الخميس 2 مايو / مايو 2024

"ترمب اللندني".. فضائح ومحطات مثيرة للجدل في حياة بوريس جونسون

"ترمب اللندني".. فضائح ومحطات مثيرة للجدل في حياة بوريس جونسون

Changed

بورتريه تفصيلي لـ"أنا العربي" يتناول أبرز المحطات المثيرة للجدل في حياة بوريس جونسون (الصورة: غيتي)
ارتبط اسم بوريس جونسون بالفضائح منذ دخوله عالم الصحافة قبل أن يتولى رئاسة الحكومة البريطانية، وقد كلّفته العديد من المناصب، فما هي قصته؟

يعتبر بوريس جونسون، أحد أكثر رؤساء الوزراء البريطانيين إثارة للجدل وأحد أكثر السياسيين الذين ارتبط اسمهم بمزاعم فضائح أخلاقية كلفته مناصب عديدة حتى بات يلقب بـ"ترمب اللندني".

فجونسون هو أب لـ6 أطفال اعترف بهم بعد تكهنات وسائل الإعلام البريطانية بشأن عددهم الفعلي، وفُصل من جريدة "التايمز" الشهيرة قبل أن يُنتخب زعيمًا لحزب المحافظين ويقود بريطانيا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فما هي حكاية بوريس جونسون؟

طفولة جونسون.. تنمر وتنقل دائم

ولد ألكنسدر بوريس دي بفيفيل جونسون أو "آل" كما تُلقبه عائلته، في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية عام 1964 من الرسامة البريطانية شارلوت جونسون والخبير البريطاني في شؤون السياسة والاقتصاد ستانلي جونسون.

وعمل ستانلي جونسون الذي لديه أصول تركية لسنوات في البنك الدولي، بينما عاش الطفل الأشقر متنقلًا بين أميركا وبلجيكا بسبب ظروف العمل، حيث قضى مرحلة طفولته بين 32 منزلًا وفق "الغارديان".

 وعانى "آل" من التنمر من قبل زملاء المدرسة، إنما على الرغم من ذلك تمكن والده من غرس روح المنافسة وحب الانتصار به، فبات الطفل "الضعيف" يحلم بأن يتوّج "ملكًا على العالم".

أما في المرحلة الثانوية فالتحق بمدرسة كلية "إيتون" الداخلية الشهيرة في بريطانيا التي تخرّج منها الكثير من رؤساء وملوك العالم ورؤساء وزراء بريطانيا، وكان من بين زملائه في المدرسة ثم الجامعة ديفيد كاميرون الذي تولى بدوره أيضًا منصب رئيس الوزراء.

كما التحق جونسون الذي يقول إن مهمته في الحياة هي "استعادة إيمان بريطانيا بنفسها" بجامعة "أكسفورد" الراقية عام 1983 لدراسة الأدب القديم والفلسفة الكلاسيكية حيث أصبح رئيسًا لاتحاد الطلبة عام 1986.   

تزامنًا، تشير تقارير عن عائلة جونسون إلى أن والدة بوريس كانت تعاني من علاقات زوجها النسائية حتى تعرضت لأزمة صحية جعلتها نزيلة المستشفى.

كيف طُرِد بوريس جونسون من عمله في الصحافة؟

بعد تخرجه من الجامعة، تزوّج بوريس من زميلته بالجامعة الفتاة الثرية أليغرا موستين أوين، بينما كان مهنيًا يعمل مستشارًا إداريًا قبل أن يحد لنفسه مكانًا في عالم الصحافة. 

فقد عُين مراسلًا لصحيفة "التايمز" البريطانية الشهيرة لكن فضيحة مهنية تفجرت بعد اختلاقه اقتباسًا على لسان المؤرخ كولن لوكاس حول "علاقة جنسية مثلية لملك إنكلترا إدوارد الثاني" الأمر الذي تسبب في طرده من الصحيفة.

بعدها انتقل إلى بروكسل ليعمل مراسلًا لصحيفة "الدايلي تليغراف" عام 1989، لكنه أيضًا "أضر بمصداقيته المهنية بسبب مبالغته وتهويله للأخبار" وفق تقرير لـ"الغارديان".

وفي التسعينيات، ظهر وجه غير مألوف لبوريس جونسون من خلال تسريب تسجيل صوتي لمحادثة وُصفت بـ"المخيفة" جمعته بصديقه داريوس غوبي المدان في قضية احتيال، حيث تبين أن جونسون وافق من خلال تلك المكالمة على مساعدة صديقه في خطته لضرب أحد الصحافيين لتزيده هذه الفضيحة شهرةً بدل من أن تنهي مسيرته المهنية.

وفي هذا الوقت كان زواجه قد لفظ أنفاسه الأخيرة وتنفصل عنه زوجته الأولى عام 1993، بعدما اكتشفت خيانته لها مع سيدة أخرى وهي ماربينا ولير التي أصبحت فيما بعد زوجته الثانية.

بوريس جونسون

من الصحافة إلى "اللعب" السياسي

عاد جونسون بعد هذه السنين إلى لندن، مستكملًا عمله الصحافي بتوليه مهام محرر مساعد في صحيفة "التلغراف" عام 1994 وقد كان اسمه مألوفًا لدى الجمهور البريطاني، قبل أن ينتقل ليعمل كاتبًا صحافيًا في مجلة "السبيكتيتر" الأسبوعية.

أما عام 1997، فاختار بوريس جونسون أن يطلق العنان لطموحاته السياسية حيث ترشح عن حزب المحافظين في الانتخابات التشريعية لكنه خسر آنذاك أمام مرشح حزب العمال مارتن جونز.

واختار السياسي الطموح الاقتراب أكثر من الجمهور البريطاني عبر الشاشة الصغيرة من خلال برامج تلفزيونية متنوعة مثل برنامج "أي غوت نيوز فور يو" (I Got News for You) الذي طغى فيه أسلوب الإثارة على مداخلته إضافة إلى طريقة تصفيف شعره التي أصبحت علامة مميزة بالنسبة له.

وعام 1999 عُرض على بوريس جونسون رئاسة تحرير "السبيكتيتر" بشرط التخلي عن طموحاته البرلمانية "مؤقتًا" فقبل بذلك، لتسهم رئاسته للمجلة السياسية الهزلية في صعود نجمه داخل حزب المحافظين.

هذا الأمر دفع جونسون إلى إلغاء اتفاقه مع المجلة عام 2001 حين قرر خوض الانتخابات البرلمانية عن مدينة هينلي، حيث فاز بأغلبية الأصوات التي زادت عن 8000، وسرعان ما أصبح أحد أكثر السياسيين شهرة في البلاد.

أما المفارقة مجدًدا، فكانت أن زميل الدراسة كاميرون أصبح نائبًا أيضًا في العام نفسه.

وتقلّد بوريس جونسون منصب رئيس حزب المحافظين بين عامي 2003 و2004، وشغل منصب وزير الفنون في حكومة الظل بينما أصبح كاميرون وزيرًا للتربية ثم زعيمًا لحزب المحافظين. وفي الوقت عينه، واصل جونسون ظهوره في برامج الترفيه مثل "توب غير".

لكن مجدّدًا، أطيح بجونسون من منصبه في الحزب عام 2004 بسبب فضيحة خيانة زوجية، حين كُشفت علاقته مع الصحافية البريطانية بترونيلا وايت رغم كذبه بشأنها حين سُئل عنها من قبل قيادات حزب المحافظين.

إنما رغم ذلك، فاز جونسون بمقعد برلماني في العام التالي وتقلّد منصب وزير التعليم العالي في حكومة الظل بين عامي 2005 و2007.

جونسون.. السياسي العنصري

بالتزامن مع عمله السياسي، ألفّ السياسي المثير للجدل عددًا من الكتب من بينها "حلم روما" عام 2006 الذي قال فيه إن الإسلام "أرجع العالم قرونًا إلى الوراء"، معتبرًا أنه "أشد الديانات قسوة وشراسة تجاه غير المؤمنين".

كما لم يتردد لحظة في الإساءة إلى المسلمات المنتقبات فشبّههن بـ"لصوص البنوك" و"صناديق البريد"، قبل أن يواصل تعليقاته العنصرية تجاه السيدات الماليزيات حين صرح إنهن يذهبن إلى الجامعة "فقط للعثور على زوج".

ورغم رفضه اتهامه بالعنصرية لم يجد حرجًا في وصف السود من دول الكومنولث بـ"أصحاب ابتسامات البطيخ" 

جونسون.. عمدة لندن

لم يمنع الجدل الكبير الذي رافق اسم بوريس جونسون، من أن ينتخب الأخير عمدة للندن عام 2008 رغم المنافسة الشرسة من مرشح حزب العمال كين ليفتغستون الذي تقلد ذلك المنصب منذ إطلاقه رسميًا عام 2000.

وكانت أشهر قرارات العمدة الجديد جونسون، منع المشروبات الكحولية في وسائل النقل العام. كما عرف بمظهره الملفت للانتباه ودراجته الهوائية حتى إنه طرح مشروعًا ضخمًا يشجع على استعمال الدراجات في لندن.

وحافظ جونسون على منصب عمدة لندن 8 سنوات بعد أن أعيد انتخابه عام 2012.

قائد الخروج العظيم من أوروبا

عام 2015 انتخب بوريس جونسون مجدًدا عضوًا في البرلمان لكنه خسر منصب عمدة لندن أمام صادق خان عام 2016، ليتحول مشروعه السياسي في هذه الفترة إلى الترويج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما أصبح يعرف باسم "بريكست"، حيث شاركه في ذلك السياسي نايجل فاراج مؤسس حزب "بريكست".

وفي الفترة التي سبقت استفتاء "بريكسيت" بشهر يونيو/ حزيران عام 2016، أثار جونسون مجدّدًا الجدل بحافلته التي جاب بها شوارع لندن وعليها ملصقات تفيد بأن بريطانيا ترسل للاتحاد الأوروبي 350 مليون جنيه إسترليني أسبوعيًا داعيًا إلى ضخ هذا المبلغ عوضًا عن ذلك في هيئة الصحة الوطنية.

لكن سرعان ما اتضح أن هذا الادعاء غير صحيح ودخل على إثره جونسون في معركة قضائية وصفت بأنها الأولى من نوعها في العالم بعد اتهامه بـ"سوء السلوك والكذب على الجماهير بشأن الأمور المالية"، بحسب "الفايننشل تايمز".

وعام 2016 صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ما دفع رئيس الوزراء وزميل بوريس جونسون الدراسي والمهني، ديفيد كاميرون، إلى الاستقالة من منصبه في العام نفسه بعد أن كان قد نظم الاستفتاء إيفاءً بوعد انتخابي له عام 2015.

وعليه، بات جونسون طامعًا لخلافة زميله، لكن آماله تلاشت بعدما رأى بعض زملائه في الحزب أنه "غير مؤهل لقيادة البلاد"، لتتولى تيريزا ماي المنصب آنذاك فيما أعطي لجونسون حقيبة وزارة الخارجية في خطوة أثارت الكثير من الجدل.

 وخلال ولايته هذه، دعم جونسون التدخل العسكري بجانب أميركا في سوريا قبل أن يعلن استقالته من الحكومة احتجاجًا على سياسة ماي فيما بتعلق بإجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي يوم 9 يوليو/ تموز 2018.

ومهدت هذه الاستقالة الطريق أمام جونسون لصعوده إلى قيادة حزب المحافظين عام 2019 ومن ثم تحقيق هدفه الأبرز وهو رئاسة الوزراء عقب استقالة ماي التي فشلت في التوصل إلى اتفاقية للانسحاب.

حينها، حقق حزب المحافظين تحت زعامة جونسون انتصارًا كبيرًا في انتخابات 2019، وحقق وعده بإنفاذ "البركسبت" إذ خرجت بريطانيا نهائيًا مطلع 2021.

كورونا ومتاهات الفضائح

أما مؤخرًا، فقد أوقعت جائحة كوفيد-19 رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون بمتاهات سياسية وأخلاقية جمة، حيث ضيقت الفضائح المتتالية الخناق عليه.

ومن أبرز هذه الفضائح اتهامه بإقامة احتفالات وتجمعات مخالفة للإجراءات الاحترازية التي فرضها هو وحكومته على الشعب البريطاني، حيث ظهر وهو بحتسي النبيذ مع خطيبته حينها كاري جونسون و17 موظفًا آخرين في الحديقة الخلفية لمقر رئاسة الحكومة في لندن، يوم 15 مايو/ أيار 2020.

وبعد 5 أيام فقط حضر جونسون احتفالًا آخر في مقر رئاسة الحكومة، في فضيحة كان تأثيرها أكبر بعد تسريب دعوة إلكترونية إلى حفل لشرب النبيذ في مقر الحكومة أرسلت إلى أكثر من 100 شخص لبّى نصفهم تقريبًا الدعوة.

وتفجرت فضيحة أخرى هي "الفساد" و"عدم النزاعة" بعدما فرضت لجنة الانتخابات البريطانية في ديسمبر/ كانون الأول 2021 غرامة قدرها أكثر من 17 ألف جنيه إسترليني على حزب المحافظين تتعلق بتكلفة التجديد الباهظة لشقة جونسون في مقر رئاسة الوزراء التي بلغت نحو 112 ألف جنيه إسترليني ومولت بتبرعات خاصة لم يعلن الحزب بدقة حجمها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close