّز من خسائره.

وقادت هذه العوامل بنك "سيليكون فالي" إلى الفشل في سد الثغرة المالية في ميزانيته العمومية، والذي انتهى باعلان الجهات المنظّمة إغلاق البنك وتحويله إلى المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع.

واحتلّ بنك "وادي السيليكون" المرتبة الـ16 بين أكبر بنوك الولايات المتحدة الأميركية قبل انهياره. تأسس البنك عام 1983، ليُصبح أكبر ممول لصناعة التكنولوجيا في "وادي السيليكون". وكان بمثابة الشريك الداعم للشركات الناشئة، ومفتاحًا مهمًا في نجاحها.

فالعقول وحدها ما كانت لتنجح بدون المال، لهذا يرى العديد من العاملين في القطاع التكنولوجي أن انهيار البنك يُفقد هذه الصناعة المتطوّرة أحد أهمّ محرّكاتها.

وربما تترك تداعياتها على الاقتصاد المعرفي برمته، لا سيّما وأن رأس المال المغامر كان يجد ضالته في مثل هذه البنوك التي تستثمر في المستقبل.

كان المستثمرون في هذا المجال يقبلون على المخاطرة بمقابل الخدمات المستقبلية المتوقعة وعوائدها. فنمو "وادي السيليكون" بني على دعم الشركات الناشئة من خلال تقديم أشكال محفوفة بالمخاطر من التمويل. ليصبح مركز القوة التكنولوجي على مستوى العالم.

هذا الحال دفع بالمستثمرين لإيداع أموالهم في بنك "وادي السيليكون" لتنمو الودائع المصرفية بشكل أكبر من عمليات الإقراض، ما يعني أن البنك سيدفع فوائد أكبر للمودعين بينما يجني فائدة أقلّ من الإقراض، وهذا هو السبب الرئيس الذي دفع بإدارة البنك إلى الاستثمار في سندات الخزينة الأميركية في وقت ذروة ارتفاع أسعارها.

لكنّ تغير الوضع مع رفع السلطات الفيدرالية الأميركية سعر الفائدة، فانخفضت أسعار السندات وهبطت معها قيمة محفظة السندات التي يملكها بنك "وادي السيليكون". وتزامن ذلك مع انجذاب عدد كبير من المستثمرين الباحثين عن ربح طويل الأجل الذين حوّلوا أموالهم إلى هذا الاستثمار المضمون.

واللافت أن الشركات الاستشارية المالية لعبت دورًا مهمًا في نصح المستثمرين بسحب ودائعهم، ليتهافت المودعون في أقلّ من 24 ساعة، على سحب ربع إجمالي ودائع البنك في يوم واحد. وكان هذا التهافت السبب المباشر في انهيار بنك "وادي السيليكون".

وعلى الإثر نسّقت سلطات الاحتياطي الفيدرالي مع وكالة تأمين الودائع الفيدرالية، ووزارة الخزانة الأميركية، للتقليل من الذعر الذي يسود الأسواق المالية في مثل هذه الحالات، ولتجنّب انهيارات متوالية في النظام المصرفي.

ومع ذلك، استحوذت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك على بنك "سيغنتشر"، وألحقته بنظام التأمين الفيدرالي على الودائع بعد إفلاس البنك على وقع أزمة انهيار بنك "وادي السيليكون"، وإعلان بنك "سيلفر غيت" تصفية عملياته بعد خسائر فادحة في قطاع العملات المشفّرة.

وتبقى الخشية من انهيارات مالية جديدة رهنًا بتعامل الحكومات مع تداعيات انهيار بنك "وادي السيليكون". فقد احتوت بريطانيا الأزمة من خلال شراء بنك "أتش أس بي سي" للفرع البريطاني لبنك "وادي السيليكون"، وضمان وصول المودعين إلى ودائعهم.

وهو ما تُحاول الحكومة الأميركية فعله بتعزيز الثقة بالنظام المصرفي والمالي في البلاد.

"تداعيات مؤقتة"

وأوضح الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد في جامعة أوكلاند الأميركية، أن إجراءات الاحتياط الفيدرالي هو البنك المركزي الذي يقوم بالحفاظ على البنوك وإنقاذها وقت الإنهيار.

وقال شاهين، في حديث لبرنامج "قضايا" من "العربي"، من ميشيغان، إنّ رفع الاحتياطي الفيدرالي قيمة الفائدة أدى إلى خسائر في بعض المصارف، لكنّه اعتبر أن هذا "أمر طبيعي، وهو أحد أهم السياسات النقدية التي يتّبعها البنك الفيدرالي لمواجهة التضخّم".

وأوضح أن الخلل يكمن في أسلوب تمويل بنك "وادي السيليكون" من أذونات الخزانة أو الاقتراض من بورصة الأوراق المالية الأميركية.

وأكد أن "أثر الدومينو" مرتبط بالموقف المالي لكل بنك على حدة، لكنّه أعرب عن اعتقاده أن سيتمّ مراجعة كل القواعد المنظّمة لعمل البنوك.

وأوضح أن إفلاس بنك "وادي السيليكون" سيؤدي إلى خلل مؤقت في شركات التكنولوجيا والمشاريع الناشئة، لأن الحكومة الأميركية ممثّلة بوزارة التجارة التي تضمّ قطاعًا خاصًا بالصناعات الصغيرة، ستتولّى ملء هذا الفراغ.

وأشار إلى أن الحكومة الأميركية عرضت بنك "وادي السيليكون" للبيع بالكامل، وأن بنك "أتش أس بي سي" قد اشتراه، للبدء بملء هذا الفراغ وتغطية الأزمة.

وأضاف أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد وعد بتغطية كل الودائع، ناهيك عن أن وزارة التجارية ستمنح قروضًا للشركات الناشئة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة