الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

الثقة تبدّدت.. لماذا يتصاعد الخلاف بين شركاء الحكم في السودان؟

الثقة تبدّدت.. لماذا يتصاعد الخلاف بين شركاء الحكم في السودان؟

Changed

قد يعوّل المجتمع الدولي على رئيس الحكومة عبد الله حمدوك في خلق توازنات وتوافقات جديدة بين الشركاء في الحكم وخارجه، وسط مشهد مرشّح لأصعب السيناريوهات.

تتسارع التطورات في السودان تحت أعين المجتمع الدولي، حيث تتمسّك واشنطن بالتحول الديمقراطي، وتدعمه الدول العربية والخليجية، وكذلك تحرص على استكماله الأمم المتحدة.

لكنّ الثقة تبدّدت بين شركاء الحكم في السودان، حيث احتدم الخلاف وتصاعدت وتيرة التصريحات بين العسكريين والمدنيين منذ إعلان هذا الخطاب.

وقد يعوّل المجتمع الدولي أيضًا على رئيس الحكومة عبد الله حمدوك في خلق توازنات وتوافقات جديدة بين الشركاء في الحكم وخارجه، وسط مشهد مرشّح لأصعب السيناريوهات.

"تصحيح المسار"

في التفاصيل، أعلنت رئاسة المجلس السيادي وصاية الجيش على البلاد، محمّلة شريكها في الحكم مسؤولية ما آل إليه الوضع، فيما اتّهم المدنيون العسكريين بسعيهم إلى الانفراد بالسلطة.

وانتقل السجال إلى القوى المدنية، حيث برزت انشقاقات داخل قوى الحرية والتغيير، وقادت وجوه بارزة في حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة ميلاد توافق وطني جديد.

ويقول هؤلاء إنّ الوقت قد حان لتوسيع الحاضنة السياسية وتصحيح المسار، حيث لم تتحقّق حكومة كفاءات مستقلة ومجلس تشريعي ومحكمة مستقلة وبنود أخرى من الوثيقة الدستورية.

وعلى الخط، دخل تجمّع المهنيين بحشده حراكًا شعبيًا لا تنادي شعاراته بتصحيح مسار الثورة فحسب، بل بإلغاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية الحالية.

وعلى الجبهة الأخرى، تبرز احتجاجات مستمرة منذ أسابيع شرق السودان، أغلقت الموانئ وخلقت أزمة مواد أساسية في البلاد، ويطالب قادتها القبليون بحلّ حكومة حمدوك، على أن يتولى الحكم قادة عسكريون في وقت اقترب فيه موعد تسليم السلطة الانتقالية إلى المدنيين.

الحاضنة السياسية "غير متجانسة"

يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر أحمد أبو شوك أنّ العلاقة بين العسكر والمدنيين ظهرت من اليوم الأول للائتلاف بينهم، حيث كان واضحًا من اللحظة الأولى أنّ هنالك اختلافًا في وجهات النظر.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ الحاضنة السياسية تريد أن تُحدِث تغييرًا ديمقراطيًا، في وقت دخل العسكر بحجّة حماية أنفسهم، وربما ليحافظوا على مؤسسات النظام القديمة.

ويلفت إلى أنّ الوثيقة الدستورية جاءت بمثابة وثيقة مرجعية بين الطرفين، لكنّ الأمور تغيّرت كثيرًا بعد ذلك، علمًا أنّ من ضمن البنود الواردة في الوثيقة إعادة هيكلة القوات المسلحة، إذ يوجد في السودان أكثر من أربعة جيوش.

ويشدّد على أنّ الحاضنة السياسية غير متجانسة، فهي توحّدت فيما يختصّ بإزالة النظام القديم، لكن بعد ذلك بدأت تظهر الخلافات الإيديولوجية والخلافات السياسية المرتبطة بمصالحها القطاعية بعد عملية التغيير.

ويخلص إلى أن اتفاق جوبا أفرز واقعًا جديدًا لأنه خلق ثلاث مكوّنات هجينة، مكوّن يمثل الجيش وآخر يمثّل حركة الكفاح المسلح، والطرف الثالث هو الحرية والتغيير

صراع حول النفوذ والسلطة والمال

من جهته، يرى رئيس تحرير صحيفة الحدث الإلكترونية عادل الباز أنّ الصراع الجاري في السودان منذ بداية الفترة الانتقالية هو صراع حول النفوذ والسلطة والمال كأيّ صراع سياسي.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من الدوحة، إلى أنّ العسكر لهم مصلحة في السيطرة على كلّ الشركات التابعة لهم وهم حريصون على التدخل في الاقتصاد وعلى البقاء في المقعد الذي يمكّنهم من إدارة العملية الاقتصادية.

ولا يرى أنّ هناك محاولة انقلابية جادة حصلت في السودان، معتبرًا ما حصل حركة احتجاجية تعبيرًا عن الغضب داخل الجيش في ظل شكاوى من قلة المرتبات وتدهور الواقع وعدم احترام المكون المدني له.

وإذ يعتبر أنّ الجيش يغلي من الداخل، يخلص إلى أن الحراك الأخير الذي جرى في السودان كان بسبب هذه المحاولة، حيث بدأت بعدها القوى السياسية تتخذ موقفًا مغايرًا للقوى العسكرية وبدأ الصراع المكتوم يتفجّر.

المؤسسة العسكرية "صاحبة الكلمة العُليا"

ويتحدّث الأكاديمي المختص في الشؤون الإفريقية محمد تورشين بدوره عن "تجربة مختلفة" يشهدها السودان اليوم، على وقع التغييرات التي طرأت على المؤسسة العسكرية.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من باريس، أننا أمام مؤسسة عسكرية شاركت بشكل أو بآخر في الانحياز إلى الحراك الشعبي والجماهيري، ونتيجة للتقاطعات الإقليمية أصبح لها تواصل مع قوى إقليمية ودولية وكان لها تأثير كبير في مسألة التطبيع مع إسرائيل.

ويلفت إلى أنّ المؤسسة العسكرية بات لديها تأثير على المشهد السياسي مستمَد من المحيط الخارجي والدولي. ويضيف أنّ السلطة السياسية كان لديها تصورات لإدارة الفترة الانتقالية لكن بعض القوى الإقليمية والدولية كانت لديها تأثيرات مختلفة ونماذج كانت تسعى لتنفيذها.

ويشدّد على أنّ كل هذه المعطيات جعلت المؤسسة العسكرية صاحبة الكلمة العليا في الكثير من التقاطعات والإشكاليات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close