الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

هل تجهض إجراءات سعيّد التجربة الديمقراطية في تونس؟ 

هل تجهض إجراءات سعيّد التجربة الديمقراطية في تونس؟ 

Changed

لا يزال الجدل قائمًا في تونس حول تأويل المادة 80 من الدستور التي استند إليها الرئيس قيس سعيّد لتعليق عمل المؤسسات فيما تقف تجربة البلاد الديمقراطية على المحك. 

مرّت نحو 48 ساعة على الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد وفقًا للمادة 80 من الدستور ولا يزال الجدل قائمًا في تونس حول التفسير الصحيح لهذه المادة ولقانونية الإجراءات.

وكأن تونس محاصرة بمادة يؤولها الخبراء الدستوريون على نحو ويطبقها سعيّد على نحو يخدمه، ويبني على الديمقراطية في تونس الكثير من الحواجز. يجرهم  إلى ما يزعم أنّها مساحته حيث القوانين وموادها وتأويلها. يقفز سعيّد على حواجز تأويل المادة ثمانين من الدستور مستغلًا غياب المحكمة الدستورية وهي من بيدها تفسير نصوص الدستور.

وينص الدستور التونسي على تطبيق المادة 80 من الدستور إذا مرّت الدولة بوضع غير عادي أو داهمها خطر مهدد لكيانها أو استقلالها.

وفي تقدير سعيّد، خروج احتجاجات محدودة قبل أيام ومئات المتظاهرين المطالبين بإسقاط الحكومة والبرلمان كفيلة بإثبات الحالة. 

وتنص المادة أيضًا على أن يبقى المجلس النيابي منعقدًا وإن اتخذت بقية الإجراءات المرتبطة بالحالة الطارئة، غير أن سعيّد لم يحل البرلمان بل علّق أعماله وجمّد عضوية نوابه حتى من دون نص دستوري أو التشاور مع شركاء الحكم ومؤسساته الدستورية. 

وقد تعثر الرئيس بتأويلاته الدستورية في المادة المذكورة عند قراره استمرار الوضع على ما هو عليه ثلاثين يومًا فقط، فالمادة 80 تحيل سعيّد على المحكمة الدستورية. ويقول نصها: "إنه ينبغي أن يعهد الرئيس إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 من أعضائه البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه".

في المقابل يقلق البعض من تصرفات الرئيس الذي أخذ من الدستور ما يلغي خصومه. كذلك فإن المجتمع الدولي وفي شكه بتفسير المادة الدستورية غير راض عن ما جرى في تونس.

من جهتها، تحاول حركة النهضة مداواة الوضع وتدعو سعيّد للعودة عن قراراته ومعالجة تحديات البلاد داخل صفحات الدستور، وتطالب بإجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة. وقد يرمي سعيّد البلاد في المجهول إن تتطلع لتعطيل العمل بالدستور في خطواته اللاحقة.

خرق للدستور

يعتبر النائب في البرلمان التونسي وعضو المكتب التنفيذي لحركة "النهضة" محمد القوماني أن الرئيس سعيّد خرق الدستور بشكل جسيم من خلال الإجراءات التي أعلنها وذلك استنادًا إلى أساتذة القانون وليس للخصومة السياسية مع النهضة.

ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: "ما هو الخطر الداهم؟ هل هو الاحتجاجات التي شهدتها البلاد؟ أم هو الخطر الصحي والمالي"؟. ويعتبر أن تحديد الأسباب مهم لتحديد فترة زوال الوضع الاستثنائي. وتنص المادة 80 على ضرورة استشارة رئيسي مجلس النواب والحكومة وهو ما نفاه رئيس مجلس النواب، بحسب  القوماني.

كما يؤكد أن المادة تنص على استشارة رئيس المحكمة الدستورية. ويعتبر أن خطوة الرئيس ستفتح المجال أمام مؤسسات أخرى لإتخاذ إجراءات اعتمادًا على مواد أخرى دون الرجوع للمحكمة الدستورية. 

وحول اتهام حركة النهضة بتعطيل قيام المحكمة الدستورية، يقول القوماني: "النهضة تتحمل تأخر قيام المحكمة الدستورية ولكن ليس لوحدها". ويحمّل جميع الكتل النيابية مسؤولية التأخير. ويضيف: "هذا خطأ ونحن نسمح بالإعتراف به".

ويؤكد أنه لا يمكن تعليل إجراءات غير دستورية بحجة تأخر المحكمة. ويشير إلى أن المخارج السياسية لا تزال ممكنة. 

تعثر إقرار المحكمة الدستورية

من جهته، يعتبر الباحث السياسي طارق الكحلاوي أن ما يحصل هو نتيجة لفشل إقرار المحكمة الدستورية. ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: "فشلت كتلة النهضة عمدًا في إقرار المحكمة".

ويعتبر أنه لا يمكن تأويل الدستور دون قراءة السياق. ويضيف: "نحن لا نعيش ديمقراطية مستقرة مثالية قدمت للتونسيين ما يريدون، بل نتحدث عن أغلبية نيابية ساهمت في إرساء ديمقراطية فاسدة".

ويرى "أنه لا يمكن الحديث عن ما يجري في تونس دون الحديث عن الأغلبية النيابية وعلى رأسها حركة "النهضة".

ويشير إلى أن إعادة إرساء الوضع الدستوري متعلّق بالتراكمات. ويرى أن ما حصل ليل 25 يوليو/ تموز خطير. 

قرارات سعيّد لا تعكس التجربة الديمقراطية

وفي المقابل، يرى المدير التنفيذي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية علاء طالبي أنه لا يمكن النظر للتجربة الديمقراطية في تونس والحكم عليها انطلاقًا من قرارات سعيّد الأخيرة. 

ويقول طالبي في حديث إلى "العربي" من تونس: "إنه لو كانت المحكمة الدستورية موجودة لما كنا الآن أمام محاولة تأويل تفسير المادة 80 من الدستور".

ويعتبر أنه لا بد أن تكون هناك قراءة اجتماعية لأن عشرات الأشخاص خرجوا اعتراضًا على الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية.

ويضيف: "لو كانت المحكمة الدستورية موجودة لفصلت في الخلاف بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة وفصلت في تأويل الفصل 80". 

كما تحدّث طالبي عن مسؤولية سياسية تتحملها جميع الأطراف والأحزاب التي شاركت في إنتخابات عام 2014 "لأنها عطّلت عمدًا قيام محكمة دستورية". 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close